Sunday, August 29, 2010

توابل سحرية


أنا احب طهي الكبسة لأنها سهلة وبسيطة وانتهي من إعدادها في لمح البصر
إناء طهي واحد على النار أضع فيه كل المكونات التي أعددتها من قبل وحرصت أن ارتبها جوار بعضها كأني اقدم حلقة في برنامج تليفزيوني
عندما اطهو الكبسة اشعر أني أعد وصفة سحرية ربما لأن الملعقة الخشبية تعطيني إحساس بذلك والقدر الذي يشبه ذلك الذي تستخدمه الساحرة في وضع وصفاتها لا ينقص قدري سوى الضفادع ..
الضفادع التي تبدو اساسية في كل وصفات السحر
في هذا الصنف من الطعام استخدم يدي لوضع التوابل
أنا في الغالب استخدم ملعقة لوضع التوابل والبهارات على الأطعمة
لكن مع هذا الصنف استخدم يدي
بطبيعتي لا استخدم مقادير في صنع الطعام .. احساسي يدلني
الأشياء تتحدث معي وتسرسب لي أسراراها
اذا سألتني صديقة عن مقدار معين لصنف جربته من يدي وأعجبها أخبرها بخطوط عريضه عن مكوناته لكني ابدا لا أعرف المقادير

البهارات التي استخدمها للكبسة خاصة وكثيرة ، بعضها خلطته بنفسي واختبرت لأجل شكله النهائي الكثير من الأنواع الأخرى
أنا احب محلات العطارة ، واقضي فيها وقتا كالذي أقضيه في مكتبة الشروق فرع طلعت حرب أو ديوان الزمالك .

الجزء الأكثر متعة وإثارة عندما أطهو الكبسة هو ذلك الذي أمد فيه يدي داخل علب التوابل
أتذكر في تلك اللحظة الوصف الذي كتبته إيزابيل الليندي في كتاب " افروديت "
قالت في وصف الحبيب
نفسه مثل عسل مطيب بالقرنفل الفواح
فمه حلو مثل مانجا ناضجة
تقبيل جلده مثل تذوق اللوتس
تكويره سرته الخفية مثل ضمة من توابل
ما تبقى من ملذات وحده اللسان يعرفها
لكنه لا يستطيع البوح بها

- ضمة من توابل – لا أعرف لماذا يثيرني هذا الإحساس
عندما أطبق يدي على التوابل الخاصة تلك اشعر بإحساس مهيج من البهجة ، إحساس من الصفاء لا يحققه سوى ضمة من يد الحبيب جاءت في لحظة اتمشي فيها جواره وافكر في لمسة منه .
إحساس من البراح يحققه لي الجلوس على شاطئ النهر في نهار مشمش وشجي مثلي .

في المرة الأولى التي شعرت فيها بذلك الإحساس الممتع
ابتسمت من فرط النشوة ، وضعت يدي في علب التوابل الأخرى وضممت بعضا منها ثم نثرته على سطح الإناء
فشعرت أني أنثر أحلاما على سطح القمر الفضي ، وشعرت أني أبعثر محبتي ببذخ على رجل اعرف انه يستحق .
أستخدم أعواد القرفة الخشبية ايضا في وصفتي عندما أمد يدي لها أتحسسها بغواية
أمرر لها لمستي لتحفظها ، أقربها من فمي وأحفظ في ذاكرتي رائحة عود القرفة الخجل والذي سيتعرى تماما ويعطى احلى ما فيه عندما اضعه في الإناء واحكم الإغلاق .

عندما اطهو الكبسة وأغلق الإناء عليها
أخرج من المطبخ وأنا أخف أشعر كأني أطير من الوله
أشعر أني صرت أحلى وارق لأن إختلاطا واهيا حدث بيني وبين التوابل ، أسرارا مرت بيننا ، وحكايات ، ولمسات حسية أغوتني بها تماما فأسلمت .

Wednesday, August 25, 2010

البنت التي تكتب



البنت التي يعايرها الرجال أنها ليست عادية
تشبه كل الفتيات الأخريات المصنفات مثلها في خانة – الصديقات – لأن البيت له إمرأة أخرى .

البنت التي تمشي في الشارع كل يوم بدهشة طفلة تجرب الخطوات للمرة الأولى
التي تضحك حتى تختلط ابتسامتها بالهواء ويتسرب لقلبك فتذكرها كثيرا كلما شاهدت ضحكة تمشي بحذر لتعبر الطريق دون ان تدهسها سيارة الرش .

تشبه الأخريات
تدندن بأغنيات منير في الشوارع دون أن تتأثر بالشاب الذي يقتحم خصوصيتها ويخبرها ان صوتها حلو
تضع الإنجيل جوار المصحف
وتقرأ نشيد الإنشاد كثيرا لأنها تحبه
تماما كما تحب سورة الأنعام

تحب إيزابيل الليندي وتنتظر افلام ميريل ستريب وجوليا روبرتس

وتختار أن تخبئ أناملها في كف رجل تحبه لانها تراه مكانا أمينا ، تميل على كتفه لتسند راسها عندما يملئها دوار النشوة وهي في حضنه
تكتب له في الصباح قصيدة ولا تنسى أن تكتب له على الوسادة عدد مرات ممارسة الحب بينهما في الليلة الفائتة كجزء من هوسها بتسجيل الأرقام بسبب الوسواس القهري الذي تعاني منه .

تصنع لنفسها كوبا من القهوة ، وتجلس منكمشة على الكرسي المجاور للفراش تتابعه وهو يستيقظ ، تنتظر أن تسمع صوته المغبر بالنوم
تنتظر ضحكته الأولى لتعرف أن الشمس ملئت الكون .

البنت التي تحب فريدا كويليهو
لأنها أيقونة صمود

وتقرأ كثيرا ، وتكتب لأن الكتابة طريقتها لتحيا
وتخبز في ليالي الحزن أشياءا طيبة ، وتصنع كعكة البرتقال التي يحبها هو
وتدخل المطبخ فتمارس السحر دون أن يعاقبها رجال الدين بالحرق
وتستيقظ في الصباحات الباكرة لتجلس في الشارع على الأرصفه تتابع النسمات
والبشر وتلملم الحكايا

البنت التي تحب الصيف وحدها وتعرف أن الشتاء يحتاج لصحبة لا تملكها
وقوس قزح يقبل ان تطويه في حقيبتها لتفرده عندما يجئ المطر
تقف جانب الصيف الذي يسرسب لها الشمس المبهجة وحرارة الأجساد وحركة العرق التي تدغدغ الروح وتروى جفاف الحلم ورشرات الملح التي تترك على شفتيها طعم قبلة الصيف لها .
ترقب من الجانب الآخر الشتاء الذي وعدها رجل تحبه أن يعبر بها نحوه لأن لديه فائض من اقواس قزح المطيعه التي تقبل بكل رحب أن تصنع لهما جسرا من الألوان يصلح لرقص التانجو تحت المطر

البنت التي تتمنى لو احبها أكثر ، لو رأى شغف عيناها
لو سمع دقات قلبها التي تغني له اغنيات جنية خضراء صغيرة
لكنه بدلا من ذلك كله
ينظر لها كل صباح وهو فاقد التركيز ومشوش
يحكي لها عن نساء أخريات تعجبه استداره اجسادهن ، وطيبة ارواحهن
يحكي لها كل ذلك دون ان يلحظ خيط دموعها
فقط يردد عندما يغادر الحجرة أنها بنتا ليست عادية وأنها تكتب

يردد ذلك بصوت مسموع
قبل ان يهمس لنفسه فقط لو كانت عادية.

Tuesday, August 24, 2010

البنطلون الأزرق



تحتاج صديقاتي أعمارا جديدة بعدما اهترأت قلوبهن
وأحتاج أنا للمزيد من الطاقة والحب لأكتب
وينقص رجل كان في عالمي وغادر بعض الوقت ليندمل جرح خروجه من الكون الصغير الذي يخصني
بعض الوقت لأقطع وحدي مسافات سير أكثر من التي اقتسمتها معه
بعض الوقت لأحلام لا يعرف عنها شيئا ، المزيد من الساعات التي أقرا فيها كتابا جديدا لم يرشحه لي ولم ادسه أنا وسط اوراقه عندما ارتب له طاولته

المزيد من الساعات حتى ينسى جسدي طريقته في لمسي والربت على يدي وإخفائي في حضنه .
الكثير من الحكايات الجديدة التي ستملأ عقلي الصغير حتى يلتبس عليّ وجوده
احزان جديدة وأنكسارات أخرى تهون عليّ الوجع العظيم الذي يشق روحي

رجال آخرين
يصنعون المزيد من الندوب
لأنساك
أحتاج للمزيد من الجهد والفوضى

التشبث بالبنطلون الأزرق القديم مثل ما بيننا
البنطلون الذي اشتريته وقضيت فيه شهرا كاملا على سرير ابيض في المستشفى
نفس البنطلون الذي كان يرتديه كل من يجئ للحجرة التي نسيت رقمها وينوي المبيت مع أمي
البنطلون الذي عاد معي للبيت وبقى بعد رحيلها
وكان له حضور وشعبية عجيبة في البيت كنا نحبه جميعا وننتظر أن ينشره احدنا على حبل الغسيل حتى يخطفه الاخر ويخبئه حتى يرتديه في المساء

بقينا على هذا الحال 3 سنوات
حتى سئم منه الجميع وفزت به في النهاية ، وصار زيي المفضل عندما اجلس للكتابة
صار جزء من طقس التشبث بالحروف عندما تغيب وتتدلل

المزيد من الوقت داخل هذا البنطلون سيعني اني سأكتب أشياء أحلى لست بطلها ولم نقتسمها معا

سيذكرني كلما صار أكثر رقة ونعومة أن المزيد من الوقت يمر
وقتا كافيا تماما للنجاة
 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner