رغم أن خبر
إصابة ماركيز بالزهايمر قديم ، إلا أنني أكرر قراءته في كل مرة تقع في يدي جريدة
ادبية أو موقع نشر الخبر ، أراقب نفسي وانا اقرأه بالتأثر ذاته ، وأجد الشفقة
والبؤس كما هما في قلبي ...
ليلة أمس
ضبطتني متلبسة أفكر في غياب ذاكرته مرة أخرى ، أفكر في مائة عام من العزلة ...
والحب في زمن الكوليرا ، وكتابة البديع عن الكتابة والسيناريو ، أفكر حتى في كتاب
القصص القصيرة المجمع الذي اهداه لي ذات مرة صديق يحرضني كثيرا على كتابة القصة القصيرة
، أخبره بخجل كل مرة اني لا أكتب القصة ، لا اعرف ، أنا عاجزة عن اداء هذه الرقصة
الجريئة السريعه الحاسمة .
أهداني
الكتاب ليثير غيرتي ، ليمرر لي العالم الصغير .. هو يعرف ذائقتي ، يعرف أن مكتبتي
كلها روايات .. كل ما عدا ذلك لا يعول عليه .
ليلة أمس
فكرت في ماركيز ، رغم ألم اصابع قدمي التي أغلق عليها الباب بعنف ، وتورمت وأصبحت
تشبه البطاطس في فيلم كرتون قديم إنتاج شركة ديزني ..
مشهد اصابعي
حيرني ، كنت اريد التجول بوسط البلد.. أشتاق لها فجأة ، يقرصني الدم في عروقي
ويميل نحوها ، فأمضي بها أتحدث بهمس للشوارع ، وأقول لها فاكرة ! وتقول لي أقولك!
نحكي عن
تاريخنا السري والعلني .. عن البشر والحكايات والأحبة والأصدقاء .
عن الحزن
الثقيل ، وخفة الفرح ، عن الكتابة التي تعذبني وتخاصمني ، وتفسد مزاجي ولا تجئ .
ليلة امس
فكرت في ماركيز ، رغم خمس ساعات أحتجتها للنزول من بيتي والعودة اليه في طرق
مزدحمة ومثيرة للغثيان والغضب .
فكرت في
ماركيز ، رغم تعاستي الخاصة ومشاكلي ، ورغم الغم العام ، وإنهاء اعتصامات هيئة
النقل وطلبة جامعة النيل وغيرها بالقوة ..
الأخبار
المحزنة التي لا تخجل من المرور عبر رأسي .
ذاكرتي التي
فقدت أسماء البشر ، تذكر الوجوه فقط والمواقف والحكايات لكنها تنسي الاسماء ،
وتنسى كلمة السر لكارت الفيزا والبريد الإلكتروني فاحتاج عشر دقائق قبل ان اتذكر البنت
التي تطالعني في المرآه كل صباح .
يؤلمني بشكل
شخصي ذلك التيه الذي اصاب ذاكرة رجل الحكايات ، رغم فلسفة كل اصدقائي لتلك النهاية
، كل منهم صنع فكرة تشبهه وتناسب حزنه
ووحدي ظللت أقرا الخبر من جديد كلما صادفني ، ووحدي أمتلأ قلبي بنفس التأثر ورغبة
باهته في الثرثرة والتذكر.