Monday, March 30, 2009

قبل اكتمال البدر


أراقب القمر من نافذة مطبخ العجوز البيضاء ممتلئة الجسد
التي رايتها مرة في فيلم تسجيلي للمخرجة التي تشبه – هالة- زوجة عمي
أفكر وأنا داخل اللقطة أن أصنع " حلوى البودنج " وبعض حلوى الفانيليا القطنية
وأحرر بعضا من دموعي .
وأملأ كف يدي ببودر السكر الناعم قبل ان ارسله بنفخة شقيه
في اتجاه القمر الصغير المعلق في السماء السوداء بفعل عباءة دراكولا
الذي عضني في ليلة اكتمال القمر منذ ألف عام .

يعلق سكر البودرة على شفا القمر المبتسم لي
يرسم خيطا أكثر عرضا على قوس القمر غير المكتمل

في الليالي التالية أملأ كفي بقطع الثلج والدقيق
وأنفخ فيها من نافذة ذلك المطبخ ويكبر قوس القمر
في الليلة الأخيرة قبل اكتمال القمر
أجتر كل ذكرياتي معك
استرجع لمستك الأولى ليدي ..
وقبلتك الهادئة على شفتي السفلى
لأني لم اسمح لك بلمس شفتي العليا الرقيقه التي تدغدغني بقسوة .
استرجع تفاصيل غوصك في أعماق روحي –
أشتم عبق سكر البوردة والفانيليا وبرودة الثلج
التي لامست صحراء جسدي البعيدة عن متناول العالم
أغمض عيني لأتذكر كيف كانت يدك الخشنة تجرب لمس أوردة عنقي
وتبحث عن ذلك النابض باسمك
في ليلة تشبه القادمة غدا
وقفت أناملك عند خيط ازرق رقيق في رقبتي ودنوت مني ومنحتي –
عضة الحب الابدية –
في ليلة تشبه القادمة غدا من الف عام أنتظرك
في نافذة المطبخ المتخيل في فيلم تسجيلي لمخرجة تشبه هالة زوجة عمي .

Thursday, March 19, 2009

جيشا وسمكة الحنكليس

سمكة حنكليس
الكتب من المفردات الأساسية في عالمي
يعد طقس تبادل الكتب طقسا مقدسا وعظيما ..
أمارسه مع مجموعة مقربة من أصدقائي .. غالبا من يعرفون ذوقي في الحياة
أشعر بزهو عندما يتذكرني صديق وهو يقرا كتاب ويقرر ان يبادله معي بعد انتهاءه منه
أشعر بشجن وأنا انهي الكتاب الذي يمرره لي الاصدقاء
لأنه غالبا يعجبني ويتماس مع مشاعري وشجوني وإيماناتي
ابتسم الآن وأنا اتذكر كيف أختار – طه عبد المنعم – ان يقدم لي العزاء في وفاة خالتي
أتصل بي بعدها بيومين ربما ، وقال بلهجة حاول ان تبدو هادئة في حين أنها كانت محملة بالإثارة
انه لديه كتاب سيعجبني وانه يرغب في تمريره لي – لأنه سيواسيني
حسنا كل الكتب التي مررها لي اصدقائي لأنهم يعرفون انها ستلمسني فعلت ذلك بقوة وقسوة وعذوبة
- متعة الألم – هو ما أمر به مع الكتب الجيدة التي تناسب ذوقي / لكني دوما اقع في مأزق رهيب – عذاب رد النسخة التي قرأتها لصاحبها
في كل مرة يعجبني كتاب جدا .. اترك فيه علاماتي بقلمي الرصاص – انقل منه بعض الجمل
أثنى طرف صفحة ما برفق
أنا من نوع البشر السئ الذي يتعلق بكل شئ استخدمه حتى الجماد
الكتب التي تعجبني وترافقني طيلة اسبوع مثلا – هذه عادتي عندما ابدء في كتاب أصحبه معه في كل مكان
أركب به المواصلات وامضي به لمكتبي وأجلس به على الرصيف وأذهب به للمقهى
أتجول به في البيت ، واقرا منه في كل لحظات الفراغ المتاحة في يومي كله
حتى في المطبخ وانا اصنع الطعام
عندما ينتهي كتاب
يكون قد رافقني مدة كافية تسمح لي ان اتعلق به واتألم لفراقه
وأوقن ان جزء من طاقة فرحتي وحزني غادرت داخله للأبد


منذ أسبوع وأنا اقرأ رواية " جيشا" ل آرثر جولدن
ابتسمت للخاطر الذي تملكني بعدما أنهيت صفحاتها –
أفكر اني أتفرج على الحياة بوقار – جيشا يابانية – وأن الطريقه التي حملتني بها ال500 صفحة لأنجز قراءتها وأتأمل حياتي والعالم كله من حولي واعيد تركيب قطع بازل الحزن العملاقة التي تملئني كانت قاسية وممتعة على حد سواء .


وأن الحياة بها جوانب أكثر قسوة وعذوبة من تألمي لفراق من غادروا
وفيها إثارة أكثر من تشبثي ببنطلون البيجامة الأزرق الذي احبه واختار أن ألبسه كطقس مبهج عندما انوي أن ألعب بقصاصات الورق من البلكونة ومتابعة نجمي الناري وقراءه العلامات الخاصة بقلبي
وان العالم ملئ بالاشياء التي قد نتعلق بها دون أن ندرك علاقاتنا القدرية بها ..
وأنه ليس هناك مستحيل في هذا العالم بما في ذلك مقابلتي لسمكة الحنكليس التي أرغب في رؤيتها ولمس بشرتها الغريبة ...


جيشا رواية اليابان الأولى – حققت مبيعات بالملايين
وتركت في قلبي كلمات عميقة ومؤثرة على لسان " سيوري "بطلتها
قالت –
- فكرت أن جميع الرجال والنساء في حياتي ، سواء أماتوا أم هجروني ، لم يغيبوا إلى الأبد ، بل يتابعون حياتهم داخلي . احسست وكأني أشربهم جميعا .
- إذا ما سألتني لماذا كنت أشتهي هذا الرجل لأجبتك : لماذا الكاكي الناضج لذيذ إلى هذا الحد ؟ ولماذا يصدر الخشب دخانا عندما يحترق؟ -


واذا سألت نفسي لماذا عليّ أن اعيد الكتب التي تمتزج بي إلى اصحابها فأقول لك بمنتهى الأسى والحزن لأني طيبة وانتظر رؤية سمكة الحنكليس .

Tuesday, March 17, 2009

لما أرى سيارة بولو خضراء أقول يا اسامة

الكاتب حمدي ابو جليّل
بقلم / حمدي ابو جليّل
جزء من كتاب " الأيام العظيمة البلهاء - يصدر قريبا "
لما أرى سيارة بولو خضراء اقول يا أسامة
لا اقصد طبعا انني اجري وراها وأقول يا سامة ، وإنما اقصد انني أقف وأتوه وأحيانا انفجر في الضحك على مشاويرنا بالبولو الخضراء . كان اسامه يوصلني بها حتى الطالبية ويتركني اواصل المشوار فاجتاز شارع الهرم رايح جي وأقفز فوق الحاجز الحديد ، مرة وقعت ، انطرحت على وجهي ، وأركب عربية بالنفر حتى أدغال الطالبية ، وظللنا سنوات نتعامل مع بعضنا على انها توصيلة محترمة كريمة تستوجب ان أظل أشكر اسامة عليها والوح له ممتنا حتى يتوارى في شارع فيصل حتى ركب معنا صديق حصيف يجاورني في نفس البيت وأفهمني خطأي " يا راجل دا الميكروباص اريح ، دي توصيله دي ؟ " ولكني ظللت سنوات أتحين الفرصة لتوصيلة بالبولو الخضراء ، وظللت سنوات أموت في الانحناء له شكرا وامتنانا واعتزازا حتى يتوارى في شارع فيصل . البولو الخضراء تعتبر نقلة في حياة اسامة ، قبلها كانت معه سيات تعاني من شلل رعاش يشتد عادة في المطالع ، وكان اسامة يعتز بها ، اقصد البولو الخضراء ، ويحس طوال الوقت انه لا يعتني بها العناية اللائقة ، وكنا نستقلها عادة في الليل ، ويا حبذا لو الحادية عشرة وياحبذا لو كنا مساطيل تماما حيث المزاج الطيب والبولو الخضراء وام كلثوم على محطة الاغاني ، ولو كانت اغنية ام كلثوم مش تمام ، يشغل اسامة واحدا من مقتنياته التي يعتز بها ، أحمد البرين مثلا أوعبدالمطلب او شريط نادر لفايزة احمد ظل يفخر به طوال حياته . واحيانا كان اسامه يتكلم ، وعادة ما كان يحكي مفارقات ومواقف تجعلنا ننفجر في الضحك ، وفي كل الاحوال كان يقود بثقة واتزان وأدب جم ، ولكن لو احس باي استهانة او استهتار يمكن ان يدهس دهسا ، ومرة دهس فعلا ، كان يسير في الشارع ووقع في واحد من المصايب الرائجه هذه الايام ، فجأة وهو ماشي في امان الله وجد أمامه في عرض الطريق شابا يتقصع ، وظل يزمر له وهو ولا هنا فتغاظ اسامة ولم يتمالك نفسه ودفس على البنزين في ضهره مباشرة ، والغريب يا اخي انه انكفأ على الارض وطار جري . المرة الوحيدة التي لم نتكلم ولم نستمع للتسجيل في البولو الخضراء كانت الليلة التي بدأ فيها كتابه الأخير " كلبي الهرم كلبي الحبيب " ، نزلنا من " ميريت " في الوقت المثالي ، الحادية عشره بالضبط ، وفي حالة عجيبة من البهجة والانشراح والرضى عن النفس ، وكنت اتمايل طربا مع ام كلثوم " من يوم مسافر حبيبي وانا بداوي جروحي " و فجأة امتدت يد اسامة وأطفات الراديو ، فنظرت اليه فوجدته ساهما أو قل تائها فسكت ، وأحسست انه استراح لصمتى ، وبدا انه مخطوف او مستلب لشئ ما ، نعم يقود البولو بكل ثقة واتزان ، ولكن يبدو انه ينظر لهوة عميقة ولكن دون خوف وانما برهبة وفرح ، وفجأة قال " انا عايز اتكلم ، حاسس بالكلام بيدوم في صدري " وتحسس صدره ، ولا اعرف لماذا تخيلت كلامه على هيئة اشياء أو قل مناطق مضلعة بها بسهول ومرتفعات واغوار سحيقة " أقولك تعالا نقعد على قهوة في فيصل " ، ووجدنا ركنه مريحه وقعدنا على كرسيين بعيدا عن الناس على حافة الشارع ، وبدأ اسامة يحكي جانيا من الايام العظيمة البلهاء ، الايام التي عشتها بعمق شديد، وبمتعة غير عادية، كنت أسعد الناس على وجه الارض، أنا الآن أعلم أني كنت أتفه الناس على وجه الارض، ولكن هذه المعرفة لا تفيدني في شئ .. ليتها تعود هذه الايام

Thursday, March 12, 2009

العودة لداخل الرأس

أختار الآن أن أنحاز لجنوني وللحياة على حد سواء
وأن اغوص بإصبعي تحت طبقات الحزن الطافية في دعة ورقة على روحي
أمضي للداخل أبعد من ابتسامتي الدائمة وضحكتي التي تدوى لتخبر من حولي أني سعيدة
توقفت عن فعل ذلك طالما يعرف الاخرون أني لست سعيدة
واني أتظاهر بأن كل شئ يمضي في مساراته الصحيحة

تعلمت الان ان اعترف ببعض الأخطاء
وأن اصمت عندما لا ارغب أن اتحدث ، وان انصرف إذا ما واجهت صعوبة في متابعة المتحدث.. تعلمت ان امارس غضبي وحزني على الملأ دون أن اخجل من ذلك الجزء مني

أي راحة تلك التي سرت في كياني عندما تماشينا معا أنا وذاتي فصرنا نتناغم في حالتنا
إذا طلبت مني أن تحزن أحترم ذلك واتركها تمارسه بسلام
تعلمت أن اصادقني .. بدى لي الامر عبثي وسخيف أن اصادق العلب المعدنية الفارغة على الارصفة وأهرب من ذاتي
اكتشفت أن المواجهه والالتئام أمر مؤلم لكنه يصل بي في النهاية للسلام النفسي الذي بحثت عنه طويلا
وتملصت منه أمدا .. أخترت فيه أن اهرب من مواجهة أحزاني
أشياء كثيرة حدثت الفترة الماضي جذبتني للداخل
كنت كبرادة الحديد تحاول ان تقاوم وفي النهاية تسكن أقطاب المغناطيس ..
عدت لمكاني الحقيقي في هذا العالم
أختبئت داخلي ..

لم تكن رحلة العودة ناعمة ولا مريحة
كنت اقاوم في جبهتين لأن الكثير من اصدقائي قلقوا بشأني وحملني ذلك شحنات طاقة عكسية كانت تحول دون الوصول للوضع الذي أبحث فيه عن خلاصي

لكني على غير ما ظننت نجحت في رحلتي الداخلية
وصلت هناك لمدن اعرفها .. وخبرات وجدت في عقلي ولم اقابلها من قبل
قابلت تمائم وحكايات أسلاف أختبأت في ذاكرتي دون ان تمر على عقلي الواعي
مكثت هناك فترة لا اظنها كافيه .. لكني اعرف الآن الطريق
يمكنني العودة متى شئت .. يمكنني مراجعه كل شئ
والتملص من كل أخطائي والبدء من جديد
يمكنني حتى الفشل من جديد ، وإساءة التصرف ومعاودة الخطأ

لا اخاف الآن من اي شئ لأني أعرف أنه ذات مرة سأمضي في رحلة تجاه النور والحقيقة
واني قد أنجح ذات مرة وأحل كل خلافاتي مع العالم ومع نفسي
حتما سيحدث ذلك في مرة قادمة . أعرف ذلك واصدقه
واظن الأمر يستحق المزيد من المحاولات .


Thursday, March 05, 2009

أغنية تحت المطر

المطر يغسل القلوب
ويترك نقراته المثيرة على الأسفلت .. يبلل معطفي
لا أعرف أن امنع نفسي من الابتهاج وأنا ارى بخار الماء يخرج مرئيا من فمي وأنفي
أخبرك عن برودة أرنبة أنفي
أخبرك كم يدغدغني ذلك
لكني لا أخبرك عن رغبتي في دفن راسي وانفى الباردة في حضنك
لأستمتع برائحتك التي اعرفها جيدا فتبدو لي مزيجا من كل الورود التي أحبها
،وملحا يضفي نكهة على اطباقي المخترعه في ليالي السأم
مزيجا من رائحة السعادة في ذاكرتي الطفلة ..
مزيجا من رائحة الأحلام في غابة افكاري الشريرة بشأنك في مخيلتي كإمرأة رسم الشوق للمستك خارطتها الجديدة .
المطر يبللني ولا أعرف كيف أقاوم الضحك بصوت صاخب وسط زحام البشر
الذين يفرون من زخاته الطيبة
ولا وقت لديهم لمتابعة جنوني وجلستي على الأرض في شارع عبد الخالق ثروت
لأني هنا تحديدا أنتظر مرورك غير الوشيك .
المطر يلثمني ويربت على كتفي ويهمس لي بأنك قادم بعد قليل
أمرر الوقت بالتخطيط لما سنرتكبه عند مجيئك
أختار أن تراقصني هنا عند تقاطع الشوارع حيث يبقى كل شئ كما هو
" الكشك الصغير" الذي يبيع الحلوى و الذي أعرف به مدخل شارع شامبيلون "
– وعسكري المرور الذي ينظم افتراضيا تلك المنطقة الشائكة .
أختار ان تراقصني هنا على أغنيتي التي تعرف اني أحبها ..
سأبتهج إن مررت لي كلماتها في اذني ..
سأبتهج إن لامست بأنفك وجهي كما كانت تفعل امي لتعيد لي بعضا من طقوسها الغائبة معي
أختار ان تراقصني تحت المطر
وان تواعدني تحت المطر
وأن تمنحني طفلتي في تلك الساعة المباركة
حيث تقف الملائكة لحمل دعواتنا ودموعنا وعشقنا
لترفعه للسماء على سحابات وردية تلائم تماما مزاجك وهوسي
 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner