Saturday, August 27, 2011

فراولة




Wednesday, August 17, 2011

أغسطس القمر والمحبة


الكوردن بلو ليس ضمن أطباقها المفضلة ، لأنها لا تجد حشوا مناسبا له ، لكنها تصنعه وتقدمه مع السبرنج روتس كمقبلات جوار الطبق الرئيسي .
في الأسبوع الماضي قررت أن تنهي كتابها الجديد ، لأن اغسطس قد جاء ، ولا يمكنها تفويت عطايا هذا الشهر لها .

تجلس على أرضية حجرة المكتب ، تضع ساقها التي توجعها إثر كسر قديم فوق مخدة مستديرة ، وتفكر في حشوة مختلفة للكوردن بلو ، وفي فصول الكتاب الباقية .. تتحسس روحها فتشعر بنعومة وبراح ، تجعلها تبتسم بعمق وثقة .

نصف صديقاتها على الاقل يعانين أوجاع الحب ، ونصف أصدقاءها الرجال يعانين الغم .
الحزن العام الذي تلمحه في اصوات الجميع ، وإنطفاء لمبات الأرواح من حولها ، يجعلها تخجل من فرحها الصغير كلهب شمعة يكفي ليضئ لها عتمة الكون ، أن تنهي كتابها أخيرا بعد عامين من العمل ، أمر يستحق الفرح ، تقضي يومين تبستم وتضبط نفسها وهي تهبط السلم كله دفعة واحدة كأنها تطير ، خفيفة مثل حلم ، تتحسس الفلاشة وتقبلها كثيرا طوال الأسبوع ، وكأنها تشكرها .
ولا تستطيع منع نفسها من التنويه لطه وهو ينقل لها افلام لن تعجبها ، خد بالك الفلاشة فيها حاجة مهمة – ينقل لها الافلام في ندوة أمينة التي تسمع فيها شعرا يكفي لسد رتق وفراغ الروح ، تعجبها قصيدة هيثم التي تحكي عن حبيبة مجنونة، تتماس معها تماما عندما تكتشف أن بطلتها لديها سمكة برتقالية مثلها ، وان بطلة القصيدة وجدت حلا لمشكلتها الوجودية مع السمكة .
السمكة التي تقتصر حياتها على الدوران في الدورق ، ومراقبة فتاة شبة مجنونة تقضي الليلة في الكتابة وتقبيل الفلاشة والرقص والغناء بصوت عال ونشاز ،
سمكة فتاة القصيدة بإمكانها الخروج مع صاحبتها ، نزهة في كيس بلاستيك هكذا قال هيثم ، وهكذا قررت هي أن تفعل مع سمكتها الجديدة التي تجلس الآن وتحدق في شمعة الفراولة .
ضوء الشمعة وخيالات ضوء القمر الذي يلاعبها وهي تجلس على مقهى صالح مع عدد من أصدقاءها ، تلك الجلسة الكابوسية الكوميدية التي أمتلئت بحكايات عن الموتى والأشباح والعفاريت ، الضحك المشتبك بالإرتباك .
يقين محمد ابو الدهب وهو يسأل بجدية عن الموتى ، فتفسد هي تلك الحالة بالكثير من الهزل ، يشاركها في تلك الفوضى الحلوة هاني .
بينما يقوم عامر بدور البطولة في الجلسة ، فيحكي هو كل القصص ، ويستمع لها في وقت واحد .. وينوي طاهر أن يقص حكاية لكنه يتراجع في آخر لحظة ، لأن في جلسات مثل تلك نتكلم جميعا في صوت واحد ، وننسى أن نصمت ، تمتلأ الدائرة بالمزيد من الحلوى / الاصدقاء.
تترك روحها كقارب خشبي بلا شراع في ليلة بها قمر مكتمل ورياح خفيفة ، ومد ساحر ، يكفي لهدهدة جوانبها ، تبتسم مثل القارب ، وتنصت للمشهد .

تقضي ليلة حلوة ، فتكتب ذلك على صفحتها على الفيس بوك ، فتعلق شاعرة صديقة أنها ستعرف تفاصيل الليالي الحلوة من " كراكيب" مدونتها ، فتبتسم ، وترتبك ، لكنها في النهاية تكتب عن كل الليالي الحلوة ، لأنها تظن اخيرا أن الليالي الحلوة تستحق بعض التنويه ، وأن الإفطار عند حمام السباحة في النادي كان ممتلئا عن آخره بأصدقاء ومحبة تكفيها لعام قادم .
مثل إفطار آخر حيث تفاجئها البسلة وهي تبتسم في الطبق ، فتفرح لأنها تحبها من يد سهى ، حيث تشدد نهى الصغيرة عليها ان تاكل وتضع لها في طبقها المزيد من الطعام ، فتنظر لها وتفكر ان البنت الصغيرة كبرت ، وان ذلك يطمئنها قليلا ، لأن الحياة تمضي ولا تقف .

جلسات الاصدقاء من مقهى صالح وحتى التكعيبة حيث يتكوم الجميع ، في زحام وفوضى ، فلا يسمع احد شئ مما يقوله الآخرين ، لكنه الونس الحلو ، ومزاجها الطفولي السعيد بإنتصارات تخصها ، وتخص بعض الذين تحبهم ، يكفي لتلائم الفوضى والضوضاء في شوارع وسط البلد .

أغسطس وهدايا عيد ميلادها التي تفكر بجدية أن تنشر صورها كلها على مدونتها ، لأن هذا العام كان مميزا كما لم يكن عاما غيره .
ولأن الزجاجة الملونة التي أهدتها لها دعاء ، وصينيه صنع الفطائر التي أهدتها لها هبة ، ومائة وستون امنية طيبة تلقتها على صفحتها على الفيس بوك ، وعشرون قلم رصاص ، وكراسة من ورق مميز بلا سطور ونسخة من رواية الحرافيش وبراية مكتب وعلبة شيكولاته مكنتوش ، وساعة حائط قرمزية وبوكيه ورد ، وسماعات للاب توب ، وعقد واسورة من الخرز الملون ، وصورة رسمتها لها زهرة ، وشمعة وأمنيات طيبة تكفي لمائة عام ، فقط لو عاشتهم هي .
تستحق أن تبدد كل هزائم هذا العام .

بمشاعر مثل تلك وأكثر ، تقبض على يد أغسطس ، وتهمس له – خليك شوية - ، تفعل ذلك وتقبل الفلاشة ، وتغني بفوضى وتلوح للقمر المضئ هناك .
 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner