Tuesday, July 10, 2012

شجاعتي التي أفقدها






 

أرتبك كثيرا جدا ، كلما جاءتني رسالة من صديقة أعرفها ، أو أخرى لا أعرفها
تسألني لماذا لا أكتب هذه الايام ! ، فاجئتني الرسائل التي تسأل عن تدوينات لكراكيب " .
لم أعرف ابدا ان هناك من يفتقد كتابتي ، كنت أظن بعد كل ما نشرت من كتب ، وبعد ما نفذ من طبعات ، أني أكتب لأفرح ، لأتلصص على كل ما يحزنني ويربكني ، لأفهم كيف يبدو الحزن قاسيا لو ظل ساكنا في الروح ، دون ان نفتح له شباك على السماء .
يد الكتابة التي تقفل على أناملي هي السحابة التي تكورت على شكل يد لفتاة طاهرة ، يمكنها أن تعلمني كيف أخترع لحنا يخصني لأتواصل مع الصمت والسكون والموت .
تخونني شجاعتي كثيرا ، لا اقوى على تشبيك الحروف .. يهزمني خوف بعيد وقاس مسني من العمق وبقى هناك .
فرحت اخبأ مسودة روايتي الأخيرة في صندوق خشبي ، وأتلكأ حتى لا أتركها تتحول لفراشة ، أخاف الآن من الكتابة وقص الحكايات .. ذلك المزاج العام ، والغم الزائد، والفوضى والصخب الذي يلف الأرواح يؤذي قلبي ، فلا أتمكن من سماع دقاته حتى أحولها لعبارات .
نوتة عزفي تائهة وسط صناديق شوار العروس التي أمتلئت بها حجرتي ، مكتبتي التي تكومت في صناديق أخرى استعدادا للرحيل ، ستذهب لبيت جديد ، حيث سأبدأ أنا حياة جديدة
أنا الخائفة من ظل القمر على الأرض ، ومن صوت عواء الكائن الأسطوري في عباءة الظلام ، تهزمني دقات قلبي، ورغبتي في الكتابة ، وحرارة الجو .. فأشتكي لأول مرة مثل كل الناس من الحرارة ، بعدما كنت أغزل من خصلات الشمس جناحين لفتاة تعشق الصيف ، وتكره الشتاء .  
تخذلني قدرتي على المضي قدما ، بذات القلب النقى ، والروح الوردية ، فأشعر بوخز الغضب ، والمشاعر السلبية ، وقوى الشر .
وقعت في شراك التصادم مع الحياة ، وفقدت براءتي تلك ، لا استطيع مواجهة الكتابة التي تقلب في روحي بكل تلك الدماء على ثوبي .
أهمس لمحمد أني خائفة ، وألح عليه ان يعدني بأن كل شئ سيكون جيدا ، ورائقا وطيبا .
أعود لحضن الكتابة ، وأخبرها أني خائفة ومشوشة ويدي غارقة في دمي ، فتخبأني في حضنها حتى أتلاشى ، أحاول انتزاع جسدي من لحمها ، أخبرها بقلق أني وعدت رجلا ألا أخذله وألا أحبك أكثر منه .
أخبرها انه سيعرف بخيانتي تلك ، لأن ابنتى الأولى سيكون لها عين الكتابة ويدها الصغيرة مثل نتفة سحابة طيبة تكورت لتربت على يدي وتسحبني معها لعالم أحبه اكثر ، ويمكنني هناك ان اختبئ من الحزن والموت ، وافرح كما لا يمكن لاحد أن يمنحني ذلك السحر .

 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner