Wednesday, December 21, 2011

أن أكتب عنه


لم يصادفني صديق تزوج عن حب وتمكن من الحديث عن حبيبته / زوجته
يكتفون دائما بسرد الحكايات الخيالية التي تصلح للكتابة .
سيحكي لي عن الجنيه التي خطفته ثم اعادته للشاطئ بعدما قبلها بين عينيها ، سيحكي حتى عن السيدة التي قابلها في بداية حياته ولم يتمكن من البقاء معها بسبب الظروف .
سيتكلم المحبين عن كل شئ إلا تلك القصص الحقيقية التي عاشوها ، لن يتكلم أحد عن الحبيب / الحبيبة .
لكني سأعرف ذلك الحب ودفئه ، سأعرف الشغف الذي يكنه كل منهم لنصفه اللآخر بلمعة خفيفة تبقى في العيون ، وطاقة غير مرئية لا تخطئها القلوب .
قابلت رجل حياتي .. وأكتشفت أن البنت التي تكتب عن الحب لا تجد ما تقوله عنه ، وأن اللغة توقفت ودفقة المشاعر التي تمر بيني وبينه ، منه إلىّ ، ومن قلبي نحو روحه صامتة تماما .
هادئة يكفيها القرب لتتوهج وتفرح ، ويزيدها البعد قوة ويقين .

أن أحب رجل ، وأوميْ برأسي موافقة عندما يطلب يدي ، أشعر بذلك الخدر الخفيف ، وذلك الخجل المبهج يدفئ دمي فأصمت بدلا من ان ارفع عيني نحو عينه لأخبره أني أكتملت به .
وأنه لم يعد عليّ من الآن ولأخر العمر أن أهتم بتفاصيل الوحدة ، والحزن وخيبات العمر ، وجراح القلب وأوجاعه .
القلب الذي لم يعد به موطن لرتق .القلب الذي يمتلأ بذلك الرجل الطفل
، الذي يشبهني في ابتسامتي وصخبي ، وخيباتي ، وإنتصاراتي .
هو النصف المتمم ، لنصفي المتكسر .

أن أكتب عن ضحكته ، لم أر رجل بكل هذه الطفولة والحماسة ذلك ما همست به لنفسي في لقاءنا الأول ، في المرة الأولى التي جلس فيها وسط زحام الاصدقاء وحميمية الكتابة والحكي عنها وعن الفن والحياة .
كان يتكلم كثيرا بصخب وضوضاء ويضحك كعفريت يخرج من فانوس في فيلم كرتون مفضل ليّ ، ضحكته بدت غير مبررة دراميا ، وكأنها فاصل يضعه وسط حكاياته .
أعرف فتاة تفعل ذلك بكل الضوضاء والحماسة ..
هو يفعل كل اشيائي ، فيما بعد عرفت أني لم اقابله لأول مرة ، وإنما ألتقيته من جديد .
هكذا تبدأ لقاءات الارواح الهائمة ... هكذا تعود وتعرف بعضها ، وتقرر أن تبقى مدفوعة بقوى غيبية .. محملة بالغموض والخوف والراحة والثقة ، بكل الثنائيات والمتضادات
بالكلام البسيط والاشياء المعقدة .
محملة بالكثير وبلا شئ لكننا نعرفها ونرغب في البقاء داخلها ومعها في كل الوقت الذي فات وبكل الأيام التي ستجئ .
هل هذا أعتراف بـأني أحب ذلك الرجل .
أنا احبه
هو الذي أهداني في لقاءنا الثاني قلبه ، لم يهتم وإن كانت حجراته مرتبة بعناية ، لم يهتم ان يخفي حكايات السنين ، ترك كل شئ مشعثا ، بلا رتوش .
في لقاءنا الثالث أهداني قطعة كبيرة من الشيكولاته فأكتشفت لحظتها أنه الرجل الوحيد الذي أهداني شيكولاته .
وفي اللقاء الرابع وضع في يدي مصحفا يخص والده
وفي المرة التالية منحني وعدا بالفرحة و الأمل .
وفي كل المرات التي جاءت وتجئ يترك في قلبي محبته ، وثقتي فيه
عندما جاء لخطبتي حمل لي طائرة ورقية ، خطط كثيرا أن يضع أحلامه عليها ، وتمنيت كثيرا ان اصادفها .
عندما أهداني خاتم الخطبة ، وشغف يملأ عينيه ورغبة صادقة في اقتسام كل ما هو قادم معي .
بادلته بعض الصمت والكثير من الرهبة المختلطة بالفرحة .
تركت يدي في يده ، وسمحت لإبتسامة يقين ان تطفو من أعماق روحي وترسم كل ما هو قادم .


Saturday, December 17, 2011

عروسة ... عروسة



Tuesday, November 29, 2011

كنت أرتدي المحبة






لن أكتب عن رحلة دبي
هذا ما قلته لنفسي طوال أيام استعدادي للسفر ..
هذه هي المرة الأولى التي اسافر فيها خارج مصر ، أترك هذا البلد الحبيب وسط كل هذه الفوضى ، وأسافر لأتسلم جائزتي .
أسافر بسبب الكتابة ، هذا ما كنت أعرفه .. تمنحني الكتابة حضن طيب وتربت كتفي ، وتفرح قلبي الذي عرف أن أوان الفرح قد جاء .

بقرط فضي أهدته لي أسما صديقتي ، وبعقد أشترته لي هاله، وبزجاجة عطر وضعتها ترتيل في يدي في لقاءنا الأخير ،وبمشابك شعر صغيرة وجميلة أهدتها ليّ دعاء و بتفاصيل كثيرة معقدة شغلت فيها صديقاتي طوال الايام الماضية لتبقى لمسة حب لكل واحدة منهن على ملابسي وروحي وأنا استعد للنزول من غرفتي بالفندق لحضور الحفل.
كنت أرتدي المحبة
كن جميعا يحوطون قلبي ، ويغلقون أيديهم على يدي
سلوى وهي تعتني بي كإبنتها حبيبة ، سهى وهي تشتري لي تحفة كأول هدية إحتفالا بجائزتي ، زهرة وهي تخترع لي هدية كتاب أحبه ممتلئ بمسودات عن كلمات تحبها من كتابتي ، زينب وهي تحتضن نسخة مجلة الثقافة الجديدة التي تحتوي ملفا عني وتبتسم بمحبة العالم ، أسماء وهي تشتري لي الزعتر من لبنان ، وتبث لي طاقات حب ، معالي وهي تعرف تلك التعويذة التي صنعتها لأجلى فأنقذت روحي من الغم ، سمية وهي تخفيني في حضنها ، وتعدني بالفرح القادم ،
هبة وهي تمرر لي كل الونس والبهجة ، رشا وهي تقضي يوما كاملا معي لنشتري كل ما ينقص تلك الرحلة وذلك الحفل ، ابتسام وهي ترسل لي طاقات امل ودفء وهي في ألمانيا ، ياسمين وهي تفرح لأجلى كصديقة اقتسم معها أغنيات الفوضى ولحظات المرح.
حنان وهي تقطع مسافة من أبو ظبي لدبي ، لتقتسم معي هه اللحظة ، رحاب وهي تقف على حافة صمام الأمان في هذا العالم ، فتراقبني وتعتني بي فلا أخشى أي حزن .
نسرين ورباب وهما يرسلان لي تلك الطاقة الطيبة التي لا تخطئها القلوب .
عذرا إن نست ذاكرتي المتعبة أحداهن

أي حزن يمكن ان يغلب فتاة لها كل هؤلاء الرفيقات

عندما كنت أقرا كلمتي للحضور تحدثت عن صديقاتي
وأرسلت لهن تحية
قلت فيها " تحية للفتيات الصديقات الآتي أعددن كل شئ لرحلتي ، بدءا من الحلي والهدايا حتى الأمنيات الطيبة ، وقوة اليقين .
الصديقات الساحرات وددت لو كن جميعا هنا الآن .. لكن تحية صادقة من القلب لهن ."

ابتسم الآن لأن المشهد لم يكتمل دون اصدقائي الرجال ايضا ، طاهر وهو يقاوم كسلي ، ويضغط عليّ بإلحاح ان اتقدم لهذه المسابقة ، هاني وهو يعتني بصديقته ويرسل لها تعويذة الجائزة وهو ينصحني أن اخذ الاب توب معي حتى لا أمل ، كنت سأجن يا هاني شكرا لنصيحتك ، محمد أبو زيد ومحبته العميقة التي تصل لي حقيقية ورائقه مثله ، عم وحيد – حبيبي الذي تدفئني صداقته ، وتبهجني ، وهو يقلق لأجلى ، ويقتسم معي انتصاراتي الصغيرة بصخب احتاجه ليؤنس روحي بمحبته .
أحمد وهو يقلب في روحي ويطمئن أني اتعافى من اوجاعي ، عمرو وهو يراجع كلمتي للحفل ويرتبها لي في يوم مزدحم بالعمل ، الجميع وهم يلتفون حولي ويمسكون يدي ويبتسمون لي ويلوحون لي برايات محبة .
صديقاتي واصدقائي شكرا للمحبة التي تحوطني .. شكرا لهذا الونس وهذه الطيبة .

Thursday, October 20, 2011

الكتابة / البرطمان / الوطن










كان عليّ أن أمحو 4 أسطر من الكتابة التي تشبه البازل غير المكتمل قبل أن ارضى عن جملة للمفتتح .
مفتتح نص أراوغه منذ أسابيع وربما منذ القدم ، سأبالغ قليلا لو قلت ذلك ..
لكنه يلوح لي منذ فترة ، وانا لا أجد طريقة للتواصل معه .
انه يسرسب لي خطوطا عريضة ، ويترك لي ملئ التفاصيل ، وأنا مشتتة التفكير حاليا بأمور أخرى .
يدحرج لي برطمان الصلصة الفارغ الذي تورط معه في علاقة عاطفية ، فغسلته جيدا ونقلته لحجرتي ، واصبحنا نتبادل النظر واللمسات طوال الوقت .. البرطمان يرغب أن اكتب عنه ، لكني حاولت مرتين وأخفقت ، فأخبرته ان تبقى علاقتنا هكذا بلا كتابة .. وان الكتابة توثيق وعلاقتي به عابرة وبدون مستقبل .
كان عليّ ان ابدو واضحة وحاسمة معه ، حتى لا يتهمني في المستقبل أني كسرت قلبه – كما يحدث لكل الفتيات الساذجات مع الرجال قساة القلوب
هل لبرطمان الصلصة قلب!
لكن الكتابة قاسية ، وبلا رحمة ..
ستجئ كإمرأة سيئة السمعة ، وشبقة .. وستنال مني وقتما تريد هي ، لن تضع اعتبارت لحالتي المزاجية ، ولا لجسدي المرهق بفعل استهلاكه المتكرر من أرواح ليست طيبة دائما .
ستغوص بأصابعها العظمية الرفيعة في لحمي ، وتترك أثار شهوتها وعذابي ، لاحقا سيكون عليّ أن أبرر لرجل يشاركني الفراش كل هذه الأمور .. لكني لن أجد ما أخبره به .. سألتزم الصمت وأتركه لخياله .
المشهد الذي أذكره من ليلة أمس ، كان جملة يقذفني بها صديق اثناء عبوري شارع شامبليون ، يسألني تكتبين نصا أم شهادة ، أخبره دون أن أتوقف عن المشي ، لا اعرف لازلت اعجنها ولم يتبين حالها بعد.. كنت اتكلم عن كعكة الشيكولاته التي طلبها مني أخي محمد أول أمس ، ورفضت بحسم قاطع أن اخبزها ...
أنا مشتتة في أمور أخرى .
انا كنت أتحدث عن الكعكة ، بينما يسأل صديقي عن كتابة طلبها مني لأمر ما .

الكتابة تلك الفاجرة ، جاءت لفراشي أمس ، وسحبت المفرش الاخضر الذي يدثرني ، وجثمت هي فوق جسدي ، وأنا قاومتها كثيرا لأني كنت اشعر ببرد الشتاء الجديد ، وأثر شجن لازال يمضي في دمي .

قاومتها كثيرا لكنها نالت مني ببعض الخدوش ، والكثير من الإنتهاكات التي يعاقب عليها القانون – لو عشت في أي حياة كان بها قانون – لكنها تعرف أننا لدينا انفلات امني وأننا استبدلنا اغنية طابور الصباح ب- طفي النور يا بهية كل العسكر حرمية "
وأن الذين سرقوا العلم استبدلوه في الصباح بثلاث قطع ملابس داخلية سوتيان أحمر لإمرأة مات عنها زوجها ، وشاخت وتهدلت ولم تعد ترتديه ، وقطعة أخرى سوداء لفتاة صغيرة تحتفظ بملابس داخلية جديدة لرجل لن يجئ بينما تسقط أوراق عمرها تحت وطأة الحرمان ، الابيض كان سهل الحصول عليه لأن قنوات التليفزيون لا تذيع سوى إعلانات قطونيل بديلا لحديد عز وباقي رجال الأعمال الذين بنوا اقتصادا مشبوها يعتمد في الاصل على البسكوت واللبان .

لم أكن ارغب في الكتابة عن ذلك ، السياسة تلوث كتابتي تبدو كبراز قط على تيشيرت أبيض .
الكتابة عادت في الصباح ، لم يكن لديّ وقت لها .
قلت لها بحسم أني مرهقة ، وسأذهب للجريدة ، واقابل صديقات في المساء ، وان اليوم ليلة الخميس بإمكانها ان تجئ لاحقا ، لكنها جذبتني من شعري ، ووضعت أناملي المرسومة فرينش على لوحة المفاتيح ، وجلست تقطر دما وغلا وتراقبني .
لماذا تبدو الكتابة قبيحة هذه الأيام ، لماذا تعاملني بهذه القسوة .

جلست لأفكر في حديقة ، لأستدعي لقطة حب ، حضن يكفي ليفكك تجمد أطرافي ، لكني أتذكر فقط المزيد من الواح الثلج رأيتها تعبر الطريق أمس .
أتذكر صفقة تبديل الأسرى ، واختفاءي في فراشي ذلك اليوم ، وشعور بالذنب يمزق روحي لأني لا اشاهد ما ينقله التليفزيون المصري ، ويبدو تاريخيا .
أنا اضعف من أن اتابع كل هذه الأرواح التي أنسكبت من المعتقلات الإسرائيلية ، الأمل واللوعة في عيون الأهالي ..
اختفيت قليلا ثم وقفت قليلا أمام شاشة التليفزيون دون ان أجلس ، ثم قرأت لتعليقات بشكل خاطف .. من السابعة صباحا وأنا اعرف أن امورا مهمة تحدث .. طاقات وعذابات هؤلاء البشر على الحدود البعيدة / القريبة كانت تشج روحي وتنقل لي ذبذبات القلق والأمل .

في المساء بدلا من الجلوس لمشاهدة منى الشاذلي وابراهيم عيسى وضيوفهم من المجلس العسكري ، أدخل لحجرتي واشاهد فيلم " بنتين من مصر " وأتلصص على الفيس بوك لارى تعليقات الاصدقاء على ما يحدث .

بعدها بقليل أفقد رغبتي في مشاهدة الفيلم ، أومعرفة تعليقات الأصدقاء
أسحب المفرش الأخضر ، أختفي تحته .. قبل أن تفاجئني يدها العظمية من جديد ، وهي تسحب الغطاء وتمارس فعلتها المشينة معي .

Saturday, October 15, 2011

هاني عبد المريد ... كاتب من لحم ودم وحكايات

ابتسمت لروايته " كيرلسون" وهي تعبر الطريق أمامي ، كانت في يد رجل يمشي في الشارع ، خطر لي أن استوقفه واسأله عن رأيه فيها ، واخبره انها جميلة ، وأن كاتبها هو صديقي .
كان ذلك بعد ايام من حصول هاني على جائزة ساويرس .. بعدها بقليل هاتفته وحكيت له بصخب وبكثير من الحماسة كعادتي ، لكن هاني ضحك وقال لي بهدوء راهب زاهد .. تلاقيه حد من أصحابنا .
لم أعتز بمجايلة كاتب قدر اعتزازي بهاني عبد المريد ، هكذا نتهامس نحن أصدقاءه – نقول دائما في حضرة هاني أو غيابه " الولد ده كاتب كبير"
لهاني رواية أخرى غير" كيرلسون "هي " عمود رخامي في منتصف الحلبة"صدرت عام 2002 ، تحكي عن شاب ينتظر حبيبته في ميدان بجوار عمود رخامي ، الرواية تبدأ هناك وتنتهي هناك في حوار من طرف واحد يسمعه الذي يقوله ونتلصص نحن عليه ، وعلى عالمه .
رواية بسيطة وممتلئة بالجمال والتفاصيل والألم ، تماما كما كانت " كيرلسون لبطل وحيد في مكان مغلق يتحدث موجها كلامه لأحد غير موجود .
الغياب والتيه ، والمأزق المكاني والنفسي حاضر عند ابطال هاني ، يتسرسب بقوة وعفوية لنا ، يحتجزنا ويشعرنا برهاب العزلة والوحدة .
بطل جديد ، غير مستهلك، يخصه ، يخرج من روحه صادقا وحقيقيا وجديدا.
رغم ضعفه وارتباكه ، يشير لنا على جروحنا ونقاط ضعفنا ، يلقى امامنا بشر من لحم ودم ، وأزمات ، وحكايات سخية ، متماسكة ومؤلمة .
ثمة حياة في هذه الكتابة ، لم أجد مثل تنوعها وثراءها وصخبها في كتابة احد آخر من هذا الجيل ، خاصة في المجموعات القصصية .
لهاني عبد المريد مجموعتين هما "شجرة جافة للصلب" ، "إغماءة داخل تابوت "
أنا احب شجرة جافة للصلب ، رغم انها أول أعماله المنشورة بسلسلة الكتاب الأول ، لكنها بدت تجربة أولى مكتملة بلغة راقية ، مجموعة بها تجريب كاتب محترف ، بدءا بقصة الخلق الذي ابتدعها في مفتتح المجموعة حيث بوكا الذي لم يبك ابدا ، وكان اول شعبه ، مرورا بالأزرق الانهائي الذي كان في الأصل جمال إمرأه ..
بينما تصل مجموعته الثانية " إغماءة داخل تابوت" ، ممتلئة بالحكايات والرسائل نصفها كتبه على الورق وجزءها المختفي تركه لنا لنعيد كتابته ونختار ما يناسبنا من نصوصه تلك .
تنسكب روح هاني ، وشجنه المختفي في طيات روحه على الورق ، ينسكب كتابة جميلة ، وشجن شفيف يملأ أرواحنا بخدوش لا يداويها شئ .
لهاني مجموعة جديدة على وشك الصدوروهي " أساطير الأولين" عن دار ميريت للنشر ، وهي حكايات لبشر آخرين ، متماسكة وشجية وممتعة ككل ما كتبه .
تفيض عذوبة وإنسانية ، لم اعرف بعد ما الذي كتبه في تصديرها كإهداء
لا يعرف هاني اني أحب تصديرات كتبه ، وانه كان صديقي منذ وقت طويل ، لكنه أصبح صديقي أكثر لأجل إهداءات كتبه تلك .
نحن نطمئن عندما يكون لنا اصدقاء يملكون ذلك الصفاء لكتابة إهداء كتاب لإخوة أحتملوا إضاءة نور الحجرة ليلا ، ولأم واب ولرفيقة درب وزوجة .
صديقي الذي من لحم ودم وكلمات ، يتعايش بنبل وصبر مع كونه كاتبا ، يحتمل ارق الكتابة وأوجاعها دون أن يلحظ أحد ممن حوله ذلك ، يتظاهر بانه يشبه كل من يتعامل معهم في الحياة ، ويخفي سره الصغير ، حتى يكتمل قمرا وكتابا جديدا
لحظتها يمارس لعبته كساحر قديم ، ويبوح دون أن يقصد بقصة الخلق التي تبدأ عنده وتنتهي عندنا محبي كتابته وعوالمه الشديدة الطيبة مثله.



Monday, October 03, 2011

عن الشغف































Monday, September 26, 2011

عيش مفاجأة


يوم يبدأ بعبد الله يتدلل كقطة في فراشي ، يفتح يديه الصغيرة على وسعها ، ويبدأ الكلام لحظة أن يفتح عينيه التي تمتلأ بالعذوبة والشقاوة .
يقول لي – سريرك الجديد حلو ، أحلى من التاني – أجرب ان اخبره بأن السرير لم يتغير وإنما البيت ، لكني أصمت وأتركه يبتهج بالفراش الأحلى .

أعتدل لأضم يديه في حضني ، واتفرج على طفولته التي تصحو مع أول شعاع للشمس ، هكذا يبدأ الفوضى بأن يخبط جسد النائم جواره ويقول – النور طلع ، النور طلع "
النور دائما يطلع للأطفال محملا بوعود تستحق الفرح .

اللقطة التالية في صباح عبد الله هو أن يحكي لك حلمه ، يقول دون مقدمات أنا حلمت ويبدأ في قص الحكاية ، في الليلة التي قضاها معي كان حلمه عن المشي ، قال لي حلمت اني مشيت كتير أوي ، قالها ورفع قدمه الصغيرة التي يرتدي فيها جوربا ، دائما يرتدي جورب لأنه يخاف من التراب ، هو واخته الصغيرة ملك لديهما فوبيا مرضية من التراب ، لأن أمهما لديها فوبيا نظافة مرضية ايضا ، بإمكانها أن تسخر مني كما تشاء بسبب الفوضى والاتربة التي اتركها لأيام في البيت دون ان افكر في إزاحتها ، مهمة تنظيف البيت ليست مهمتي ، أنا اطهو واكتب والعب في الماء ، على ام احدهم ان تجئ كل أسبوع لتنظف البيت .
وعلى المتضرر تنظيف البيت .

رفع قدمه الصغيرة التي ترتدي جوربا صغيرا ، وقال مكملا حلمه ، مشيت كتير أوي ، رجلي وجعتني
كان عليّ أن اضم قدمه الصغيرة التي توجعه إثر المشي في الحلم واقبلها ، قبلة الألم تلك ، أحبها ويحبها كل الأطفال ، يكفي أن تمسك يده التي أغلق عليها الباب أو جبهته التي اصطدمت بالأرض وتمنحها قبلة فيتوقف عن البكاء أو التذمر ، ويذهب ليكمل اللعب الذي يبدو أبدي .

يوم يبدأ بعبد الله ، أو ينتهي باللعب مع ملك ، اللعب مع فتاة صغيرة مثل ملك يعني أن تغني معها ، وتدغدغها وتحمل عنها العرايس وتصفف شعرها ، يعني أن تضع في فمها طعاما ساخنا بعدما تبرده لها وتلملم بمحبة الفتات عن شفتيها فتضعها في فمك دون أن تلحظ .

أيام تبدأ وتنتهي بعيش المفاجأة التي تحضره لنا جدة الطفلين ، ساحرة الدقيق الجميلة ، تلك الأم التي تبهج زيارتها كل من في البيت ، لأنها تجئ دائما ومعها فطائر صنعتها للجميع بكل المحبة ، تجئ بأصناف مغمسة بالحب ، أصناف قادرة ان تقلب أرواحنا الغائمة وتطفو بإبتسامة .
عيش المفاجأة هو العيش السوري الذي يحبه عبد الله وأحبه أنا وملك وهالة ، اسمه مفاجأة لأنه خرج من حقيبة ممتلئة عن آخرها بالحاجات الحلوة ، كان آخر ما خرج ، قالت ساحرة الدقيق وأخيرا المفاجأة ، وعندما نظر عبد الله بقلبه الصغير داخل الكيس ابتسم وقال – ده عيش مفاجأة – واصبح اسمه الرسمي في العائلة عيش المفاجأة .

صباحات تبدأ بطفلين أحبهما لأني أفرح في دور الخالة واعرف انه يناسب مقاسي للسعادة ، صباحات بها أمهما الصغيرة هبة التي طلبت مني في مكالمة متأخرة الليلة الفائتة ألا أكتب عنها ، ابتسم الآن لأني قاومت طيلة اليوم الكتابة عنها ، ثم ابتسمت وأنا افتح صفحة بيضاء ، واجرب ألا أكتب عنهم .
هبة أنت عيش المفاجأة الذي يصنع بهجة صباحاتي .

Saturday, September 17, 2011

مثل ساحرة طيبة


ضممت يدي كلها على ضحكة طفلة صديقي ، الطفلة السمراء التي تشبه وعدا بالفرحة ، ضممت يدي كلها لتكتمل أمنيتي لهذا العام .
توقفت قليلا عن الكتابة ، قليلا جدا ، فقط لألتقط انفاسي بعد إنتهاء روايتي الجديدة .، وجائزتي الأدبية التي جاءت في وقت مثالي جدا للسعادة ، أنتقل لبيتي الجديد ، بيت أخترت كل ركن فيه ، فبدى في نهاية الأمر مثل – عالما كرتونيا مفرحا – لكنه عالم نهى ، الكثير من البنفسجي والازرق والبرتقالي ، شتلات زرع وضفادع ألمحها على ضوء القمر في بركة الماء السحرية التي تظهر في المساء وتختفي نهارا ، ابتسامتي التي يخبرني ابي أنها تبقى على وجهي عندما أنام.. لم تصمد ابتسامتي أبدا ضد الغم إلا في هذه الأيام .
أفرح من كل قلبي ، وأختبر عالما جديدا بلا خيبات حب .
أوزع فائض مشاعري على اصدقائي ، وأحبائي ، وانثر غبارا سحريا كجنية طيبة تنوي أن تقتسم أسرار الأمل مع الجميع .
بشارات الأمل ، طاقات النور ، تلك التي بقت سنوات تعد تعاويذها دون كلل ولا يأس ، جاء اوان حصادها اخيرا
مطبخ سأقضي فيه كل ساعات الأرق والفرح ،
بالأمس كان يومي الأول في المطبخ الجديد .. بالأمس فقط عدت للكتابة وللطهي ، وللإختفاء في حضن من أحب.
تلك الأحضان الدافئة التي لا تفلتني أبدا .
صنعت سبعة اصناف طعام ، قطعت الكثير من الخضروات ، وصفاتي كانت ممتلئة بنشوة العتق ، وبهجة القوة ، ومزيج الأمنيات الطيبة والمحبة .
في نهاية اليوم ضممت يدي كلها على ضحكة الطفلة السمراء التي تشبه وعدا بالفرحة ، فركت يدي برفق على قلبي الذي اثق فيه ، فنبتت ابتسامة ممزوجة بخضرة النبته الأولى التي خرجت من حديقتي الصغيرة الجديدة ،
أختلطت برائحة الخريف الذي أحبه لأول مرة بلا حزن ، خريف جاء لي ولكل عشاق النسيم / ممتلئ بعبق الجوافة فاكهة النساء الاكثر جمالا ، وبلح هذا الفصل من العام ، اسميه بلح المدارس ، أفكر في قلم رصاص جديد وأدوات مدرسية أهدتها لي هبة ، فبادلتها حضنا تستحقه .
أقف الآن وفي يدي مظلة تليق بساحرة مثلي ، تفتخر بسذاجتها وارتباكها ومحبتها للحياة بكل ما تخفيه . أقف فوق سحابة تشبه أرنب ، واقفز بلا خوف وفي يدي كل الامنيات والفتيات الآتي سيجربن الفرح عما قريب ،
الفرح الذي يحتاج من كل منهن فقط بعض الإيمان ، والقليل من القوة للقفز من هناك ، ومظلة من المحبة تصلح تعويذة للحماية.

Saturday, September 03, 2011

مبسوطة





نهى محمود تفوز بجائزة دبي الثقافية في الرواية



فازت الروائية المصرية نهى محمود بالمركز الأول لجائزة دبي الثقافية في الرواية في دورتها السابعة لهذا العام
وذلك عن روايتها "هلاوس".
تدور أجواء الرواية في مساحة بين الواقع والحلم، حيث تبقى بطلتها في فراشها تستجدي النوم وخلال يوم واحد هو الفترة الزمنية لأحداث العمل، تمر على خاطرها كل ذكرياتها، وإحباطات حياتها. إذ تعاني البطلة من الفقد والحنين لكل ما غاب ومر، وتنتظر النوم، ووسط كل ذلك تستدعي عالما مزيجا بين الحلم والهلاوس.
نهى محمود كاتبة وصحفية مصرية مواليد أول أغسطس 1980 – القاهرة، تخرجت فى كلية الأداب، قسم الإعلام، جامعة عين شمس 2001، وصدرت لها أخيرا رواية " الحكي فوق مكعبات الرخام" في طبعة ثانية عن دار الشروق ولها مدونة أدبية بعنوان " كراكيب " ومن أعمالها السابقة روايةبعنوان " راكواشا ".


مبروك يا نهى :)

Saturday, August 27, 2011

فراولة




Wednesday, August 17, 2011

أغسطس القمر والمحبة


الكوردن بلو ليس ضمن أطباقها المفضلة ، لأنها لا تجد حشوا مناسبا له ، لكنها تصنعه وتقدمه مع السبرنج روتس كمقبلات جوار الطبق الرئيسي .
في الأسبوع الماضي قررت أن تنهي كتابها الجديد ، لأن اغسطس قد جاء ، ولا يمكنها تفويت عطايا هذا الشهر لها .

تجلس على أرضية حجرة المكتب ، تضع ساقها التي توجعها إثر كسر قديم فوق مخدة مستديرة ، وتفكر في حشوة مختلفة للكوردن بلو ، وفي فصول الكتاب الباقية .. تتحسس روحها فتشعر بنعومة وبراح ، تجعلها تبتسم بعمق وثقة .

نصف صديقاتها على الاقل يعانين أوجاع الحب ، ونصف أصدقاءها الرجال يعانين الغم .
الحزن العام الذي تلمحه في اصوات الجميع ، وإنطفاء لمبات الأرواح من حولها ، يجعلها تخجل من فرحها الصغير كلهب شمعة يكفي ليضئ لها عتمة الكون ، أن تنهي كتابها أخيرا بعد عامين من العمل ، أمر يستحق الفرح ، تقضي يومين تبستم وتضبط نفسها وهي تهبط السلم كله دفعة واحدة كأنها تطير ، خفيفة مثل حلم ، تتحسس الفلاشة وتقبلها كثيرا طوال الأسبوع ، وكأنها تشكرها .
ولا تستطيع منع نفسها من التنويه لطه وهو ينقل لها افلام لن تعجبها ، خد بالك الفلاشة فيها حاجة مهمة – ينقل لها الافلام في ندوة أمينة التي تسمع فيها شعرا يكفي لسد رتق وفراغ الروح ، تعجبها قصيدة هيثم التي تحكي عن حبيبة مجنونة، تتماس معها تماما عندما تكتشف أن بطلتها لديها سمكة برتقالية مثلها ، وان بطلة القصيدة وجدت حلا لمشكلتها الوجودية مع السمكة .
السمكة التي تقتصر حياتها على الدوران في الدورق ، ومراقبة فتاة شبة مجنونة تقضي الليلة في الكتابة وتقبيل الفلاشة والرقص والغناء بصوت عال ونشاز ،
سمكة فتاة القصيدة بإمكانها الخروج مع صاحبتها ، نزهة في كيس بلاستيك هكذا قال هيثم ، وهكذا قررت هي أن تفعل مع سمكتها الجديدة التي تجلس الآن وتحدق في شمعة الفراولة .
ضوء الشمعة وخيالات ضوء القمر الذي يلاعبها وهي تجلس على مقهى صالح مع عدد من أصدقاءها ، تلك الجلسة الكابوسية الكوميدية التي أمتلئت بحكايات عن الموتى والأشباح والعفاريت ، الضحك المشتبك بالإرتباك .
يقين محمد ابو الدهب وهو يسأل بجدية عن الموتى ، فتفسد هي تلك الحالة بالكثير من الهزل ، يشاركها في تلك الفوضى الحلوة هاني .
بينما يقوم عامر بدور البطولة في الجلسة ، فيحكي هو كل القصص ، ويستمع لها في وقت واحد .. وينوي طاهر أن يقص حكاية لكنه يتراجع في آخر لحظة ، لأن في جلسات مثل تلك نتكلم جميعا في صوت واحد ، وننسى أن نصمت ، تمتلأ الدائرة بالمزيد من الحلوى / الاصدقاء.
تترك روحها كقارب خشبي بلا شراع في ليلة بها قمر مكتمل ورياح خفيفة ، ومد ساحر ، يكفي لهدهدة جوانبها ، تبتسم مثل القارب ، وتنصت للمشهد .

تقضي ليلة حلوة ، فتكتب ذلك على صفحتها على الفيس بوك ، فتعلق شاعرة صديقة أنها ستعرف تفاصيل الليالي الحلوة من " كراكيب" مدونتها ، فتبتسم ، وترتبك ، لكنها في النهاية تكتب عن كل الليالي الحلوة ، لأنها تظن اخيرا أن الليالي الحلوة تستحق بعض التنويه ، وأن الإفطار عند حمام السباحة في النادي كان ممتلئا عن آخره بأصدقاء ومحبة تكفيها لعام قادم .
مثل إفطار آخر حيث تفاجئها البسلة وهي تبتسم في الطبق ، فتفرح لأنها تحبها من يد سهى ، حيث تشدد نهى الصغيرة عليها ان تاكل وتضع لها في طبقها المزيد من الطعام ، فتنظر لها وتفكر ان البنت الصغيرة كبرت ، وان ذلك يطمئنها قليلا ، لأن الحياة تمضي ولا تقف .

جلسات الاصدقاء من مقهى صالح وحتى التكعيبة حيث يتكوم الجميع ، في زحام وفوضى ، فلا يسمع احد شئ مما يقوله الآخرين ، لكنه الونس الحلو ، ومزاجها الطفولي السعيد بإنتصارات تخصها ، وتخص بعض الذين تحبهم ، يكفي لتلائم الفوضى والضوضاء في شوارع وسط البلد .

أغسطس وهدايا عيد ميلادها التي تفكر بجدية أن تنشر صورها كلها على مدونتها ، لأن هذا العام كان مميزا كما لم يكن عاما غيره .
ولأن الزجاجة الملونة التي أهدتها لها دعاء ، وصينيه صنع الفطائر التي أهدتها لها هبة ، ومائة وستون امنية طيبة تلقتها على صفحتها على الفيس بوك ، وعشرون قلم رصاص ، وكراسة من ورق مميز بلا سطور ونسخة من رواية الحرافيش وبراية مكتب وعلبة شيكولاته مكنتوش ، وساعة حائط قرمزية وبوكيه ورد ، وسماعات للاب توب ، وعقد واسورة من الخرز الملون ، وصورة رسمتها لها زهرة ، وشمعة وأمنيات طيبة تكفي لمائة عام ، فقط لو عاشتهم هي .
تستحق أن تبدد كل هزائم هذا العام .

بمشاعر مثل تلك وأكثر ، تقبض على يد أغسطس ، وتهمس له – خليك شوية - ، تفعل ذلك وتقبل الفلاشة ، وتغني بفوضى وتلوح للقمر المضئ هناك .

Friday, July 29, 2011

يشبه الكسر


تقفز من الشرفة
هي التي تخاف المرتفعات والبطيخ ، تغلبت على فوبيا البطيخ بنصيحة صديقها الشاعر الطبيب يحيي قدري، قال لها وهما يمشيان في شارع الفلكي
قولي ورايا – البطيخ طيب البطيخ حلو – قالها بصوت عال متصنعا الجد
في المرات التالية كلها ظلت تردد ذلك بحماس ، حتى استطاعت لأول مرة ان تلمس بطيخة كبيرة تبدو متوحشة في الجانب المخصص للبطيخ في الهايبر – السوبر ماركت العملاق الذي يجعلها تشتري أشياءا كثيرة لا تريدها لمجرد ان عليها عروض .
تلمس البطيخ بعدوانية ، تلسعه على صلعته وتفر ، فيما بعد صارت تلسعه وتقف قليلا جواره منتظرة ردة فعل .
في النهاية أعلنت انها تخلصت من فوبيا البطيخ ، لم يعد قلبها يدق بشدة عندما تراه قادما من بعيد في عربة فاكهة .
لم يعد محمد أبو زيد قادرا على معايرتها بهذه الفوبيا الآن ، سيكتفي بغرامها الغريب بسمكة الحنكليس .. ولم يعد على الطاهر شرقاوي أن يطلب منها أن تشيح ببصرها عن الجانب الأيسر للرصيف بجوار مقهى صالح حيث يقف بائع البطيخ حتى لا تخاف وهي تجلس هناك بعد ضهر يوم الأحد لتشرب القهوة معه ومع طارق هاشم الذي يناولها كل مرة كتابا ضخما قديما يستحق منها شهقة قبل ان تقول لزمتها التي يعرفها كل الأصدقاء – أه يا قلبي- ،
ولم يعد أبوها مضطرا للحرمان من هذه الفاكهة التي يحبها لمجرد ان وجودها في البيت تجعل البنت متوجسة طوال الوقت .

تقفز من النافذة بسهولة من لم تعاني من فوبيات في حياتها ، بسهولة الخروج من رحم الأم للعالم .. بقسوة ما ينتظرها هناك .
عندما تسقط من الدور الثالث ، تترك نفسها هناك وتعود للداخل متخلصة من الحب وأوجاع القلب ، وحبيب لم تفلح أن تحتفظ به في قلبها أكثر من ذلك .. فمدت يدها لقلبها وأنتزعت ذلك الرجل الموجع جدا ، القاسي ، وتحيرت اين تتركه فغلفته جيدا ووضعته في الديب فريزر ذي الادراج الخمسة الذي اشترته مؤخرا من الهايبر لأن عليه مكواه هدية ، هي التي لا ترتدي ملابس تحتاج للكي ، وترسل ملابس الآخرين للدراي كلين ، ستحتفظ بالمكواة لتتزلح عليها في مدينة سحرية مغطاة بالثلج ، يركب فيها البشر المكواة للتنقل .

تعود للفراش ، وتفكر في أنها اشتاقت جلسة صباحية على مقهى البستان مع صديقها وحيد الطويلة الذي يصبغ القاهرة بألحان مبهجة عندما يعود في إجازة ، تبتسم وهي تتذكر البالونات التي كانت تلعب بها مع الصغيرة ليلو على رصيف شارع شريف ، فوقعت منهما معا ضحكة خالصة ، صارت تشير لها كل يوم عند مرورها من هناك وتسألها عن ليلو ، فتجيب دون أن تتوقف ستجئ قريبا .

تقفز من النافذة ، وتعود للفراش ، ثم تنهض متحسسة كسورالروح ، وخدوش الجسد إثر السقوط .. وتتحرك بهدوء لتدخل حجرة المكتب .
تفكر في فيلم – سماء الفانيليا – ذلك الفيلم الكابوسي الذي لا يعجبها فيه سوى اسمه ، خاصة وهي تتذكره طوال الايام التي قضتها في فراشها تبتلع حبات المهدئ ، وتحاول الإبتسام لكنها تخفق فتبكي .

فلا ترد على هاتفها عندما تتصل بها رحاب العائدة في إجازة ، لأنها لا تستطيع أن تقابلها بكل ذلك الإنكسار .. تفكر أنها ربما تغادر هذه المرة دون أن يتقابلا ..
دون أن تمنحها حضن يكفيها شهورا اخرى من الغياب ، دون ان يتجولا في شوارع وسط البلد لتتأكدا معا أن ثمة ما بقا هنا رغم الغياب .

تشعر بإستياء لأنها لم تستطع أن تحضر حفل توقيع خالد ، لأنها قضت ذلك الوقت هناك على الرصيف في الشارع المهجور ، تحارب الأشباح .

تخرج رواية " اطياف" وتبتسم لها .. وتعرف أن رضوى عاشور تصلح لهذا الوقت من العام ، ولهذا الحزن ، ولهذه الروح المكسرة مائة قطعة .
تتذكر زهرة التي أرسلت لها رسالة على هاتفها المحمول تخبرها فيها أنها سترسل لها بعضا من الطاقة والأمنيات الطيبة ،
وفي رباب التي تنتظر أن يتحول الوجع لكتابة ، فتبدو لها إشارة مفادها أن تكتب حتى تتداوي ...
تفكر في شراء فانوس لصديقة صغيرة تحبها ، وتشعر أنها مسئولة عنها بشكل ما ، وتفكر في المزيد من حبوب المهدأ ، والصمت
تتذكر كل من تحب ، وتفكر في كل ما خذلها ، ثم تنهض من جديد وتنظر من الشرفة على نفسها التي قفزت منذ قليل قبل أن تعود للداخل في هدوء ، متحسسة أوجاع الروح وخدوش الجسد .

Saturday, July 23, 2011

التفاصيل التي تحبك



تفاصيلي تحبك
أخبرته بذلك بلا أي حرج ، رغم غضبي منه ، رغم عدم رغبتي في المزيد من الألم والجرح الذي يسببه لي وجوده، هو الذي يتكئ على قلبي بحماس حبيب ، في حين انه أختار ان يكون رجلا متجولا. في عالم لا يمكننا أن نتوه فيه دون أن نترك علامة واضحة كبيرة في الوطن الذي نحن له، ونحتاج للعودة إليه كل فترة .. لنختفي في حضن أحد نحبه .
أحد نعرف انه ينتظرنا بلهفة وشوق ومحبة تكفي لتعالج كل خيبات العمر .
أنا أنتظره دوما ، أترك له قمرا مكتملا على باب الوطن
قمر يبقى طوال العام مكتملا ، قمر يخصنا انا وهو ..
أنتظره ولا يزعجني ألا يعود ... أو هكذا أظن ..
لأن الكوخ الخشبي على اطراف غابة الكتابة يتوهج لحظة عودته ، ترقص أقلامي الرصاص الزرقاء فرحا .. تعود الروح للحكايات و لي .
أتأمل أشيائي وتفاصيلي وهي تفرح لأنه عاد ، فأعرف أن تفاصيلي تحبه .
حتى وإن أحتضنني بإطمئنان أقل مما أنتظره ، حتى وإن تحسس حقيبته طوال الوقت استعدادا للمغادرة مع حبيبات أخريات .
تفاصيلي تحبه ، حتى وأنا غاضبة وحزينة لأنه لا يستحق ذلك الوله ، ولا رجفة القلب ، ولا الشوق الذي يمتد من هنا حيث انتظر وحتى الجانب الآخر حيث يخطط هو للغياب .

Wednesday, June 08, 2011

محمد أبو زيد- عن أنشودة الحزن القديم التي لا تغادر الروح


كل مرة أعيد فيها قراءة هذا المقطع عند خوان مياس أتذكر صديقي العذب
الشاعر محمد أبو زيد
يقول مياس : " في البداية كانت البرودة .. والذي شعر بالبرودة في صغره سيظل يشعر بها طوال حياته ، لأن البرودة في الصغر لا تذهب أبدا .
إن البرد لا يأتي من أي مكان وبالتالي لا يوجد طريقة لإيقافه .. فهو يشكل جزءا من الجو ومن الحياة .. فشرط الحياة كان البرودة "

الحزن هو شرط الحياة داخل كتابة محمد أبو زيد
هناك كتب لا تتحرك من على طاولة القراءة لتعود لمكانها بالمكتبة ، هي كتب يطمئني قربها ، تخبرني طوال الوقت أن بإمكاني الخروج من زحمة الحياة ، وسخافة العالم ، والجلوس في مكان أكثر إنسانية وبهاء
من هذه الكتب " دواوين " الشاعر محمد أبو زيد

كنت أنوي من فترة طويلة ان اكتب شيئا عن هذه الأعمال كلها ، لكني في كل مرة أجدني أنقل القصائد التي أحبها ، أنا اعود لنقل القصائد كلها ، ومحبتها كلها ، والشعور بالحزن العميق بها ، والتساؤلات التي تشغل ذلك الشاعر المهموم بتفاصيل غير مرئية لكنها موجعة وعميقة .

الموت ، والفقد ، والحزن
ثلاثية التأمل في أعمال أبو زيد كلها ... مناجاة الذات عبر العالم

أعماله تبدو مثل نداء طويل يتردد صداه على الورق ، على من ينادي محمد في عوالمه المكتوبة ، النداء الذي تحول في روايته إلى ما يشبه الصراخ

سرداب من الحزن الشفيف تقابله في حروفه ، ولا تخطئه في روحه التي تمتلأ بهموم الإنسان الذي يصعب عليه أن يحيا وسط ركام هذه الفوضى .

ربما لم استطع هذه المرة ايضا أن أكتب عن كتابة محمد التي أحبها ، وتؤنسني في أيام الوحشة والبرد مثلما تفعل كتابات جميلة لأصدقاء سأذكر دوما كم أنا محظوظة اني كنت معهم في جيل واحد ، نقتسم معا الشوارع والمقاهي والخيبات والأحلام

ربما لم أخجل هذه المرة أيضا من الكتابة فقط عن محبتي لكتابة محمد وله هو الصديق الممتلئ بأخلاق لم أصادفها كثيرا إلا في قصص الجنيات الطيبة .

يا صديقي الحزين .. كعادتي سأذيع سرا عنك
أنت أنبل من ان تحتمل فوضى هذه الحياة ، لكنك اقوى من أن يهزمك هذا الجنون والقبح ، ومسودة ديوانك الجديد مؤلمة وساحرة ، وأحببتها من كل قلبي .

Saturday, May 21, 2011

في الأخير



تخذلني بمنتهى الحماس ، ومن كل قلبك

Tuesday, May 17, 2011

الحزن البديل



تقضي اليوم بلا ملابس داخلية ..
تتحرر من الكيلوت في منتصف نومها ، بعض الناس يتحدثون في نومهم ، البعض يمشي ، هي اعتادت أن تنجز بعض المشاوير الصغيرة وسط نومها .. تستيقظ وتذهب للمطبخ تفتح الثلاجة وتضع في فمها " حاجة حلوة " قطعة من الفاكهة .. قضمة ساندوتش تركته هناك على حافة الطبق على المائدة المستديرة التي تجلس عليها لتعد الطعام للطهي
تلوك حبة لوز لتقوية الذاكرة وتشرب الماء ، وتعود للنوم كأنها لم تفعل شئ .
هذه الليلة تحركت في الفراش ، خلعت الكيلوت وعادت للنوم .. بالحماس والإطمئنان ذاته .
في الصباح وهي تتحرك شعرت أنها تجرب شعورا جديدا ، قطعت مسافات أكثر من الحجرة للمطبخ للحمام وباب الشقة ، ثم كررت الحركة نفسها بلا هدف غير الإستمتاع بتجربة ذلك الشعور .

فكرت أن تبحث على الإنترنت عن الحكاية التاريخية لإختراع الملابس الداخلية ، تعرف أن لديها على الأقل مقالين تحتاج لكتابتهما ، وكل منهما يحتاج لبحث طويل ، والكسل مستحوذ على روحها كشيطان .
لكن فكرة البحث عن تاريخ الملابس الداخلية بدى محرضا للعمل .
فكرت حتى أنه يمكنها أن تنشأ جروب على الفيس بوك تطالب فيه بمنع استخدام الملابس الداخلية ، وقفة احتجاجية أمام مجلس الوزراء أو أحد السفارات
أو حتى الدعوة لمسيرة لإفريقيا حيث العودة للطبيعة .

تعرف الآن انها تهذي ، وأن الأخبار السياسية ، وبرامج التوك شو ، وسخافات وبطء التحرك نحو النور ، و جودو الذي ننتظره جميعا
كل ذلك اصاب روحها بالأرق المزمن ، والحزن العام .
تتذكر ساراماجو والعمى الحليبي الذي أغرق فيه العالم .. نحن هنا نغوص في عمى حليبي ، ونتحمل لعنات الفساد والحرية ، والإستعباد بالقسوة ذاتها .

تقرأ أن الجميع شاركوا في الثورة ، حتى مبارك .. فتتسائل متي ستنتهي فقرات السيرك في هذا العالم !

تملأ حقيبتها بغضب لم تجربه من قبل ، وتغادر للأسكنرية
وهي تحمل في قلبها كلمات لورانس داريل في رباعية الأسكندرية " إن الشرق لا يرحب بفوضى الجسد الحلوة، لأنه قد تخطى مشكلة الجسد، إن الأسكندرية تفعل بالحب ما تفعله معصرة النبيذ، وإن الخارج منها إما أن يكون رجلا مريضا أو يعاني الوحدة أو نبيا – أعنى بما اقول كل الذين جرحوا بعمق في قدرتهم الجنسية "
تغادر للأسكندرية لأنها غاضبة ، والكتابة تعاندها ، و داريل يحرضها على زيارة المحراب ، هي تعاني من اعراض المرض والوحدة والنبوة ، وتنزف إثر جرح في صميم انوثتها .

تبقى هناك وحيدة لأنك تقول لنفسك كل صباح أنك لا يمكن ان تقاسمها لحظات مثل تلك ، أنت تحافظ على المسافة الآمنة بينكما
يكفيك دماءها التي تغرق الرصيف الذي تقضيان عنده بعض الوقت، تفكر أن دمها لن يكفي لرسم لوحات ترمز للحداثة في الطريق بين هنا وهناك .


تغادر ، وتعود
ويبقى الحزن عظيما مهيبا .

حزني يغضبك ، والتداعي المستمر لطاقة روحي وخفوت قدرتي على الصمود يغضبك .
وأنا لا أفكر أبدا في تعكير مزاجك .. لكني حزينة ، وانت أخبرتني أنك سئمت هشاشتي السخيفة ، وأن رغبتي فيك طفولية بدرجة تصيبك بالغثيان ، والعناد .

وأنك لا تريد أن أكتب عنك مرة اخرى ، لأني استنزفت كل المفردات ، وأنهيت كل الحكايات .

أنت تتركني وحيدة ، لأنك تحب حريتك
وأنا أحبك ، وأنتظر هدية العام الجديد الذي لا يجئ أبدا لأنه خارج التقويم الذي يتعامل به البشر ، ليس هناك عاما جديدا بتقويم القلوب – حضن طيب مثلك – وأنت تتحول لكائن خرافي ليست له حدود مادية لايمكنه ضم إمرأة متعبة مثلي
لكنه بالكاد يلمس لوحة المفاتيح ، ليكتب عن الحب والبشر

أنا خائفة وأبكي كثيرا ، لأن أصابع شبحية لهيكل عظمي تزور أحلامي ، وتنزع عني محبتي لك ..
أخاف من فقدك ، ولا أحتمل بقاءك في قلبي كل ذلك الوقت دون أن أصرخ من الثقل الذي يملئ فراغات الروح

و لا أجد حلا في عدم قدرتي على طهي المزيد من الوصفات ، لأن الأشباح لا تأكل الطعام .. فأجرب الآن أن ألون جدران البيت البيضاء ، بما تبقى من زجاجة الكاتشب .

أعرف الآن أني أكتب عن حزن آخر ، لأن ما يوجعني أقوى من قدرتي على تدوينة .. أعرف أن الأمر يحمل سطورا بين سطور أرق الكتابة ، والخوف من المستقبل ،و ما يحدث في مصر ، وخوفنا على ضياع الأحلام الوردية التي تلطخت بالدم لترى النهار ، وصوتك الذي يعاقبني على تهمة الحزن .

أعرف انه يخص حزنا آخر يملئني ، ويقصيك بعيدا في دائرة الصمت والظلال .

Sunday, May 08, 2011

أبيض لون الحزن



تحتاج نشرات الأخبار ، وصوت طلقات النار ، وإشعال الحرائق للكثير من الماء والحب .
لا ترغب في الإعتياد على ذبذبات التوتر والقلق التي يحملها الهواء في بلادنا العربية ... لا ترغب أن تصدق أن الشعوب تفنى ، ويبقى الطغاة
وأن شعب ليبيا سينقرض ، وتتحول سوريا لمدن كبيرة من الأشباح .
ولا تنوى أن تقضي بقية عمرها رهينة الأريكة الخضراء تتابع برامج التوك شو

لا تعرف أن تستسلم للخواء ، فتبقى يدها مطبقة على ابتسامتك الهاربة من قلبك عندما تفكر فيها ، هي التي تنعتها بالطفلة ، وتعتني بها كحبيب ، وتفارقها كأنها لم تعن لك شئ .

المعادلة البين بين
هي استبدال جنون العالم ودماء الأبرياء ، بوعد ستمنحه لها دون أن تختبره
تعدها أن تبقى جوارها حتى وانت تخطط لغياب طويل ، تتحسس هي الفجوة التي يتركها رحيلك وتعرف أنها تحتاج للكثير من الماء والحب لتشفى .

وأنها لا تستطيع أن تستبدلك بأي سحابة أو صفحة بيضاء ، أو بحيرة ثلجية متجمدة
بياض العالم كله غير قادر على محو سواد الألم والفوضى التي يتركها غيابك
فلا تجد من تقتسم معه مخاوفها بشأن نشرات الأخبار ، وصوت الرصاص
، ولا تتحمس لإقتسام الجمل الحلوة في الكتب ، وقطع الموسيقى ، والحلوى والسجائر ، والأحضان ، والكثير من الشعر التي تحبه معك أكثر ..حتى ولو لم تهديها قصيدة لها / عنها

ستحبك وهي تعرف أنها لا تستطيع ان تخبرك أبدا بذلك
لأن البوح بالحب سيقتل ما بينكما ، هل تعيش الآن في هذا العمر قصة بهذه القسمات .. تقف أمام المرآه ويمر امامها ميدان التحرير ، وأحاديث الناس في المواصلات العامة ، وجهاز الأشعه الذي تقف امامه عارية ليخبرها الطبيب أنها لن تموت في هذه اللحظة ربما بعد ذلك بوقتا كافيا لتحفظ ابتسامتك .
تشتاق لحضنك في لحظة مثل تلك لتخبرها من بين دموعها أنك هنا قريبا حتى وأنت تخطط لبعد ممتد مثل أصابع الشمس على السماء لحظة الغروب
خطوط حمراء ممتدة للنهاية .
ستقرأ أشعار محمد ابو زيد ، وحنان شافعي ، وتختبئ في جمال كتابة عزت القمحاوي ، وتشعر بالفتوة والحنان العميق في ما يكتبه وحيد الطويلة عن الألم

ستقاوم أن تنطق كلمة أحبك ، ستختفى تحت أغطيتها كلما ملئتها رغبة ملحة في البوح لك ، ستطهو صنفا معقدا من الطعام يحتاج لعشر مكونات على الأقل ، ستخلطها كلها ربما يشعرها ذلك بالدفء ويمرر لها بعض التعزية .
ستشاهد نشرات الأخبار ، وتوقع على بيانات الشجب والتنديد العاجزة ، ستقف دقائق كثيرة حدادا على أرواح البشر ، وتشرب نخب من القهوة والشاي معك احتفالا بإنتصارات صغيرة تخصكما معا .

سترسل لك كل نهار أمنيات طيبة ، ودعوات صادقة أن تفرح لأنك تستحق
، ستلعب لعبة خيال الظل على سطح الماء في الكوب ، ستطمئن على أصدقائها في البلدان التي يحكمها الطغاة ،وتعد قائمة طويلة بخيبات العمر ستحتل أنت أول عشر ورقات فيها ، ستضع اسم صديقتها التي غادرت دون كلمة وداع واحدة في الصفحات التالية ، ستذكر الموتى والأحباب ، وأعذار الرحيل.. ستدون كل شئ ، وتتأكد أن عطر الفواكه الذي تضعه يخفي تماما رائحة الفقد الذي تفوح منها

Tuesday, April 26, 2011

متاهة



لها حبيب يوصيها في الأونة الأخيرة ألا تكتب عن الحب ، لأن بائع البطاطا كتب على فرنه الحديدي ، بطاطا الثورة
ولأن علي الحجار كان يقصد بنتا أخرى عندما غنى لها – حبيبتي هي الجناح ، وهي ورد الندى وهي شمس الصباح- الألحان ذاتها التي تمس قلبها كل نهار فتبعث إبتسامتها رغم الخوف .
البنت الخائفة من الجنيات ، واشباح مخاوفها العميقة والطافية على السطح بالقوة ذاتها .
البنت التي تحاول التوقف عن تيمة البنت التي ، وتحاول التوقف عن الإرتجاف ليلا حتى وإن مد لها القمر جسرا من الفضة التي تحبها ودعاها على الأقل عشر مرات لزيارته
ستبقى خائفة ، ولن يعدل مزاجها غير أن تكتب كتابة تمس جروحها فتبرأها ، لن يخفف عنها غير وجوده وضمته لها .
هو الذي تجمع لأجله لقطات العالم حتى لا تنفد الحكايات بينهما ، وتلملم أبيات الشعر ، وتحتفظ لأجله بساعات المساء ، وكل الأحلام
تمنحه كل الأحلام ولا تخاف من الوجع ولا الفراق ، لها حبيب يوصيها ألا تكتب عن الحب
، لأن الحب بدا منزعجا في المرة الأخيرة التي صادفه فيها ، وقبل أن ينهيا جلستهما الذكورية جدا أوصاه وهو يتكئ على يده أن يخبرني ألا أكتب عنه كثيرا ، لأنه سيلجأ للقضاء في النهاية ويتهمني بالتشهير .
الحب ، والرجل ذاته ، والأحلام التي أدخرها لأجربها معه ، وقوس قزح ، وقلبي الذي أعياه الحزن والخوف كلنا نتقابل عند حافة العتمة ، ونفشل في العبور لطاقة النور
لأن شفرة المرور تحتاج لإيمان لا يملكه أحد منا
ولأني خائفة وحزينة ، وأفكر فيما قد أكتب لو نفذ الحب تهديده الأخير ومنعني من الحديث عنه .

Sunday, April 24, 2011

بين القصرين/ بيننا


أجلس جواره في مكاننا المعتاد ، ابتسم الآن لأن الأشياء التي لها صفة الإعتياد وبيننا تبهجني.
يسألني ويحاول ان يبدو رقيقا – على غير العادة – لأنه يغضب لو ضبط نفسه متلبسا بفعل الرقة ، هكذا تقول افعاله أنا رجل قديم ، الرجال القدماء ينتظرون طوال الوقت رائحة البخور ودعاء أمينة .
أنا احب رجل قديم ، يتمسك بأشياءه القديمة ، ويصارع ليبدو امامي رجلا حداثيا .. لا اصدقه ابدا ، ولا يهتم هو بذلك
لكننا نلعب معا دوما كقط وبطة ،هل راي أحدكم قطا يلاعب بطة !

في جلستنا هذه المرة جاوزت الحرارة الأربعين ، كان صيفا بإمتياز ، الشمس تترك رشرشات الملح على بشرتي - فقط لو تذوقها ذلك المخبول الذي يجلس جواري- ، ألمح أطيافنا وطاقات أجسادنا تمضي حائرة بيني وبينه كما يليق بإمرأة متيمة ، ورجل يحب .
هو لا يلمسني وأنا لا أهتم بذلك ، فما يصل عبر الممر السحري يكفيني ويفيض.

مزاجي رائق ، وهو يبدو مرهق كطفل قضى نهاره يلعب في التراب ومع جنيات غير مرئية .
في جلسة مثل تلك أنكمش على ذاتي ، وأبدو أنثى قديمة هشة لا تبالي بنظريات الحداثة ، وما بعد الكولونيالية.. أهتم فقط بمراقبتي لدقات قلبي وابتسامته .
في جلسة مثل تلك يكسر هو نعومتها بتذكر كل الأشياء التي لا تعجبه فيّ ، هكذا يشعر بقوته ، وبسيطرته على دفة الأمور ، اتركه يفعل لأنه يتركني افعل عندما ارغب في حمل راية الحكايات .

نتحدث عن خوفي الفطري من الحيوانات ، هو يعرفه ويغضبه اني لا أحتمل التعامل مع العصافير والطيور والحيوانات الأليفة وغيرها .
أنا لا امس شيئا حيا لأن ذلك يفزعني ، ويملئني بقشعريرة لا أحتملها ، هو يضغط عليّ ويمارس رجولته القديمة دوما في هذه المساحة بيننا
يتهمني بالسخافة ، كنت ادافع عن نفسي كل مرة كمتهمه هذه المرة هززت رأسي واعترفت – عندك حق أنا سخيفة-
شجعه ذلك على التمادي أقنعني أن أتغلب على هذا – الديفو- في شخصيتي
، سألني كيف سيكون حالي لو قابلت حيوانا يحتضر وكان لابد عليّ أن اهب لنجدته
أخبرته اني سأبحث عن قفاز أو أي شئ يمكنني من لمس ذلك الكائن ، ضيق علي الخناق وأخبرني الأمر يحتاج لقرار سريع
لم اجد بدا من ان اقول له حسنا سأنقذه

في المساء كنت أفكر في إجابتي ، وهل حقا كنت سأنقذ الحيوان ، في البدء هززت رأسي ثم قلت طبعا طبعا كنت سأفعل لكني لن استخدم يدي حتى اعود للبيت
سأغسلها عشر مرات ولن آكل بها حتى اليوم التالي
في الصباح قلت لنفسي وانا أقف أمام المرآه وبدون حتى أن اكرر السؤال
لا لا كنت هسيب الحيوان يموت
على وجهي انتشرت ضحكة شريرة ، وقلت كنت سأتركها تموت
أنا لا أحب الكائنات الحية ، أحب الزهور ، لو رأيت شجرة تموت او زهورا تذبل سيملأ الحزن قلبي ، سأحاول أن انعشها أكثر وقت ممكن
أما الأشياء الأخرى ربما لا تهمها مشاعري نحوها لأن هناك من يحبها .
في المرة القادمة سأخبره اني سخيفة وأكره الحيوانات الأليفة ، وسأسمح له أن يعايرني بذلك قبل ان ينزل السلم المتخيل وأمضي خلفه أحمل المبخرة وأتمتم بأدعية الرقية داخل الكادر الأبيض وأسود لفيلم بين القصرين .

Sunday, April 10, 2011

وحيد الطويلة : عن موسيقا القدر وصخب ورهبة الحكايات

مثل قوة وفتنة موسيقى كارمينا بورانا لكارل أورف يبدو كل ما يخص حكايات وحيد الطويلة ، وهو الكاتب الصديق الذي يبدو مثل تعاويذ البهجة والصخب والإنسانية المعجونة بالحياة . شاهدته مرات قليلة قبل أن نصبح اصدقاء ، هو لا يذكرها بالطبع لكني كنت أتفرج على ذلك الرجل المحاط بالمحبة ، يحكي لي اصدقائنا المشتركين عنه ، سيرته تبعث على الإبتسام . أشتريت روايته " العاب الهوى منذ أعوام من باب الفضول فضول رؤية ذلك الرجل الذي أرى الهواء يتراقص كلما مر ، عندما فتحت الكتاب رأيت إهداءا عذبا لإبنته كتب فيه " فيروز .. ابنتي الصغيرة ، كم أود لو أهديتك القمر ، تعطيه لحبيبك عندما تكبرين ، لكنهم نشلوه أمام عيني ، بعد أن وضع في يدي قطعة حلوى ، حبيبتي فيروز ، إليك اوراقي عله يعود " عندما قرأت هذا الإهداء ولسنوات بعدها كلما اخرجت هذه الرواية من رف المكتبة ابتسم وأتساءل عن الرقة التي تملكت رجل ليكتب هذا الكلام لفتاة مرات كثيرة كنت أنظر للقمر فأتذكر أن احدهم سرقه وأن الكتابة ستعيده لكفوف الصغيرات .. ذلك إيمان صديقي الذي لم ألتقيه بعد لكننا جميعا اصدقاء لأننا نملك شجاعة الإعلان عن هواجسنا وجنونا الخاص في شكل كتابة ، بينما يقضي البشر الباقين عمرهم كله في إخفاء ما نرميه نحن على الأرصفه وننشره للكون كله . نزقنا وجنوننا وضعفنا الأثير، وحكايات الجدات ، واسرار العائلة التي يحرص الجميع على تجميلها ، نبحث فيها نحن عن العادي ، الفضائحي والمربك والباعث على الخجل لنصنع منه اساطيرنا الخاص . كلنا الرجل ذاته ، كلنا نعرف بعضنا حين نلتقي ، الشفرة السرية / العلنية لأصحاب القلوب التي لا تبقى داخل الصدور وإنما نحملها على كفوفنا ونتركها عرضه للنهب والألم . وحيد الطويلة مثل كل هؤلاء المسكونيين بالحنين والجنون ، مثل حاملي القلوب له ما لهم وعليه ما عليهم ، له الليل والسهر وأسرار الحكايات ، وعليه الحنين والأرق في أحمر خفيف كان الصخب عاليا منذ الصفحات الأولى وحتى النهاية ، أكثر من قدرتي على التمادي والتورط وسط شخوصه نصف الواقعية / نصف السحرية ، وكأنها تجئ من جعبة تخصه وحده ، المنطقة بين النوم واليقظة ، الهلاوس واليقين الموت الذي تتعلق عند حده كل الشخوص، القدر الذي يتجمد عالم روايته كله ومستقبل أبطاله في انتظار ضربته القاسمة ليموت محروس وتستريح الطبول من الدق رواية تضعك عند حافة الجبل ولا تهتم بإرجاعك ، سيمنحك الجميع ، ويورطك مع أبو الليل وبحثه عن نجمه بإمكانها أن تشفيه فقط لو رأته ، لو رقصت معه سيمرر لك سخرية لاذعة من شخصيات من الممكن ان نكرهها في كتابة اخرى ومع كاتب آخر ، لكن وحيد لا يأبه ان يمرر لنا الكره لأحد ، هو يقدم شخوصه بضعفهم وطمعهم و خيباتهم فلن نكره العناني وهو يبدو متذلالا ليأخذ العهد ، لن نكره عزت من يحب النساء والحمير لن نكره من قد نبغضهم في كتابة أخرى ، سنجد عذرا للجميع وكأن كل منهم له خيط داخلنا سنرى نفسنا في الشخوص البعيدة عنا في فرج الذي رمى نفسه في النار وهو مؤمن أن الله سينجيه ، سنحب كل النساء في هذه الرواية .. من يطارد الموت ، ومن يطارد الثأر ، ستجدنا جميعا هناك أساطير وحقائق تسعنا جميعا وتفيض . سنحب النساء مثلما يعرف ذلك الرجل الرقيق أن يحبهم ، أنا كنت مغرمة بعزيزة ، لأنها تحب ، وأنا أحترم النساء المبتليات بالمحبة . سأتذكر المرة التي كنا نتحدث فيها عن عزيزة وفرج ونحن نسير في وسط البلد وحكى لي عنها قبل أن أقرأها ، سحبت قطعه من قلبي وبقت هناك وعندما قابلتها في صفحات الرواية امتلئت بالبهجة ، كنت أفرح كلما ظهرت . وحيد الطويلة الذي أذكره كثيرا كلما سمعت أغنية مفرحة ، وقرأت كتابة حلوة ، ومرت جواري نسمة هواء باعثة على الامل هو رجل يقدر ان يمرر كل ذلك لأصدقائه فرحت جدا عندما تقابلنا اول مرة ، وقضيت سهرة مميزة على رصيف مقهى وهو يتحدث لنا نحن اصدقائه عن الكتابة والموسيقى والمقاهي يتحدث فأفكر أنها من المرات القليلة التي أقابل فيها رجل يحكي كما تحكي الأقمار في ليالي السهر الطويلة ، ويؤنس كما تفعل النجوم في الصحراء ويبهج كأقواس قزح ، واقتسام لحظات تحت المطر مع من نحب . هو يحمل في قلبه بهجة أكثر من ذلك ، وموهبة ومحبة للحياة تشي بها طاقته التي تبقى بين اصدقائه حين يغادر ، وحتى يعود من السفر ، فيضئ من جديد .

Wednesday, March 30, 2011

كل الموت / كل الحياة

مرات قليلة هي التي قرأت فيها أعمالا أدبية تركت في روحي خواءا ،من فرط شجن ما تقدمه ، فبدى الأمر كخيط ينسج من أول صفحة حتى يحوطك تماما ،ويعيق قدرتك على الحركة . رواية " كل رجل" للكاتب الأمريكي فيليب روث ينطبق عليها هذا الوصف صدرت حديثا عن سلسلة الجوايز .. أشتريتها لأني قرأت على ضهر غلافها أن " بطلها رجل عادي " ميت" لم يكن الوصف مغويا أو ربما كان هذا هو سر رغبتي في اقتناءها ، رغبة ملئتني أن اشتري رواية لا تعدني بشئ . بيني وبين الأشياء التي لا تعد بشئ علاقة قدرية بدأت منذ درست في الإعدادي مسرحية " تاجر البندقية " لشكسبير ، وأختار أنطونيو بطل المسرحية الصندوق الرصاصي الذي لم يعده بشئ فأعطاه كل ما حلم به . في عقلي الصغير كونت وقتها فكرة أن إنتظار الأشياء يعطل مجيئها ، ابتسم الآن لأن ذلك لم يمنعني أن أبقى طوال عمري أنتظر أشياءا . رواية كل رجل تذكرني برواية جيشا لأرثر جولدن ، ورواية شيطانات الطفلة الخبيثة ليوسا . هي حكايات بشر تبدأ معهم ، وتنتهي بنهاياتهم ، فنحتاج للجلوس في مكان معتم وهادئ لنتجادل مع ذواتنا حول رحلة الحياة النابضة التي مررنا عليها الآن وأصبحت جزءا منا . ربما نتقبل الموت والحياة ،والمجئ والإختفاء ، الإشراق والخفوت في الحياة ومع البشر والنهار … لكننا نقف امامه كثيرا في عمل ادبي يعطينا الموت ، ويسهب في شرحه لنا ويتكأ على كل تأملاته . لم أنتظر من الرواية شئ ، فملئت جعبتي بثقل الحياة الرملي ، وفراغ وقسوة الموت من خلال رجل عادي لا شئ فيه مميز ، هو يشبهنا جميعا من الداخل . تمنى أن يعيش الحياة ، أن يتجنب المرض والإخفاق وان يصادف الحب . فتزوج وأنفصل ثلاث مرات ، وأنجب شابان لم يستطيعا ابدا أن يسامحاه على هجر أمهما ، أخطأ فخسر زوجة محبة صادفها بعد الكثير من التعاسة لكنه أضاعها كما نضيع جميعا فرصا واشياء تترك في قلوبنا حزن للأبد . الرواية تحكي عن ضعفه الإنساني ومرات إجراءه لعمليات جراحية كانت رهبته الإنسانية تنتقل لي مع كل مرة يعمل مشرط الجراح في قطع أجزاء منه . علاقاته مع العالم في شبابه ، وطفولته ، ومخاوف الشيخوخة التي قدمها لنا الكاتب هنا دفعة واحدة بلا شفقة من خلال عدد من الشخصيات مرت في حياة البطل وقت شيخوخته . منهم شخصية "ميليسنت كرامر " وهي امراه في السبعين من العمر مصابة بتفسخ في عمودها الفقري لم تظهر سوى مشهد واحد حكت مآساتها قبل أن تنتحر بعدها بأسبوع من شدة الألم ، وزوجها الناشر الثري الذي حقق كل النجاح والبريق في حياته ثم اصابته امراض الشيخوخه وبقى في ايامه الأخيرة كما قال الكاتب روث في جملة بديعة "بدا مأخوذا شاردا مذهولا باقتراب تلاشيه . أسرة البطل كانت تعمل في تجارة الألماس الذي قال عنه البطل جملة اعجبتني " الألماسة لا تفنى . قطعة من التراب غير قابلة للفناء،وتضعها في يدها مجرد إمرأه هالكة ! علاقات ثرية كانت في حياته مثلنا جميعا علاقته بأخيه "هواي"درجة انه عندما كان يجري جراحة ما من الكثيرات التي قام بها في حياته .. كان هذه المرة شاحبا وخائفا حتى جاء ذلك الأخ فقال " لا يمكن أن أموت و"هواي" موجود هنا" وأن وجوده جواره نقل له الرغبة في النجاه وتساءل عقب شفائه " هل هناك أبدا رجل كانت شهيته للحياة معدية مثل شهية هواي ؟ بنته "نانسي" التي أنجبها من زوجته الثانية التي أحبته بصدق ،نانسي هي العلاقة أو الشئ الذي استطاع أن يخرج من الحياة وهو مغلق كفه عليه ، في رايي لو كان لدينا شئ واحد يمكننا أن نفكر أننا أنجزناه على ما يرام فأننا لم نخسر كل شئ . كان يقول عنها انها فتاة نقية وحساسة لا يعيبها سوى كرمها وعطائها الزائد ، تخفي التعاسة بأن تشطب على أخطاء كل شخص عزيز عليها ، عن طريق المزيد من الحب . في حوار له مع نفسه عقب موت امرأتان يعرفهما وصديق من السرطان كان يفكر في أن التقدم في العمر ليس معركة ، التقدم في العمر مذبحة. وعندما فكر في انتحار السيدة " كرامر" تساءل حول قدرته على القيام بالشئ ذاته " كيف يختار المرء أن يترك هذا الإمتلاء من أجل هذا اللاشئ النهائي؟ فكر حتى ان الدعامات الست في قلبه وسوء حالته الجسدية ربما تصله قريبا لترك الحياة . لكن نانسي لا يمكن أن يتركها .. ماذا لو حدث لها شئ وهي أو طفليها وهي تعبر الطريق مثلا .. نانسي التي يحميها فقط بالرابطة البيولوجية بين وجودها وبقاءه ، ثم هل سيحرم من أبدية مكالمتها التليفونية الصباحية ! الكثير من التأملات والمشاعر بدأت بمشهد الدفن ، ثم صوت الميت الذي انتبهت الآن وانا أبحث عن اسمه لأكتبه هنا اني لم اصادفه طيلة صفحات العمل المائة وسبعين كان فقط رجل عادي مثلنا جميعا لم يعد موجودا بعد الآن تحرر من الكينونة ، يدخل إلى مكان بدون أن يعرفه . تماما مثلما خاف من البداية .

Monday, March 28, 2011

الحكي فوق مكعبات الرخام



صدرت عن دار الشروق طبعة جديدة من

روايتي



" الحكي فوق مكعبات الرخام
الغلاف / للفنان وليد طاهر
الآن بالمكتبات

نورتي الدنيا يا حلوتي أو كما تقول إيزابيل الليندي

الولادات تأتي بالحظ السعيد

Friday, March 18, 2011

ذاكرة البهجة والحنين


ليس لدى الرجل الذي أحبه ذاكرة درامية
لا يمكنني الإستشهاد بأي جملة حوارية من مسلسلات التليفزيون في حديث بيننا ،
وأقصد هنا الدراما الجميلة التي صنعها أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ ومحمد فاضل .
في المقابل ليس لديّ ذاكرة غنائية قديمة .. أذني تبدأ من إيهاب توفيق وهو يغني ألحان التسعينات .
هو يعايرني بذلك بينما ابقى انا كأي أنثى شرقية تحمل إرثا تحب أن تحتفظ به لا أجرؤ على التلويح بأي نوع من السخرية فيما يتعلق بفقدانه لجزء من ذاكرة تكوين أثرت فينا جميعا .

الكتابة بدأت وأنا اعمل الآن في مكتبي بالبيت ، أتصفح بعض الكتب وأتلهى عن قلقي بشأن التعديلات الدستورية غدا ، وما قاله لي أبي فور عودته من صلاة الجمعة محملا بأوراق تؤكد أن التصويت ب" نعم" واجب شرعي
يحكي لي ابي عما قاله للناس عن " لا " الجميلة الحرة .
سألته عن مدى تأثير رجال نعم بالمسجد قال لي الناس في حيرة ، لكن أنا متفائل
أنا ايضا متفائلة .
في حجرتي كنت أحاول أن أبدد قلقي عما قد يحدث في ليبيا بعد فرض الحظر الجوي، أفكر كيف ستخرج البحرين من مأزقها ، أفكر أني طوال سنوات لم اسمع أن الجيش السعودي تحرك لأي مكان لفعل اي شئ
لدرجة أني كنت اسأل – هي السعودية فيها جيش؟

كنت أنتهيت في الصباح من قراءة كتاب محمد فتحي صديقي العزيز وشريكي في الكتاب الذي أحبه " نامت عليك حيطة"
قرأت كتاب محمد الجديد " كان في مرّة ثورة" في وقت قصير منذ أمس ، هو كتاب أنجز في وقت قصير جدا بعد ثورة يناير ، لم اكن اتخيل ان يكون جميلا لهذا الحد .. أكثر ما اعجبني فيه ليس تجميعه لشعارات الثورة وهتافات الشارع التي أنطلقت طوال 18 يوم هو عمر ثورة شباب مصر ، ولا المفتتح الشعري الطيب ، ولا تهكم محمد وسخريته التي بقت حاضرة ومدهشة في كل صفحات الكتاب
أكثر ما عجبني في الكتاب هو الحدوتة التي أختار محمد ان يقصها على عمر وتقى ابناءه
حكاية مصر كلها ، هو كتب رسالة أديب شاب وابن لهذا البلد ، رسالة للتاريخ ولطفل وطفلة أعرف انهما البراعم التي تتفتح لتأخذ منا راية أجمل من التي مررتها لنا الاجيال الفائتة .. ملئت الدموع عيني وامتلئت بحماسة جعلتني أردد هتافات الثورة من جديد ، وكأني أشتقت قوة تلك الأيام القريبة ..

في حجرة المكتب كنت افكر في مسلسل " في المشمش" للرائع محمد فاضل والذي كان يتحدث منذ سنوات بعيدة عن قضية الإستيلاء على اراضي الدولة ، كنت أفكر في مسلسل الراية البيضا الذي يقاوم فيه الجمال القبح بجهله وشراسته ، كنت افكر حتى في الشهد والدموع وليالي الحلمية
لا أعرف فيما كنت افكر في ألحان التترات أم في الزمن الجميل الذي كنا نشاهد فيه هذا الأعمال ، ام هو حنيني لطفولتي ومراهقتي ، ام هو تشبث بما أحبه وسط كل ذلك الزحام والفوضى .

أفكر في كل ذلك وأنا أكتب لا لا لا تمرينا للغد ، وأهتف تأثرا بكتاب فتحي "وشوقا لأيام الحرية الأولى " الشعب خلاص أسقط النظام" ، يتداخل كل ذلك وصوت حسن عابدين وهو يقول في نهاية حلقة من المسلسل عارفين طعمة هتروح مننا أمتى " في المشمش
"

Monday, March 14, 2011

عاصفة صباحية



أجلس للكتابة ،وأنا أعرف أني لن أكتب عن اليوم العادي تاثرا مني بنصيحة صديقي محمد عبد النبي الذي قال لي في تعليق على النص الأخير المنشور أني يجب أن أتوقف عن هذا النوع من الكتابة .
حتى لا أقع في فخ التكرار والملل .
أجلس للكتابة في صباح لم يكتمل فيه نومي بفعل أرق كنت أشعر به يراقبني ، وأسمع صوتي في ساعة متأخرة من الليل أعدد الإلتزامات المتأخرة عليّ
عددت على الأقل ثلاث مشاوير صباحية لا أرغب في القيام بها للبنك ومكتب تعليم القيادة وأخيرا للجريدة حيث سأقضي ساعات من الفوضى والجنون لأن الجميع يشتبكون حول أبناء الثورة الحقيقيين والمندسين .
الجميع يحملون اوراق ويجمعون توقيعات ، ويتحدثون في قضايا مهمة تختلف كثيرا عما يشغل عقلي الصغير ليتحول في النهاية لكتابة عن السمكة البرتقالية التي أملكها ومسألة هوسي بعد اصابع قدمي المرسومة فرينش .
في الصباح ذاته الذي جلسته فيه للكتابة والذي كان القلق فيه شديدا لدرجة أثرت على خفق قلبي فكنت اسمعه يدق أسرع من العادي ويمكنني أن أشعره واضحا دون الحاجة لوضع يدي على صدري .
كتبت مسودة رسالة لرجل احبه أخبرته فيها برغبتي الإنفصال عنه ، لأني غاضبة منه ولأنه يؤذي مشاعري ويعذبني بأنانية رجل يشعر بذاته
مسودة طويلة حكيت له فيها عن العشر أمور التي أهانتني في الأسبوع الأخير ، عن اسمي الذي لم يذكره وسط حديثنا ، وعن المساحة الضيقة التي يسمح لي بالتحرك داخلها فلا يمكنني ذلك من التنفس بينما يتمدد هو في كل فراغ الحجرة التي تجمعنا ، ارسلت له الرسالة على البريد الإلكتروني قبل أن اتذكر اني لم ادفع اشتراك الشهر الماضي وأن الرجل الذي اعاتبه الآن سبق وخرج من حياتي منذ شهور طويلة لأسباب أكثر سذاجة مما كتبته له في خطابي المتخيل .
فابتسمت وانا اردد انه خطاب متخيل لحبيب وهمي .
جلستي للكتابة في حجرة المكتب التي أعتز بها لأنها تعزز فكرة احتراف الكتابة وخصوصيتها ، وربما جدية الأمر
جلستي تلك كانت ممتلئة بالأفكار المضطربة والتي ارغب في تجنبها حتى لا يخرج نصا ذاتيا ، يجعل الكثير من اصدقائي يعتبرون أني في مازق شديد لاني لا أكتب شيئا جديدا خارج تلك الذات التي هي – نهى - .
هذا الصباح الشتوي الذي يحرك الأشياء خارج النافذة ، فأسمع أصوات تذكرني بديناصورات كانت تزور أحلامي في طفولتي وتبقى حتى الآن أقصى مخاوفي
هذا الصباح بدأ برسالة من رقم مجهول على هاتفي المحمول تدعوني لأمسية شعرية – لكني خمنت أنها ربما من صديقي " يحيي"
الصباح ذاته الذي وجدت فيه قصيدة أحبها للبنت حنان شافعي التي تذكرني كتابتها بما عجزت كل النساء عن فعله ونجحت فيه حنان ، حتى وإن فعلته بكثير من الجهد والميل للقلق .
في صباح مثل ذلك أنهض من فراشي ، وأراقبني وانا امشي حافية القدمين على السيراميك الأبيض البارد مستمتعه بصوت ما يصنعه احتكاك الأشياء العارية الباردة ببعضها أدخل مكتبي مخفية علبة سجائري في كم الروب حتى لا يراها الجالسون في الصالة ، أدخل حجرة المكتب دون القاء تحية الصباح حتى لا أكسر طقس الوحدة الذي أحتاجه الآن لأكتب .
في المكتب أفتح صفحة بيضاء واقرر الكتابة عن أمور لا تمسني من باب التجديد ودخول فضاءات أخرى أكثر أهمية وجدوى
لكني أنهي سيجارتي واكتب نصا قلقا مثلي ، فأتناول معطر الجو لأغير رائحة الحجرة وأعلق النص على حبل الغسيل الأزرق وأخرج لمواجهة المشاوير الصباحية التي لا أرغب القيام به
ا
.

Saturday, March 12, 2011

هلاوس بطعم القهوة



تتفتت أسهل هذه الأيام ، تخرج كل قطعها من بعضها برفق ، تنظر كل النتواءت للتجاويف التي تخصها ،
ربما لتحفظ طريقها عندما تعود .
ربما لتتأمل الأشياء بعضها على مهل .
تتفتت بسهولة وراحة من يخرج من ملابسه كاملة بعد يوم طويل من العمل والإرهاق والحر أو البرد
الخروج من الملابس لأن الجسد يحتاج لأن يتفتت بدعة ورفق ، ربما يلتئم من جديد
أو يخترع درجة حرارة تخصه يلمس بعضه ثم يتشقق قليلا .
تنفلت من بعضها مثل عروسة بلاستيكية ذات أسهم على مفاصلها لشرح طريقة التركيب والفك .
تجلس على أرضية الحمام البيضاء أو الوردية لا تذكر غير أن الأبيض والوردي هما ألوان الصورة العامة هناك ، لكنها لم تدقق بعد لتعرف ألوان الأشياء محددة ..
تقف ذاكرتها في مزيج لوني يخص حمامها في البيت القديم فلا تذكر تحديدا غير اللون العام الابيض والأخضر ربما .
تبتسم لهشاشة ذاكرتها وصلتها بالأشياء التي تعتادها فلا تثير دهشتها ولا فرحها ،
ربما بعض الحزن والقليل جدا من الحنين .
تفكر أن أشياء تغيرت في روحها ، وأن عبورها للثلاثين أزاح عن كاهلها حراكا اسرع في دائرة العالم .
هي الآن تتمهل بأداء ستيني .. لكنه يسمح لها أن تتذوق العالم بإحساس ناضج
مثل حبة تين تمنحها كل ما تحتاج من العسل .
صوت كروان يصدح في الأفق ويدخل مجالها السمعي ،
فتتركه يبدو دخيلا على النص المكتوب بإضطراب يشبه ما تشعر به .
عادت من سفر قصير لأمر عائلي ، اتكاء الآخرين عليها .
تفاصيل المقابلات والمجاملات والزحام ، والبهجة والحكايات ، والأماكن التي زارتها .
رغبتها في بعض العادية ، والجلوس في فراشها أو على سجادة مكتبها الحمراء أو حتى لملمة جسدها كله ووضع رأسها بين رجليها المشدودين بحزن لجسدها ، لتبدو في وضع محبب لها تكتب عنه كثيرا
أن اتكور على ذاتي وألتئم .
بعد ساعات من الجلوس على المكتب لكتابة نص أول جملة فيه تحكي عن رغبتها في فنجان قهوة ، وكسلها من الوقوف امام الموقد حتى تنضج قهوتها ، وعدم رغبتها في تركها على النار حتى تغضب وتفقد وجهها ، فتشربها بمزاج عكر ووجه غاطس في قاع الفنجان والروح معا
تكتب الجملة عن رغبتها في فنجان قهوة يعده لها أحد غيرها ،
أحد من دمها ربما لو أنجبت طفلة كانت ستوكل لها تلك المهمة
أن تصنع لها إبنتها فنجانا من القهوة ..
تبدأ الكتابة بجملة تشبه تلك ثم تتراجع لتبحث عن جملة كانت قد قرأتها قبل سفرها
جملة كتبها احد الاصدقاء لا تذكره الآن ، كانت تشرح حالة زوجة كاتب وهي حبلى ، متورمة القدم ، يسبب لها ذلك حرجا فتخفي قدميها قدر استطاعتها طوال اليوم ، ينتظر الكاتب أن تنام زوجته حتى يرفع الغطاء عن قديمها المتورمتين ليقبلهما على ما يتحملان من اثقال
كانت تلك هي الجملة/ الحالة التي حفظتها في روحها طوال أيام السفر
أكثر من ثلاثة أيام ممتلئة عن آخرها بالزحام والبشر والتفاصيل وهي لم تفلت هذه الجملة من روحها .
الجملة / الحالة التي أحالتها لتعليق قالته لها صديقة منذ سنوات
ستكونين أول طفلة تحمل في أحشائها طفلة
كانت الصديقة تقصد عندما تنجب ، هي الآن تعرف أنها لم تعد طفلة وأن سنوات طويلة ستفرق بينها وبين طفلتها
لن تكون مثل العشرين عاما التي تفرق بينها وبين أمها .
عشرون عاما مثل صديقتين أحدهما أكبر قليلا ، اكثر قدرة على إخضاع الحكايات والأنوثة والألعاب.
هي التي تعوض فقدها لأمها بطريقة غاية في السادية ، ترتدي جلباب أمها الذي تحبه ، تغسله كلما اتسخ وتنتظر حتى يجف ثم ترتديه ، تعرف انه اهترأ بفعل خمس سنوات من ممارسة ساديتها تلك
لكنها ترتديه ولتخفيه عن أعين من يعرفون انه لا يخصها ترتدي فوقة برنس الحمام الأزرق بالمقلوب ، فتبدو من الداخل متدثرة بحضن تشتاقه ومن الخارج مثل المجاذيب .
هي الآن تتكور على بعضها على ارضية الحمام الأبيض الوردي ، تفكر في عبق قهوتها الغامقة جدا ، تفكر في نص ستكتبه بعد قليل سيتحدث عن القهوة والسفر والضوضاء والكثير جدا من الحزن .

Saturday, March 05, 2011

سحابة من أربع مقاطع


"1"
كعادته يفسد كل لحظات الجد ليتحول العالم معه لمدينة ملاهي تسع كل اطفال العالم ، امضي جواره وسط زحام البشر وأعلام مصر مرسومة على الوجوه ، محفورة في قلوبنا جميعا .. أكور يدي بجدية وحماس أمتلا بنشوة فرحتي بمصر وبوجوده جواري أردد " ارفع راسك فوق أنت مصري"
يقولها ويغير قليلا من نغمتها لتبدو نشازا يخصه .نضحك سويا ، يخفيني في حضنه ، أخفي روحي كلها بين ملابسه وأبقى هناك .
تتلاقى عيوننا فأحبه من جديد .
"2"
تخبرني صديقة مقربة أنها كانت تكور يدها يوم جمعة الغضب وتهتف وهي تدور في بيتها وصوت المتظاهرين يملأ الشوارع ويرج القلوب " الشعب يريد إسقاط النظام " قالت لي كنت ارتجف من الفرحة والغضب
نعيد جميعا إكتشاف ذواتنا بفرحة الحرية
نصبح اكثر رقة وعذوبة وقدرة على التحليق .. نمضي للأمام دون ان نتكأ بقسوة على الأرض التي عادت تعرفنا .
"3"
تعود إلىّ الشوارع التي تغيرت وامتلأت بطاقة من الحب والدم والدموع ستبقى هناك لتخبر عن الذين صنعوا لنا شقا بدد الظلام وجاء بفجر جديد
أقابل الأصدقاء ذاتهم ونجلس على المقاهي ذاتها ، ونحكي عن الحرية ، فنبدأ من جديد .
"4"
استيقظ اليوم على احساس ناعم مثل سحابة ، اسمع قصيدة درويش كاما سوطرا ، أزيح شخصيات رواية احمر خفيف العالقة في قلبي
أنهض من الفراش أتنسم براح ليلة قضيتها في حضن رجل أحبه ، استعيد صوت ضحكاتنا ، حضنه السحري الذي ينقي عن قلبي كل شوائب الغياب والحزن .
معه أولد من جديد
أخرج لشرفتي وأفكر لو يتحول العالم كله الآن لإمرآة تشبه – أم- بلا شئ مميز هي مثل كل الأمهات
سأختفي فورا في حضنها واحكي لها عن مصر والحرية ورجل احبه وابوالليل الذي وقعت في غرامه في رواية وحيد الطويلة ، وعن تكسر قلبي من صوت العود الذي يصاحب صوت درويش وهو يقول
إلى أَن يقولَ لَكَ الليلُ:
لم يَبْقَ غيركُما في الوجودِ
فخُذْها، بِرِفْقٍ، إلى موتكَ المُشْتَهى
وأنتظرها

Wednesday, February 23, 2011

فراشات يوم عادي




أجاهد للوصول لحالة من الهدوء النفسي ، والعادية ...
فعل كل ما كنت أحب فعله قبل أحداث 25 يناير دون أن تطول أذني كلمات عن الفساد والقبح الذي كشفت عنه الأيام الماضية لنكتشف أننا كنا نقع في يد عصابة الأربعين حرامي .
الجلوس أمام شاشة التليفزيون لمشاهدة الكرتون أو قناة فتافيت دون أن اشعر أن الكثير يفوتني لأن العالم العربي يتغير كل دقيقة ، وان خارطة الطغاة تنهار ، وتغطي بدماء الأبرياء .
كنت أرغب في ممارستي طقوس المشي في الشارع الهادئ الممتلئ بالشجر ، والجلوس على الرصيف ، ومطالعة ديوان شعر أو كتابة شئ يصلح لمدونتي دون أن يتورط في كل ما يحدث في العالم ، لأن جهازي العصبي لم يعد يحتمل المزيد من كل ذلك .
اليوم كنت مصممة جدا أن أنسى قليلا ديكتاتور ليبيا الذي ذبح شعبه وظهر كمهرج دون انف حمراء على شاشات العالم يركب توك توك ويمسك بشمسية ، قبل ان يخطب طوال ساعة وربع
فلا نعرف كيف بقى ذلك المخبول قائدا يتحكم في مصائر بشر طوال تلك السنوات
كنت أرغب في يوما جديدا بلا اخبار العادلي ورجال الأعمال غير الشرفاء ، يوم بلا خيبات وخلافات و نقاش حول من يصلح لماذا !
يوم لا ينتهي بسيرك برامج العاشرة مساءا وما يشبها في المحور ومصر النهاردة والكثير من الكلام والجدل والفوضى . يوم خارج كل ذلك وبعيدا عنه .. يوم يشبه الأشياء التي تفرحني بعاديتها وبساطتها وصدقها .
طوال الأيام الماضية كنت أخجل من شراء الورد ، وقطع الحلوى وارتداء فيونكات صغيرة أحبها ، كنت اخجل من ان اضبطني متلبسة بفعل الترويح عن النفس لأن الكثير من الدماء التي سالت الأيام الماضية تركت في الروح جرحا لا يمكن رتقه .
الشوارع قبل المظاهرات والدبابات والشعب السري الذي كان هنا في كل الشوارع التي أعرفها واحبها ترك فيها شيئا جديدا لم آلفه بعد رغم جماله .
اليوم كنت أبحث عن يوم عادي يمكنني أن اقتسم معه بعض الفرح والهدوء
يوم يبدأ بأغنية لعلي الحجار وهو يغني لي " تحبي نتكلم " أهز رأسي موافقة
فيخبرني عن عيون حبيبته التي يعشقها الليل "
أو اقف على قدم واحدة وانا اردد بيت الشعر العبقري الذي أحبه لصديقتي حنان شافعي ، البيت الذي يمس قلبي ويمدني بشئ غامض من النشوة
ولأجرب قدرتي على إخضاع الأشياء من حولي- أحبس دميتي في درج المكتب - أحرم قطتي من سماع الموسيقى - وأقف لساعات على قدم واحدة
يوم يسمح لي أن اعيد قراءة قصيدة" ربما لا يحدث هذا "في ديوان مديح الغابة لصديقي محمد أبو زيد
أقرأ القصيدة وأنقل منها سطور أحبها بقلم رصاص أحبه
سطور تتحدث لي ومعي
" امرأة كالأمطار الإستوائية
ستبكي عندما تقرأ هذه القصيدة
وتقول إنني مجنون
لا أستطيع أن أحصى أصابع قدميها
ولا النمش فوق وجهها
سأراها تعبر الشارع
إلى الأمريكين وحيدة
بحقيبة سوداء
وثلاثة جيوب مزركشة ومروحة كهربائية
لن أنظر اليها
ستسير عارية في ميدان التحرير
قبل أن يسحبوها إلى مستشفى المجانين
سأندندن بكلمات الأغنية وأقرأ القصيدة بصوت عال ، وأجلس على الرصيف في إنتظار رجل اشتقت لإطباق يده على أناملي ، لميل رأسي على كتفه ونحن نقف عند النهر نقص الحكايات ونضحك .
سأفعل كل ذلك و أمتلأ بأمل مطلق في الحياة التي تحمل لنا أحلاما جميلة على أجنحة فراشات ، و غد أحلى يسع البشر جميعا
.

Saturday, February 05, 2011

عن الأمل في عيون الولاد



كنت أعرف أني لا يمكنني الكتابة عما يحدث في مصر الآن .. أنا التي لم اشارك في مظاهرة أبدا ، ولا وقفت على سلم نقابتي لأحمل لافتة تطالب بأي شئ .
وكنت أرفض الإشتراك في اي جروب يناقش أي قضية سياسية ، ولا أكتب عن السياسة ، حتى عندما كنت أوقع على بيان مع المثقفين ضد سخافات النظام ، كنت اقضى ليلتي أفكر أني أرتكبت حماقة .
لم اصنف ذلك ابدا على أنه خوف ، لأنه في الحقيقة لم يكن كذلك كان يأس ، كان رهانا خاسرا على الحرية .. كنت ارى زميلة شريفة ومدعاة للفخر وهي تذهب للمظاهرات ضد النظام وتعود وقد طالتها عصا أو إهانة من الشرطة والأمن ، كنت ارى كم تتحدى وتراهن حتى على مستقبلها المهني فقط لتقول كلمتها .
كنت لا أفهم أبدا ما الذي يدفع صديق آخر للخروج من بيته البعيد جدا عن المطار والذهاب لإستقبال البردعي – حتى مع كل إختلافاتي حول البرادعي- كنت اتساءل لماذا يفعلون ذلك وليس هناك بارقة امل أن يحل الأوغاد عن جسد تلك السيدة التي أنهكوها من فرط بيعها مرارا وتكرارا بلا ملل في سوق الدعارة وتقاضي ثمنها بلا خجل .
مصر الحزينة التي آسرها طغاة لا يعرفون الرحمة ولا الله
بعد حادثة خالد سعيد تغير داخلي شئ ، لم أعد أستطيع أن ادعي أني لن اتورط حتى في الغضب من النظام ، بعد خالد كنت خائفة ومكسورة .. اذكر اني قابلت صديقة لي بعدها وجلست ابكي طيلة ساعتين في مقهى قريب من ميدان طلعت حرب ، وانا اخبرها أني حزينة وغاضبة وقليلة الحيلة مثل كل الشعب .

لكن غضبي لم يساعدني في الخروج لأي وقفة رتبها الشباب لأجل خالد سعيد – كنت خائفة من عصا الأمن ، من إهانة أعرف اني لن احتمل العيش معها .
عندما حدثت أحداث 25 يناير ، كنت في الشارع في اليوم التالي ، الشارع الذي بدى مرتبكا وكأنه علبة بازل أخرجها أحدهم ووضعها على الأرض .. غير منظمة لكنها ببعض الجهد تصنع صورة لها معنى .. كان العسكر في كل مكان يستعدون لمواجهات جديدة في اليوم التالي .
كان المارة جميعا يرفعون رأسهم أكثر من العادي ، على الوجوه ارتسمت ابتسامة أمل وفخر لم اراها طوال ثلاثين عاما هي عمري .
في الشارع كنت أقف احدق في رجال الشرطة بشماتة ، وأنا لا اعرف انهم بعد ساعات قليلة سيهربون من الشوارع .بعد جمعة الغضب التي شاهدتها على الفضائيات ، لأن التليفزيون المصري يحتاج لمن يبلغ عنه بوليس الأداب لممارسته الدعارة العلنية كما قالت صديقة لي في الأيام الماضية .
في اليوم التالي نزلت للشارع ، الشوارع نفسها الأرصفه والجدران ، والحرائق والدخان والشباب الذي نظم المرور ، الصلاة في ميدان التحرير .
كنت أتفرج ، كنت أتمسح في جدران هذه الشوارع التي تمضي بدمي .. أربت عليها ، في سيري قابلت عدد من المسيرات الصغيرة تستعد للذهاب لميدان التحرير في يوم جديد للمظاهرات .. شئ في دمي كان يتحرك كنت اريد المشي وسطهم لكني كنت مترددة . فوت أكثر من مظاهرة
عندما عدت لشارع رمسيس لأبحث عن طريقة اعود بها لبيتي البعيد أصطدمت بهم وجها لوجه يحملون لافتات ويهتفون ضد النظام ،في تلك اللحظة وبلا تفكير ألتحمت بهم ، كورت يدي وقلت معهم – الشعب يريد إسقاط النظام – يسقط حسني مبارك – تحيا مصر
الله أكبر – الشعب والجيش إيد واحدة
كنت ابكي ، شعرت بخجل شديد من بكائي لكني كنت ابكي كما لو كنت في ليلة وترية في العشر الأواخر من رمضان
كنت ابكي وانا لا اصدق ما يخرج من فمي واسمعه ، طعم الحرية التي ذقتها في تلك اللحظات كانت حرية تكفي لتفك قيد عمري كله وتفيض ،
كنت أبكي لأجلي ، لأجل الأمل في عيني وعيوننا جميعا .

مظاهرة السبت كانت آمنة تماما ، اختفت الشرطة ويحمينا الجيش ، عدت لبيتي قبل حظر التجول ، لم أكن مثل كل هؤلاء الابطال الذين ماتوا لأجلي ولأجلنا جميعا
لا يمكنني الآن التواطأ مع النظام وأقول لهم عودوا لأن مجلس مزور ورئيس غير شرعي ، وحكومة يدها ملوثة بدماءنا ستفي بعهدها وتحقق مطالبكم .
لا يمكنني أن أتدخل في نصر الابطال بخنوع جديد ، سأطالب الرئيس الذي يخاف علينا من الفوضى بالتنحي .
سأطالب الشعب الجميل ألا يفلت لمحة الأمل التي عرفت طريقها لوجوهنا جميعا في الأيام الماضية .
سأقولها الآن وكثيرا – الشعب يريد إسقاط النظام – تحيا مصر .

Tuesday, January 18, 2011

كما الماء والشيكولاته

بالخجل ذاته الذي يعترف فيه رجل بحبه للنساء ، لتأجج تلك الشهوة داخله ، وايمانه بأن إمرأة واحدة لا تكفي لتلائم كل ضربات مزاجه البعيدة المتقلبة .
مثل ذلك الرجل الوحيد جدا ..درجة عجزه عن الإستغناء بإمرأة واحدة عن كل نساء الحياة .. مثل تلك الوحدة وذلك العجز والخجل .
أعترف أنا بأني إمرأة لا تكفيها حياة واحدة لتفرح ، ولا قلوب ممتلئة بالحب لتعالج فراغ روحها .
وأن الكتابة والطهي يتقاسمان عالمي كعشيقين مخلصين .
وأني في حياة أخرى كنت سأحب أن تكون مهنتي في أوراقي الرسمية هي كاتبة ،وطاهية في مطعم اسطوري .
في حياة أخرى سأمتلك بيتا كبيرا ممتلئا بالشمس وأقسمه بشكل عادل بين أن يكون مطبخا كبيرا ومكتبة كبيرة جوارها مكتب يصلح للكتابة وألة كاتبة قديمة تصنع ذلك الصوت الذي يشبه غياب سكين حاد في غابة من الخس .
منزل بجدران بيضاء لا يعلق بها حزن ولا أتربة .
في هذه الحياة سأمتلك ذات المهارات المرتبكة بشأن كتابة تؤلمني دائما وأنا ابحث بها عن التعويض ولها عن الكمال .
مهارات أخرى ممتلئة بالفرح وأنا اعد المزيد من الوصفات .
الكتابة تحتاج للحياة لتكتمل وتنضج ، ووصفات الطعام تحتاج للحب حتى تبدو رائقة وجيدة ..
الخواء والحزن يهزمان الحياة ..
انا اقاوم لأجل كتابة حلوة ووصفات تمنحني ذاتها بلا مزيد من التدلل .
أمتلئ بالخجل وأنا اعترف أني أحب الكتابة بطريقة حسية ، وأن اللحظات التي تمنحني فيها كتابة ترضيني تشبه حضن رجل أستطيع بمنتهي اليسر أن اختفي فيه من أحزان العالم كله .
حضن الكتابة وربتها لروحي .. والنشوة غير الموصوفة التي تضئ وجهي وتتسلل لتحت جلدي .. تشبه أورجازم متعتي الضغط على لوحة المفاتيح وإطباق يدي على ملعقتي الخشبية وتقليب الألوان في مقلاتي التي ورثتها عن أمي ، وتسع كل وصفاتي
فعل الضغط والتقليب يشبهان التمسح بجسدك ، حفظ ثنايه وخشونته الناعمة
لا يزعجني أنك رجل ناعم مثل الحروف و حبات الدقيق وسطح الفلفل الرومي بألوانه الثلاث .
أنا امارس الحب على طريقتي في ذلك الكون الصغير .
أترك شريط الأخبار أمامي ، وشعب يجاهد بوضع استيتوس على الفيس بوك يعلن عن سعادته بثورة تونس ، وعدد من الرجال قرروا حمل الجاز والبنزين وإشعال النار في أنفسهم
أترك فوضى السيرك الذي نعيش فيه وأفكر في ايقوناتي الناعمة
لمسة رجل أحبه وحروف تضئ عتمة أيامي ، وخضروات تبتسم لي فتصنع لي يومي
أفكر في الرواية التي قرأتها أخيرا فأمتعتني ، وحمتني من الحزن طيلة اسبوع كان كل ما فيه مخيبا للأمال ، وحملت لي دفئا كافيا بعيدا عن أمطار الشتاء وغيومه التي تعذبني ، وتعيد لي ذاكرة الوجع والفقد .
الرواية كانت " الغليان " للكاتبة المكسيكية لاورا إسكبيل
إبتسامة رائقة كانت تشع على وجهي مع كل سطر اقرأه فيها ، الحرص الشديد مع كل ورقة اقلبها حتى لا تنتهي تلك الدفقة المباركة من الحكي عن الحب ووصفات الطعام والسحر .
لاورا إسكبيل كتبت الغليان عام 1992 وحققت نجاحا عالميا ، ترجت ل 29 لغة ، كما احتلت لأكثر من عام قائمة الأكثر مبيعا في النيويورك تايمز وحصلت على لقب إمرأة العام .ثم تحول لفيلم بعنوان " كما الماء والشيكولاته " وحصد العديد من الجوائز
تفتح لاورا كل فصل في الرواية بوصفة طعام تلعب دورا ملهما في الحكاية ، وفي علاقة البطلات – النساء- بالأحداث
تخلط أرق بطلتها " تيتا" ولوعتها وشوقها وحبها وحتى فرحها بالوصفات كلها ، تنقل بها كل ما ترغب أو تعجز عن وصفه للعالم .
فيصاب المدعوين بالتسمم من كعكة الزفاف التي صنعتها ليلة زواج حبيبها واختلطت مكونتها بدموعها ، ويتحرقون بالشوق والحنين لمن يحبوا لحظة تناول حلوى صنعتها وهي تشتاق لرجل تحبه .
ويبقى في طعام أمها مرارا أبديا جراء كل الظلم التي أوقعتها تحته .
أتذكر الضوء الذي يملئني عندما أفعل ما أحب وعرفت انه اشتعال الحياة كما تقول عنه تيتا بطلة الرواية "
جميعنا نولد بعلبة كبريت داخلنا ، لكننا لا نستطيع أن نشعلها وحدنا .. نحتاج إلى أكسجين وشمعة .. الأكسجين يستمد من أنفاس المحبوب ، الشمعة يمكن أن تكون نوع من الطعام ، موسيقى، لمسة حب ، كلمة ، صوت يطلق صمام التفجير وهكذا يشتعل عود الثقاب . نشعر للحظة أننا نشتعل بعاطفة قوية وينشأ في داخلنا دفء ممتع "
العشق والطهي والكتابة هم مكونات هذه الرواية البديعة التي قرأتها مرتين في أسبوع ، وتحسست غلافها وأوراقها قدر ما أحتمل ، وحاولت الكتابة عنها طيلة أيام وفشلت جدا
فقط تذكرت كل ما قرأته عن الطهي – كتاب افروديت لإيزابيل أليندي ، كتاب أبلة نظيرة وهي تحكي عن وصفات تعلمتها في إنجلترا عندما أرسلتها وزارة التعليم عام 1929 لتتعلم أصول الطهي ، فأشعر وأنا اضم صفحات الكتاب بين يدي بكل المحبة والشغف الذي كتبت بهم هذا الكتاب .تذكرت فيلم جولي وجوليا ، وفرحتي بإكتشاف أن استمتاعي بالطهي بمكعبات الزبدة كان اكتشاف نساء أخريات عشنا في حياة مختلفة ، تذكرت اني تعلمت مسح الأطباق من كاثرين زيتا جونز في فيلمها التي جسدت فيه شخصية طاهية وتعلمت تقطيع الخضروات برفع سن السكين بشكل معين من فيلم آخر لا اذكره الآن ، تذكرت فيلم كوين لطيفا وهي تطهو في أحد الفنادق الشهيرة حيث أختارت ان تقضي اجازته الأخيرة قبل أن تموت بمرض عضال .
تذكرت فرحتى وأنا العب في الدقيق لصنع فطيرة الفراخ الأولى لي ، ورائحة أول كعكة صنعتها بخليط من دقيق الذرة والقمح والبرتقال
تذكرت صديقاتي وهن يغلقن عيونهن بإستمتاع وهن يجربن وصفاتي ، وتذكرت طريقتي عندما أغلق عيني وأنكمش لحظة أن يمسني ذلك الرجل ، ولحظة ان أمس أنا خضروات طازجة واقطعها وأمرر لها محبتي ، ولوحة المفاتيح وهي تزيح عن عاتقي كل الضوضاء والإرتباك
مثل وجبة ساخنة وممارسة ساخنة للحب وكتابة حقيقية تمس القلب وحمام بخار يتخلل من المسام للروح مثل ذلك كله وكما الماء والشيكولاته أعرف طريقتي للحياة .

Wednesday, January 12, 2011

معالي


كأني كنت أحدق في سطح بحيرة فألمح الضحكة ذاتها ، والعين الممتلئة عن آخرها بالشغف ومحبة الحياة ..
فتاة اخرى تلضم في حلقة الساحرات الممتدة من بوابة الروح – من الأرض حتى السماء – صديقة جديدة تدخل من الباب الذي قلت لنفسي مئة مرة على الاقل في العامين الماضيين إنه أغلق تماما للأبد
أنظر في كف يدي الممتلئ بأيادي صديقات مخلصات يطبقن عليّ فأشعر اني احلى واقوى ، وأحب الحياة لأن بها كل هؤلاء الجميلات .
كل صديقة جديدة تجد لها وطأة قدم في هذه الفوضى ، أقول بحزم أنها الأخيرة ..
لكن الجعبة دائما تخرج لي المزيد من الحلوات .
رحاب كانت صديقتي الأولى
لم يعد سرا أن صداقتي الأولى مع فتاة كانت عندما بلغت من العمر 23 عاما
، جاء زميل وقال لي اعرف واحدة تشبهك .. لها نفس مزاجك وجنونك وفوضاكي . أعطى كل منا هاتف الآخرى واختفى من حياتنا للأبد .. كساحر كانت تلك مهمته

مع رحاب تعلمت كل الأشياء التي تحمل لقب أول مرة ، من رحاب حتى معالي
العشرات من الصديقات لكل منهن نكهة وحكاية ، وحالة خاصة ومزاج ..
صديقاتي الآتي أسطو على ارواحهن واحولهن لكتابة ، أو أتكا عليهن بمنتهي القسوة ويحتملن ، يخرجن اجمل ما فيّ ، الصداقة هي هدية الله لمخلوقاته البائسة على الأرض .

معالي حكاية مكررة .. جاءت اسماء وقالت انها تعرف صديقة تشبهني ، ابتسم وأهز رأسي ولا أتصور ان التاريخ سيعيد نفسه وعالم الحكايات الذي فقد قدرته على التجديد ، وأصبح مفلسا سيبدأ الكرة كلها من جديد.

في المرات التي كنا نرتب فيها للمقابلة ، ونظرا لمزاجي السئ في الشهور الماضية ، وإنشغالي الخرافي بأشياء عبثية لم نتمكن من ترتيب ميعاد للتعارف
خلال شهرين ربما كنا نتحدث على الهاتف ، أو على جروب الفتيات السري على الفيس بوك
سري لأنه يخص قبيلة صغيرة بائسة من الفتيات أنا منهن ،
الشغف نحو تلك الفتاة بدأ قبل أن اقابلها بكثير ، هي ايضا تعلقت بي
كان لنا الإهتمام المقدس ذاته في القراءة والكتابة ..
والطقوس السحرية نفسها في الطهي .. هذا كله كنت اعرفه قبل لقائي بها ، كنت اعرف حتى أن صداقتي بها بدأت في حياة أخرى واننا الآن نلتقي مرة اخرى لنجدد عهدا قديما قويا .

من المقابلة الأولى ولفرط حميمية اللقاء ، ورقة هذه الفتاة ، وشقاوة روحها ، ولمعة عبقرية تملأ روحها فتشع لحظة أن تحكي ..
الفتاة ذاتها تشبهني حد الجنون – هي أحلى
تحكي بحيوية فقدتها أنا من فرط الحزن ، تملك اندهاشا أقاومه منذ شهور .
تتحدث مع الأشياء مثلي ، للطهي حضور مرعب في حديثها
يدها تتحرك طوال الوقت .. تحكي كل العادي فيتحول لأحداث تستحق أن تروى ليمت ماركيز دون أن يكون دقيقا في يقينه بشان ما يصلح للحكي .

معالي الفتاة التي اقاوم الكتابة عنها منذ المرة الأولى ... سألتها امس وهي تنصب سيركا يخصها ، وتخرج من حقيبتها العابها ممكن أكتبك؟
كانت تدير دفته الجلسة كلها
لأشعر لمرة وحيدة منذ سنوات ان هناك من يشاركني محبة العالم بهذه الطريقة يأخذ منه احلى ما فيه دون أن يزعجه قبحه ، لا يخجل من احتضان عروسة والمشي بها في الشارع ، أو وضع حبة من الفوار الذي يدغدغ في فمه وهو جالس على الرصيف يضحك من فرط التأثر والفرح .

معالي التي وفرت عليّ لمرة اولى في عمري أن اضئ إشارات روحي لأحمل ضوءا للجالسين معي
أمس قابلتها وكنت منهكة وحزينة ، فأنجزت المهمة وحدها
ملئت قلبي بالبهجة ، ولم اتوقف عن الضحك ونحن – أنا وهي واسماء – نلتهم عشرات الاطباق في مطعم قالت عنه انها تدشن فيه علاقتها بالقريبات
ابتسم في ارهاق واخبرها اني كنت افعل ذلك في أتوبيس يخصني
تدشن علاقتنا وتعيرني كتابا وتناولني قطعة من الشيكولاته وتحكي لي ، وتصف لأسماء طريقة لإعداد الدجاج بالروز ماري فتتكأ على قلبي من فرط استمتاعها بالحكي عن الطهي تلك المتعة التي تغويني كالكتابة .


معالي أخر العابرات من بوابة الشغف والصداقة تحمل راية محبة وكلمة سر لا يمكن معها إلا أن أتحرك قليلا للوراء لأدعها تمر
.
 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner