Monday, May 27, 2013

يوجد بالداخل شرابات كولون للبنات




يملئني شعور غامض بأني سأكتب نصا لا يجب عليّ كتابته .. ربما لأننا – أنا وكتابتي – نتحرك في طرقة ضيقة يمكن لكل منا أن تلمس بيدها مؤخرة الأخرى إذا درنا بحركة خفيفة أو أن تضع يدها على صدري بالطريقة ذاتها التي تضايقني وتؤذيني لأني لم اشاهدها تحدث في اي من قائمة الأفلام الرومانسية التي أحبها ، انا والكتابة نستحم معا ، وترتدي أي منا ملابس الأخرى بعد الوصول من الحمام لحجرة المكتب الخرافية ، انا وهي نرتدي ملابسنا على عجل في غرفة المكتب الخرافية لنبدأ العمل أو اللهو .

لنبدأ الخيانة كما يسميها رجل باهت في ذاكرتي ، الرجالي الذين يظهرون في الذاكرة على شكل شخبطات رمادية مشوشة لا يمكن ان نأمن جانب وجودهم .

لاشئ حقيقي يثبت انهم كانوا هناك سوي بعض الخيالات وكأس آخر جوار كأسي ذو أثر ملمع الشفاه على جانبه ، لاشئ ربما كدمة بائسة على حافة معصم اليد من الداخل نرتبك في سببها هل كانت قبلة رجل أم سن إبرة الممرضة وهي تسحب قطرات دماء تكفي لثلاث انابيب لأن طبيب التحاليل يطلب الكثير مثل مصاص دماء مبتدا عليه ان يشرب الدم من انبوب الأختبار ، لان أنيابة لم تستعد بعد للغرس في الجسد . 

لا يجب عليّ كتابة نص يتلامس مع جسدي في عشر مناطق على الأقل ، ويفتح للرقيب الذاتي الذي تسلل لروحي منذ فترة لأن ينظر لي نظرته المقيتة تلك ،ويسألني هل ما تكتبينه لك أم لبطلة خرافية .

أردد الآن بتلقائية كلمة بذيئة ، اوجهها في سري للرقيب ،اسمي عضو امه بلا حياء ، أسميه فقط واعتبر مثل تراثنا الشعبي كله أن تلك إهانة بالغة .



اترك كل ذلك ورائي وأكتب نصي ، وانا افكر في شهادة الكتابة التي كتبها احمد الفخراني منذ أيام وقال فيها ما معناه انه ترك مساحته الآمنة في الكتابة واتجه لمكان آخر بعيد عن التصفيق مكان يتسع لحبات الطماطم والبصاق .. لماذا لم اذهب لهناك وأكتفيت طوال ست سنوات مرت على احترافي للكتابة باللعب في منطقتي الآمنة التي أحبها !



ربما فقط لأني أحبها – ربما- لكن ذلك ليس عذرا .



اكتب على صفحتي على الفيس بوك كلمة " كل يوم " واصمت كنت اريد ان اقول أني عدت أشاهد فيلم " يو هاف جوت ميل " ميج رايان وتوم هانكس كل يوم .

عدت لتلك العادة السيئة التي لازمتني عامين ، وأقلعت عنها بعد .....



لم أعود للمشاهدة مرة واحدة ، في البداية قاومت الأمر لأيام ، ظل يلح وانا اقاوم ويلح وأرفض ويلح وأهز رأسي علامة التأكيد على الرفض ، في اليوم الأخير للصمود شاهدت إعلان الفيلم على شاشة إحدى قنوات الأفلام اعتبرتها إشارة وعدت لعادتي السيئة تلك .

الامر يشبع العودة للتدخين بعد قرار الإقلاع ، او تناول طبق مكرونة اسباجتي بالصوص الأبيض والتحلية بأيس كريم زبادي توت بعد أيام من إتباع حمية أو النوم مع رجل لا تحبيه من باب تمرير الوقت وكسر الملل .



كنت أريد أن اكتب عن حلم يراودني ، أحلم أني بطلة جزء من افلام سو ، تلك الافلام الرديئة التي بها الكثير من بتر الأعضاء والدم والكلابشات الحديدية .

في الحقيقة لم احلم بذلك لكني شعرت أني أمر به في الواقع .. كنت صاحية تماما ليس حلما .



لكني أردت بعض الإثارة للنص الذي لم يبدأ بعد ..

إثارة تشبه المشي عشر شوارع للإتجاه لمحطة اتوبيس تعرفت عليها حديثا ، وقفت هناك لإنتظار اتوبيس جديد أنا على علاقة غير جادة به ، اخون معه كل وسائل تنقلي السابقة .



في الطريق من الجريدة للمحطة البعيدة عن البيت والمقهى وكل شئ ، صادفت محلا جديدا قلت لنفسي سأجرب القهوة هناك يوما .. كنت امشي أعمق من كل المرات السابقة كنت اسمع وقع اقدامي على الارض ، كانت الشوارع اليوم بدون سبب شبه خاليه ، استقبلتها كانها لي وحدي دببت على الأرض واستنشقت الخفة وبعض الحزن .

وقرأت لافتة مكتوب عليها " مطلوب أنسات للعمل ، وأخري جوارها مكتوب عليها يوجد بالداخل شرابات كولون بناتي )

قرأتها ومضيت ثم رجعت خطوات للخلف لأتأكد من هجاء كلمة كولون ، تأكدت انها صحيحة .. انزعجت قليلا أن هوسي  بالعد انتقل لحروف الهجاء .

عندما وصلت للمحطة كان الميدان خاليا مفروشا بمخبوزات مقرمشة والكثير من عيدان العسلية الملونة الطويلة التي تشبه اعواد القصب ، توقف أتوبيس وردي يرتدي محصله بدلة بنفسجية ، ويبتسم سائقه لي ، أصعد للحافلة وافكر اني سأعيد كتابة النص لأحكي ما وددت في البدء قوله ولم أكتبه بعد .
 


Wednesday, May 08, 2013

عن الكائنات المستديرة




 لم أكن أتخيل أن حقول زراعة الأناناس مبهجة هكذا ، كانت صورتها على ايميلي ارسلها لي صديق يعرف شغفي بهذه الفاكهة الإستوائية ..

يوم ما سأواضب على جلسات للعلاج النفسي ، ساجلس أمام الطبيب وأخبره أني أخاف من كل الفواكه التي لها قشرة كبيرة .. أخبره عن فزعي من البطيخ .. اخبره عن سنوات كفاحي لقهر ذلك الخوف .. أصدقائي يبدلون جلساتهم معي في المقهى للداخل إذا مرت عربة بائع البطيخ ، يقطع طاهر حديثا جديا دائرا ليهمس لي " بألا أنظر خلفي " وأفهم من طريقته أن ثمة بطيخ خلفي .. يبدل أبي مكانه معي اذا مررنا في الهايبر جوار سلال البطيخ ، ويسمح لي أن اسرع خطوتي قليلا حتى لا تنال مني إحدى تلك الكرات الخضراء الشريرة .

حتى زوجي الذي أخبرني أكثر من مرة عن رغبته في اكل البطيخ ، كلمات تشبه تعرفي البطيخ ده لطيف وحلو .. انا التي تقابل كل تليمحاته عن دخول تلك الكرة الخضراء للبيت بصمت ، فاجئني ذات يوم بان طلب مني ان أدخل يدي جيدا داخل التاكسي لأن على بعد متر منا توجد عربة تبيع البطيخ .

ضبطني منذ أيام امسك بيدي واحدة كنتلوب ، واسمع دقات قلبي وانا أغرس السكين فيها متساءله ما الذي ينتظرني في الجانب الآخر من القشرة لم اكمل تقطيعها تركتها في الطبق وتحاشيت التعامل معها باقي اليوم وفهمت أن عدوى البطيخ انتقلت لي ّ

في الشتاء وكلما قشرت برتقاله اتساءل ماذا ساجد داخلها ، وتفاجئني دهشة حقيقية في كل مرة أجد برتقال داخل القشرة ، يحدث ذلك مع البيض أيضا .

سأخبر الطبيب وانا ممدة امامه على الكرسي أني أخاف من الاشياء المدورة ذات القشرة ، وأقاوم كثيرا لكن الرهبه تتسلل لقلبي .

الاناناس نجا من تلك الحالة ، في المرات الاولى التي تعاملت معه فيها كنت احتاجه لوصفات هندية ، هناك الكثير من الأناناس المشوي في تلك الأطباق ، وهناك حلوى الكيك بالأناناس المكرمل وأنا احبه بصفة شخصية أحب أن آكله على الرصيف أمام الهايبر ، أجلس على التل الصغير عند مدخل المدينة واكل الاناناس وابتسم واسمح للهواء ان يداعب وجهي وشعري ... لا  يكتمل طقسي ذلك دون دوائره الشفافة الممتلئة بالعصير الحلو .  



البنت التي تشبهني ، تغيب كثيرا كلما ملئني الحزن ، وعصر قلبي فسال منه عصير حلو يشبه في طعمه حليب جوز الهند . لا يشبه الحزن شيئا سيئا .. الحزن هبة الحياة لنا

الحزن يمنحنا بعض الصفاء لنكتب ونهدأ ، ونسمح لانفسنا بالجلوس على طرف ندف السحاب نصطاد قطعا زرقاء من السماء لنصنع منها تعاويذ الحب لرفاقنا ، الحزن يسمح للعالم ان يمضي أبطأ حتى نراه .

هناك نرى غلالة المحبة الكثيفة التي يغطينا بها الأصدقاء ،وقناة فتافيت ، ومسابقة ماستر شيف التي غادرتها أمينة أخيرا بعدما صنعت طاجين السمك وحلوى الارز بالحليب .

البنت التي تشبهني تكتب نصا عن الفاكهة المستديرة التي تخفي في قلبها وحشا ذو أسنان حمراء ، تماما كما يتخفى الشر داخل البشر .

البنت نفسها تترك مقالا عليها أن تتمه ، وحلما لم تكمله بعد ، والكثير من المخاوف التي تعرف انها لابد أن تتحاوزها لتحيا تترك كل ذلك وتجلس على طرف السحابة وفي يدها تليفونها المحمول حيث تلعب لعبة المكعبات الصغيرة التي توجع عيناها وتفكر في انها سعيدة جدا لأنها تعلمت طريقة منزلية لعمل " الساور كريم " وليس عليها الآن عندما تذهب لتشيلز أن تطلب الطبق ذاته فقط لأنهم يقدمون معه سلطانية صغيرة حمراء بها الساور كريم .

وتفكر أيضا انه في المرة التالية التي تمر بها جوار البطيخ علها أن تلسعه على صلعته وتفر هاربة .وتعرف انها في النهاية عليها أن تجلس لتقرأ الكتب التي وضعتها في صف قصير أمامها وان تجهز المقال الذي تنوى كتابته قبل ان تعاود الجلوس على الكنبة الخضراء جوار والدها قبل أن تبتسم قليلا وهي تسرق الريموت وتحول الفيلم الذي يشاهده  لقناة فتافيت .


 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner