Friday, May 21, 2010

رسايل



عندما تؤرقني الكتابة ، وأعجز عن العمل
أخبز اشياء طيبة
الدقيق الأبيض ، ورائحة الخبيز تربت على روحي .
أنهيت اليوم أجازتي الإجبارية التي قررتها لنفسي من مشروع أعمل عليه
كان قرار الأجازة يبدو كطوق نجاة من هزائم متكررة حدثت بيني وبين تلك العنيدة المراوغة الممتعة نداهة الحكايات
بدأت اليوم باللعب في أوراقي القديمة .. اليوم كان مع الخطابات
تذكرت كم أحببت الخطابات وكيف قضى البريد الإلكتروني على متعة وحميمة الورق والطوابع ورائحة الحنين .
وجدت خطابا احبه ارسلته امي لأبي منذ سبعة وعشرين عاما تخبره فيه أني ساذهب للمدرسة وانها تحبني ولا تقوي على فراقي
وجدت خطابا ثانيا كتبته لأبي اطلب منه أن نذهب لحديقة الحيوان
الخطاب قديم جدا كنت في الصف الأول الابتدائي ربما
كنت طفلة خجولة جدا ، أظن الآن ان الكتابة انقذتني من تخلف عقلي وشيك
كنت اخجل أن اتحدث فأكتب
يومها كتبت لأبي رغبتي في الذهاب لحديقة الحيوان ووضعتها فوق الوسادة في حجرة النوم وذهبت
ورقة ثالثة وجدتها اليوم
بها كلمة واحدة
أنت
كتبتها منذ أكثر من ثلاث سنوات عندما سألني صديق عن الرجل الذي أحبه
ابتسم الآن فيما كنت افكر لحظتها
كنت أكره ان أخبره بمشاعري ، لكني لم استطيع أن اكذب بشان الرجل الذي أحبه
كتتب الكلمة في طرف ورقة كراستي التي احملها دوما وقطعتها وطويتها بعناية وبدلا من ان أناوله إياها
وضعتها في حقيبتي وابتسمت له .
من خطابات تشبه تلك يمكنني ان أبدأ يوم جديد
جلست أمام قناة أفلام وكانت تعرض فيلم " رسالة في زجاجة " بطولة كيفين كوستنر
ابتسمت كالمجذوبة واستسلمت للفيلم رغم قراري بمقاطعة الأفلام الرومانسية لأنها تؤثر على استقبالي للعالم ، وانتظاري لفارس وحصان ابيض وحضن مع موسيقى تصويرية وشاطئ محيط ونوارس وجيتار ورقص حول النار وهلاوس كثيرة .
رغم كل ذلك استسلمت للفيلم وبكيت معه كعادتي ، وامتلأ قلبي بالشجن والخرافات التي تسمى الحب .
عندما عدت لمكتبي وجلست لأكتب ، تذكرت اني ارغب بشدة في عمل " زلابية " نهضت من مكاني ودخلت للمطبخ
عندما صنعت الخليط المرن من الدقيق والماء والخميرة الساحرة بدأ العالم أكثر هدوء ، وعرفت أني أهرب من مواجهة الكتابة بالمزيد من الدقيق الذي سيقص لي هو الآخر حكاياته في رسالة مشفرة أعرف وحدي طلاسمها .

Tuesday, May 11, 2010

الغسالة الأوتوماتيك واشياء أخرى

عصارة البرتقال البراون القديمة
التي علمتني أن اشرب عصير البرتقال في بداية اليوم ليمرر لي البهجة ويعدني بيوم جميل
تلك التي تخص أمي وأحبها توقفت عن العمل بعد وفاة أمي بأيام ، لم استطيع التخلص منها وضعتها في مكانها المعتاد في المطبخ لأني عندما اشاهدها اتذكر كل لقطات البهجة التي تخصها ، أذكر أمي وهي تستخدمها لصنع العصير .
. لا أستطيع أن افلت لحظات مثل تلك بأن ألملمها في علبة وأزيحها بعيدا .
وضعت الجديدة جوارها وظللت أشعر بمحبة للقديمة .
عندما توقفت الثلاجة عن العمل حدث الشئ نفسه حملناها لمكان اخر خارج المطبخ
واشترينا جديدة بعد محاولات كثيرة ان تعود الروح للثلاجة القديمة التي نحبها لأن لنا معها ذكريات حلوة .
ثلاجة البيت التي أوقع أخي الصغير منها اللبن وهو صغير و كنت اخبئ أنا بها كراستي التي أكتب بها الشعر حتى لا تغضب مني أمي وتتهمني بإهمال دروسي
الثلاجة الكبيرة العملاقة التي جاءت منذ سنوات بعيدة لتزيح اخرى قديمة كانت موجوده ..
أذكر بهجتنا ونحن أطفال ندور حولها كأنها ألهة إغريقية ننتظر البلاستيك المحيط بها
و الذي يصنع صوت عندما نضغطه لنلعب به .
الثلاجة التي كبرت معنا توقفت عن العمل ووضعناها في الصالة وصرنا نستخدمها دولاب كراكيب ،
عندما توقفت الغسالة الأوتوماتيك عن العمل منذ أيام ، لاحظت لأول مرة ان السيناريو يتكرر ...
بدأنا نتحدث عن الغسالة بقدسية ،
ونحكي عن يومها الأول في البيت وكيف استبدلنا الغسالة العادية بها بعد مفاوضات كثيرة مع ماما التي كانت ترى ان الغسيل بالطريقه التقليدية أكثر نظافة ، الطريقة العادية التي كانت تستهلك يوما كاملا
وصوت الماء يغمر البيت كله
المياة تمتلأ في المغطس ويعبر الغسيل في الهواء من الغسالة للبانيو ومنه ليد أمي ويدي عندما كنت اتظاهر باني اساعدها في حين اني ألهو بالماء .
لظروف صحية مؤلمة أضطرت امي لإستخدام الغسالة الأوتوماتيك ، لكنها احبتها فيما بعد ، الغسالة الأوتوماتيك التي اكتشفت لأول مرة بعد وفاة أمي أني لا اعرف كيف تعمل وأني أنفقت اكثر من خمسة عشر عاما أمر جوار الغسالة السحرية واراها تدور وتعمل وأنا لا أعرف كيف تفعل ذلك
انا اخاف من ازار الكهرباء ... اعاني مع الخلاط ولا أتخيل ابدا ان استخدم ألة كهربية لإزالة الشعرعن جسدي ولا أعرف عن الكمبيوتر اكثر من أنه جهاز طيب يساعدني في إنجاز الكتابة والدخول للمواقع الإلكترونية .
لكني ومع ذلك احمل للاشياء التي أعرفها وأراها كل يوم محبة .
وربما حنين
اكتشفت أن بيتنا تعيش فيه كل الأشياء جوار بعضها
وأن أرواح الراحلين لا تغادر وأنما تبقى وتعود من جديد في ملامح طفل يولد
فعندما اشتاق وجه امي أنظر لملك أبنة هبة
وعندما أشتاق سنوات طفولتي أفتح باب الثلاجة القديمة وأقف قليلا
بيتنا الرحب ، بحجراته الكثيرة الواسعه واسقفه العالية كسماء تخصنا
بيتنا الممتلئ عن آخره بالمحبة والكراكيب التي ترفض الرحيل لأنها هي ونحن كانت لنا حكايات.
 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner