Monday, February 27, 2012

رجل متخيل وسحابات تذوب


لم تعد الحياة سهلة يا صديقي ، لم يعد هناك شيئا محتمل

أصبحت تفسد كل قطع السحاب البيضاء التي تضعها امامها على المكتب لغزل بعض الحكايات

السحاب يذوب في يدي لماء مر ، أجرب برودة مؤلمة لأطرافي ، فأتذكر إحساس يدي وهي تقبض على ثلج الفريزر ، لم يعد هناك ثلج بعد اختراع الثلاجات نو فروست .

ففقت للأبد إحساس كيت وينسلت وهي تتتعلق بالخشب وتترك حبيبها للموت في تايتنك .

لم يعد في المدينة حب ، بعد رحيل الأحلام والهلاوس الطيبة.

تعاطي الواقع يشبه السجائر الصينية المحشوة بالروث بدلا من التبغ .

لم تعد الحياة سهلة ، ولا الكتابة طيبة .

حتى ونحن نجلس في دائرة – الشكل الهندسي الأكثر تأثيرا في قلبي – دائرة تقي من الحزن ، وتمرر البهجة والزحام الذي يهمس في روحي المتجمدة – لست وحدك- دائرة الأصدقاء الأثيرة على مقهى صالح تحوطك ، وتمرر المعتاد " الكتب والأفلام ، والحكايات والنكات ، والتلميحات القبيحة ، التي تنتهي بضحكات مرحة تتقافز مثل ضفادع خضراء في فيلم كرتون .

ربما أحتاج لقبلة عميقة وصادقة من رجل أحبه ، لأصدق في أني أفضل النساء ، سيبدو كلامي صادما لرجولة الرجل المتخيل الذي أعلقه على مشانق سطوري بأمان وثقة ، الرجل المتخيل الذي يختلط عليّ كثيرا وجوده في الحد الفاصل بين العدم والعالم

فتاة وحيدة كانت تفكر في علاقتها برجلها المكتوب ، لو استبدلته برجل من لحم ودم كتب اسمه على خاتم من الذهب حرصت أن تكسر لون الذهب فيه بخطوط بيضاء تذكرها بالفضة التي تحبها .

الرجل المكتوب – المتخيل- أو هو في الحد الفاصل بين التشويش والواقع العبثي الذي يجعل نشرات الأخبار تشبه الخدعة القديمة والرواية الكابوسية لجورج أوريل في مزرعة الحيوان وجملتها الأخيرة التي بدت كنبوءة أبدية مشؤمة بإمكانها ان تصبغ لون الثورات في تاريخ الإنسانية للأبد .

كانت خاتمة الرواية تقول " في الخارج كانت المخلوقات التعسة تنتقل بأبصارها من الخنزير إلى الرجل ، ومن الرجل إلى الخنزير وقد اختلط عليها الأمر ، فما عادت تميز بين هؤلاء وهؤلاء . "

كنت أفكر في قبلة من رجل أحبه لتعزز رغبتي في النساء ، وعلاقتي برجل من حبر ، وبغضي لرواية أورويل .

أصرخ في وجه رجل الكتابة ، وأطلب منه أن يتوقف عن إيلامي

فقط أحتاج للهدوء في حضنك وإنتظار النهار

بينما أتأمل الآن بقايا فنجان القهوة ، وكراسة البردي التي أهداها لي طه عبد المنعم في عيد ميلادي الماضي ، فأفكر في نصه المتخيل الذي يشبه الحفل الموسيقي الذي حضرناه معا ، حمالة صدر رمادية وضعتها هنا منذ أمس لأرتديها ثم غيرت رأيي وأخترت غيرها .

هاتفي الذي أغلقه طوال اليوم ، الجريدة التي يزعجني الذهاب إليها ، الطريق الممتلئ بالنخل الذي أحبه ، الشتاء الذي وعدني أن يغادر قريبا .

وأنت الذي قايضت بك رجل متخيل يصلح للكتابة ، وهوس غامض تجاه النساء ، وإعجاب مقلق بجان جينيه وهو يتحدث عن الكتابة والحرية ومضاجعة الغلمان

Thursday, February 16, 2012

سينما محمد فاروق



أشتريت كتاب " محمد فاروق" لأنه ولد لطيف ، ابتسامته طيبة وطاقة روحه رائقه ، هذا ما أقوله لنفسي كلما قابلته صدفة ، وحيا كل منا الآخر .

فاروق صديق لأصدقائي ، وفي وسطنا الأدبي صديق الأصدقاء هو صديق ، وفي روحي أعرف أن الذين يكتبون بينهم صلة دم ونسب .

مجموعة محمد فاروق " سينما قصر النيل " كانت على الرف في " ميريت " في هذا الموسم المميز ، بعد عام تقريبا من امتلاء الحياة بكتب الثورة ، ما نراه على الصحف ونشاهده في برامج السخافة التي تملأ الشاشات ، ونشارك فيه سواء في شوارع وسط البلد والميادين والمقاهي والمواصلات ،نقرأه أيضا في كتب .

لعنة أن تكون هنا بينا يصنع جزء من التاريخ ، تشاهده وتشارك فيه وتهز رأسك وأنت تراه يمسخ امامك .

موسم جديد للكتب ، مجموعات قصصية ودواوين شعر وبعض الروايات

أشعر بالفرحة وأنا أجمع الكتب من على الرف ، في البيت أبدء بفاروق .

غلاف جميل للصديقة سعاد عبد الرسول ، وقصة أولى بعنوان المجموعة " سينما قصر النيل "

أنهى المجموعة الصغيرة في يوم ، ابتسم معها ولها ، وأعرف أني أكتب نقد إنطباعي سئ ومثير للشفقة ، لكني أردت حقا ان أكتب عن قصص فاروق .. ذلك الحس الراقي للسخرية الشديدة ، الحسرة التي تبدو صوتا يعزف بحماس من أرواح كل أبطال المجموعة ، الرمزية التي تشبه الأحجيات .

هنا في بعض القصص نسمع حكايات العمر لنساء ورجال ، لا يقطع الموت الحكايات وإنما يمر عبرها فلا يخدش شئ ، هنا في هذه المجموعة سنعرف أن احد لن يضاجع القضية الفلسطينية /، سنشعر بشفقة تجاه رجل

الإسفنج الذي وقع في غرام عروسة الحلوى .

سنفكر كثيرا في حالنا في قصة عزلة الفئران ، سنفكر ونخاف ثم ننسى حتى نلقى مصير مشابه .

هناك حكايات أختصرت الحياة في صور لألبوم ، ما بين البدء والموت لقطات في صور غير موجودة .

القصص كلها بها تجريب وطزاجة ، ولغة جميلة .

كل القصص اعجبتني ، قصة واحدة بدت أجمل من الكل ، وأقوى من الآخريات حملت اسم " إ م رأة "

قصة بديعة ، خدشت قلبي ، وتركت فيه أثرا يخصها ..

كانت تسأل المرآه في القصة " ما اسم هذا الشئ الذي يعتصر قلبي . هو شعور فريد من الفرح والحزن وشئ من بكاء .

وعندما تتساءل عن سبب قسوة الرجل الآخر فتقول " هل لابد أن يعرف امرأة تصنعها النجوم لكي يكون أكثر إنسانية .

هذه القصة دمجت الكون وأشياءه مع الحب ، فردت أمامنا كل شئ ثم جاءت رقصة عاصفة وحولت كل شئ لصمت ورماد .

مجموعة أولى لمحمد فاروق تحمل كل هذا التميز والجمال تستحق الكثير من التحية .


 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner