أرتبك كثيرا جدا ، كلما جاءتني رسالة من
صديقة أعرفها ، أو أخرى لا أعرفها
تسألني لماذا لا أكتب هذه الايام ! ، فاجئتني
الرسائل التي تسأل عن تدوينات لكراكيب " .
لم أعرف ابدا ان هناك من يفتقد كتابتي ، كنت
أظن بعد كل ما نشرت من كتب ، وبعد ما نفذ من طبعات ، أني أكتب لأفرح ، لأتلصص على
كل ما يحزنني ويربكني ، لأفهم كيف يبدو الحزن قاسيا لو ظل ساكنا في الروح ، دون ان
نفتح له شباك على السماء .
يد الكتابة التي تقفل على أناملي هي السحابة
التي تكورت على شكل يد لفتاة طاهرة ، يمكنها أن تعلمني كيف أخترع لحنا يخصني
لأتواصل مع الصمت والسكون والموت .
تخونني شجاعتي كثيرا ، لا اقوى على تشبيك
الحروف .. يهزمني خوف بعيد وقاس مسني من العمق وبقى هناك .
فرحت اخبأ مسودة روايتي الأخيرة في صندوق
خشبي ، وأتلكأ حتى لا أتركها تتحول لفراشة ، أخاف الآن من الكتابة وقص الحكايات ..
ذلك المزاج العام ، والغم الزائد، والفوضى والصخب الذي يلف الأرواح يؤذي قلبي ،
فلا أتمكن من سماع دقاته حتى أحولها لعبارات .
نوتة عزفي تائهة وسط صناديق شوار العروس التي
أمتلئت بها حجرتي ، مكتبتي التي تكومت في صناديق أخرى استعدادا للرحيل ، ستذهب
لبيت جديد ، حيث سأبدأ أنا حياة جديدة
أنا الخائفة من ظل القمر على الأرض ، ومن صوت
عواء الكائن الأسطوري في عباءة الظلام ، تهزمني دقات قلبي، ورغبتي في الكتابة ،
وحرارة الجو .. فأشتكي لأول مرة مثل كل الناس من الحرارة ، بعدما كنت أغزل من
خصلات الشمس جناحين لفتاة تعشق الصيف ، وتكره الشتاء .
تخذلني قدرتي على المضي قدما ، بذات القلب
النقى ، والروح الوردية ، فأشعر بوخز الغضب ، والمشاعر السلبية ، وقوى الشر .
وقعت في شراك التصادم مع الحياة ، وفقدت
براءتي تلك ، لا استطيع مواجهة الكتابة التي تقلب في روحي بكل تلك الدماء على ثوبي
.
أهمس لمحمد أني خائفة ، وألح عليه ان يعدني
بأن كل شئ سيكون جيدا ، ورائقا وطيبا .
أعود لحضن الكتابة ، وأخبرها أني خائفة ومشوشة
ويدي غارقة في دمي ، فتخبأني في حضنها حتى أتلاشى ، أحاول انتزاع جسدي من لحمها ،
أخبرها بقلق أني وعدت رجلا ألا أخذله وألا أحبك أكثر منه .
أخبرها انه سيعرف بخيانتي تلك ، لأن ابنتى
الأولى سيكون لها عين الكتابة ويدها الصغيرة مثل نتفة سحابة طيبة تكورت لتربت على
يدي وتسحبني معها لعالم أحبه اكثر ، ويمكنني هناك ان اختبئ من الحزن والموت ،
وافرح كما لا يمكن لاحد أن يمنحني ذلك السحر .