Friday, April 20, 2012

عن أشباح ومعجزة وبعض الثلج



الإلتزام بالعادات السيئة فضيلة راقية – طالما اصبحت عادات .
هذا ما قالته لنفسها في محاولة منها لتبرير فعلتها الأخيرة .
عادت لترك الجمل التي تعجبها ، وتحيرها ، وتبدو مفتتحا غامضا لكتابة غامضة ، ملقاة أمامها على الورق .
تكتب الجملة في مفكرتها اليومية ، وعلى صفحتها على الفيس بوك ، على الدولاب بالطباشير ، وعلى يدها بعد غسل صحون العشاء .
الجملة الأخيرة الجديدة كانت- ربما لو كان رجلا اقل تطلبا ، لو بدى غير مرئي ، فقط لو لم يكن حقيقيا من لحم ودم .
لم تعرف حتى اللحظة التي كررت فيها كتابة الجملة أكثر من عشرين مرة ، فيما قد تستخدمها ، ولم تجد للجملة صلة واعية بما تشعر به .

ليس في حياتها رجال متطلبين ، ولا نساء .
هي وحدها غارقة في أنانيتها المفرطة ، وهوسها برغبات روحها حتى تحولت لشيطانة صغيرة بوجه ملائكي ، وروح طاهرة لم تدنس بالجنس ، ربما بهلاوس الحب فقط ، والكتابة عن الملابس الداخلية .
قال لها زميلها " جمال" انت إستثنائية " تعليقا على موقفها الطفولي السخيف بالتوقف عن العمل ، لأنها لا ترغب في خلط الأدب بالسياسية .

كيف تعمل الآن وكل ما حولها اختلط بنكهة التنظير ، والجدل ، والتخوين والعمالة والكلام الذي يثير قشعريرة حقيقية ومؤلمه في روحها .

ارغمت نفسها على تصفية للذهن ، اعادت قراءة مائة عام من العزلة في نسخة جديدة لصالح علماني ، استعادت بهجتها وهي تقرأ من جديد وتضع خطوطا جديدة ، وتعليقات ، سمحت لنفسها بالإنبهار من جديد ومحبة هذا الكتاب من البدء .

لكن الخواء عاد يلازمها وهي تتحسس الصفحات وتعرف أن أسبوعين فقط هما ما صمدا امام طوفان الزمن الرخو الدائري ، انتهى الكتاب .

وجلست على الرصيف في الشارع في مكان تحبه في مدينتها الجديدة ، حيث وقفت سيارة جيب بها شاب قال لها كلمات لم تسمعها جيدا لأن صوت منير كان يهمس في اذنيها " تتكسري ولا يتصلب عودك " قبل ان يعيد الفتى تدوير سيارته ويمضي .
لم يكن في السماء قمر ، ولا في القلب بهجة ، ولا في الكتاب المزيد من الحكايات

لكن الشارع البعيد ممتلئ بالبشر ، والهتافات ، والسياسة
والشارع الخرافي لم يعد موجود ، لأنه لملم أشيائه ورحل بعدما انتظرها كل ليلة لمدة عام ، ثم عرف انها اضاعته من قلبها للأبد .
الشارع الخرافي صار حزينا ، درجة ان صادفها ذات مرة في الطريق فلم يتعرف احدهما على الآخر .

 
لم يذكر جمال أنها فتاة وحيدة ، وبائسة قال فقط استثنائية ، تلك الكلمة التي تصلح لأصحاب العاهات ، والكرامات على حد سواء .

بينما يعرف رجل يحبها أنها قاسية القلب ، وحزينة ، وتعرف دميتها أن الأشباح تتجول في حجرتها ليلا ، وتعرف هي أنها مشوشة ، وتكره السياسة ، ولا تحب المتاجرة بالدين ولا بالأحلام .
وتنتظر معجزة صغيرة لتتمكن من اللعب بكرات الثلج أمام بيتها في شمس أغسطس المباركة .

 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner