Thursday, December 27, 2012

أبيض لون الفرح



أخطط للكتابة عن 
اخطط للكتابة ، ولا اعرف عما أكتب ..الحقيقة أني اسمع صوت لحن كتابتي في أذني معظم الوقت لكني لا امسك جملة موسيقية .
لا يحرضني كل ذلك الجنون والسياسة المقيتة على الغضب .
ربما أغضب لكن ذلك الشعور لم يكن محركا ابدا ، ولا دافعا للكتابة ..
الحب والحزن هما ألواني التي ارسم بها جدارية حياتي .. لاشئ  يمس شهوتي وشغفي للكتابة قدر الإحساس العميق بالفقد واللقا
بالحب وغيابه ..

لا تحرضني قطعة المشبك التي يخر منها العسل في يد موظفة الشهر العقاري التي جلسنا أمس ساعة ونصف ننتظر أن تفطر وتحلي بالمشبك هي وزملائها ثم يفردون سجادة الصلاة لصلاه الظهر بعد وقتها بساعتين .
لم يحرضني ذلك على الكتابة .
لكن وداع العام مشهدا مهيبا ، يكسر كسلي وتوتري . ويعزف لحن يخصني في الهواء
أنا التي اعتادت أن تفتح فيلم الساعات وتترك النساء الجميلات داخله بكل حالات اليأس والإنتحار والعبوس والحب والألم داخلهن ، اترك كل ذلك واعيد مشهد الممفتح مائة مرة .. صوت الماء يتحرك في النهر ..
صوت يجتاح المشهد والصورة ويقطعه صوت فيرجينا ولف وهي تكتب لزوجها خطاب إنتحارها .
أقف هناك واعيده مرة اخرى ، وفي المساء أجلس جوار محمد على الأريكة وأمسك بأناملي طرف أنامله في حنان طفولي وأطلب منه وانا منهكة ان يستمع معي لصوت الماء ثم الصمت .  

محمد الذي يبدو قاسما جديدا ومشتركا في كل احداث العام الأول لوجوده في حياتي .. لازلت استيقظ كل صباح فألمس خاتمه واشعر بحروف أسمه تمس جلدي فأنتبه انه حقيقي ..
العام الجديد ، ومحمد ، وايام تفصلني عن أن ارتدي فستان الزفاف كلها تجعلني أتشبث بالصمت . صوت دقات قلبي الذي يوقظني في ساعات متأخرة من الليل لأجلس على طرف الفراش وأتأمل العالم والحياة
فأكتشف أني مشوشة تماما .. سعيدة بخبل .. ومشوشة في حالة فوضى مثل الطرق في مصر بعد عشر دقائق امطار .

أفكر اني ارغب في الكتابة عن مشاعري ومخاوفي .. عن رجل احبه . وعن بوابة كبيرة ساعبر منها نحو الغد .. فلا اعرف ماذا اكتب ولا لم !

عقلي  يعرض لقطات بتقنية سينمائية يستخدم المونتاج والفوتو شوب .. لقطة من هنا ولقطة من هناك .. نهاية العام التي توصمها ذاكرتي بذكرى رحيل أمي السابعه .

احتفالات اعياد الميلاد .. والبرد الذي يعيد تجسيد الفقد والحزن في قلبي .. مشاهد كتبتها كثيرا وحزنت بسببها سنوات .
قاومت برغبة خالصة في الفرح ، وبقلوب تمنحني دفقات الحب بلا حساب .. لكن شيئا من كل ذلك لم يغير من الحياة التي تسكن ذاكرتي .

الموت الذي كان وسيبقى رفيقا للميلاد
استعدادات ذكري أمي التي تجئ قبل يومين من ميعادي للبروفة الأخيرة  لفستان زفافي .
في مشهد عبثي اسمعني أردد لنفسي إني ساذهب يوم الاثنين صباحا للمقابر وبعدها بيومين لتجربة الفستان.
كل تلك الفوضى تؤلم روحي وتملئها بالحيرة والحزن والفرح .
حنيني لبيت ابي ، وشوقي للبيت الجديد بيتي ..
وحدتي واوراقي ووسادتي .  وشغفي بمحمد ومحبته المفرطة
الدموع التي تسيل من عيني في كل مناسبات السعادة والحزن بذات القدر والحماسة
الغد الذي يحمل لي أحلام العمر ويمضي مثقلا بأوجاع القلب

الغد الذي أنتظره برهبة لم أجربها أبدا ، فأزيح كل ذلك جانبا وأترك لله تدبير الأمور ، وأضغط زر التشغيل لينساب صوت الماء قبل أن تقطعه فيرجينا وولف وهي تكتب لزوجها خطاب الإنتحار .

 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner