لم يصادفني صديق تزوج عن حب وتمكن من الحديث عن حبيبته / زوجته
يكتفون دائما بسرد الحكايات الخيالية التي تصلح للكتابة .
سيحكي لي عن الجنيه التي خطفته ثم اعادته للشاطئ بعدما قبلها بين عينيها ، سيحكي حتى عن السيدة التي قابلها في بداية حياته ولم يتمكن من البقاء معها بسبب الظروف .
سيتكلم المحبين عن كل شئ إلا تلك القصص الحقيقية التي عاشوها ، لن يتكلم أحد عن الحبيب / الحبيبة .
لكني سأعرف ذلك الحب ودفئه ، سأعرف الشغف الذي يكنه كل منهم لنصفه اللآخر بلمعة خفيفة تبقى في العيون ، وطاقة غير مرئية لا تخطئها القلوب .
قابلت رجل حياتي .. وأكتشفت أن البنت التي تكتب عن الحب لا تجد ما تقوله عنه ، وأن اللغة توقفت ودفقة المشاعر التي تمر بيني وبينه ، منه إلىّ ، ومن قلبي نحو روحه صامتة تماما .
هادئة يكفيها القرب لتتوهج وتفرح ، ويزيدها البعد قوة ويقين .
أن أحب رجل ، وأوميْ برأسي موافقة عندما يطلب يدي ، أشعر بذلك الخدر الخفيف ، وذلك الخجل المبهج يدفئ دمي فأصمت بدلا من ان ارفع عيني نحو عينه لأخبره أني أكتملت به .
وأنه لم يعد عليّ من الآن ولأخر العمر أن أهتم بتفاصيل الوحدة ، والحزن وخيبات العمر ، وجراح القلب وأوجاعه .
القلب الذي لم يعد به موطن لرتق .القلب الذي يمتلأ بذلك الرجل الطفل
، الذي يشبهني في ابتسامتي وصخبي ، وخيباتي ، وإنتصاراتي .
هو النصف المتمم ، لنصفي المتكسر .
أن أكتب عن ضحكته ، لم أر رجل بكل هذه الطفولة والحماسة ذلك ما همست به لنفسي في لقاءنا الأول ، في المرة الأولى التي جلس فيها وسط زحام الاصدقاء وحميمية الكتابة والحكي عنها وعن الفن والحياة .
كان يتكلم كثيرا بصخب وضوضاء ويضحك كعفريت يخرج من فانوس في فيلم كرتون مفضل ليّ ، ضحكته بدت غير مبررة دراميا ، وكأنها فاصل يضعه وسط حكاياته .
أعرف فتاة تفعل ذلك بكل الضوضاء والحماسة ..
هو يفعل كل اشيائي ، فيما بعد عرفت أني لم اقابله لأول مرة ، وإنما ألتقيته من جديد .
هكذا تبدأ لقاءات الارواح الهائمة ... هكذا تعود وتعرف بعضها ، وتقرر أن تبقى مدفوعة بقوى غيبية .. محملة بالغموض والخوف والراحة والثقة ، بكل الثنائيات والمتضادات
بالكلام البسيط والاشياء المعقدة .
محملة بالكثير وبلا شئ لكننا نعرفها ونرغب في البقاء داخلها ومعها في كل الوقت الذي فات وبكل الأيام التي ستجئ .
هل هذا أعتراف بـأني أحب ذلك الرجل .
أنا احبه
هو الذي أهداني في لقاءنا الثاني قلبه ، لم يهتم وإن كانت حجراته مرتبة بعناية ، لم يهتم ان يخفي حكايات السنين ، ترك كل شئ مشعثا ، بلا رتوش .
في لقاءنا الثالث أهداني قطعة كبيرة من الشيكولاته فأكتشفت لحظتها أنه الرجل الوحيد الذي أهداني شيكولاته .
وفي اللقاء الرابع وضع في يدي مصحفا يخص والده
وفي المرة التالية منحني وعدا بالفرحة و الأمل .
وفي كل المرات التي جاءت وتجئ يترك في قلبي محبته ، وثقتي فيه
عندما جاء لخطبتي حمل لي طائرة ورقية ، خطط كثيرا أن يضع أحلامه عليها ، وتمنيت كثيرا ان اصادفها .
عندما أهداني خاتم الخطبة ، وشغف يملأ عينيه ورغبة صادقة في اقتسام كل ما هو قادم معي .
بادلته بعض الصمت والكثير من الرهبة المختلطة بالفرحة .
تركت يدي في يده ، وسمحت لإبتسامة يقين ان تطفو من أعماق روحي وترسم كل ما هو قادم .