Sunday, July 21, 2013

عشيقتي السرية






لا شئ غير الحنين وربما كلمات محمد عبد النبي الحماسية التي يكتبها على صفحته بالفيس بوك  ليذكر نفسه بضرورة العمل – الكتابة – هو ما سحبني بنعومة اطياف الأحلام لصفحاتي البيضاء والملونة بمسودة أولية لفصل قديم في روايتي التي بدأت فيها منذ خمسة أشهر ، ولم أنجز الكثير .
توقفت عن الكتابة ، لأن مغناطيس الحياة يؤثر على إبرة بوصلتي ، يشوش على طقوس الكتابة التي أعرفها ، الكثير من الوحدة والهدوء الخرافي ، الوقوف على حافة العالم الحقيقي وتحسس الطريق في الظلام نحو السحر .
عندما كانت الكتابة عشيقة سرية / معلنة في ذات الوقت كانت علاقتنا أسهل .. هي تملكني ،  تمنحني بقدر ما تستطيع ليس بيننا وعود عظيمة ولا علاقة دراماتيكية تنتهي بكسر القلب والفراق او خيانة اي منا للآخر .
نحن معا ، تمسك يدي ونمضي نختبر الحياة ونكتب ، يحب الناس ما نفعل أو يكرهوه ، يترك البعض تعليقات ساخرة أحيانا عن طبيعة ما أكتب ، وندخل في جدل يتطرق لأمور مخترعة مثل منهج الكتابة النسوية ، وخط السيرة والتكرار والفخ وهكذا ، ونتجادل انا وهي ، أخبرها بإحباطاتي وجنوني ، تهدأ روعي ، وتحتضن كل ما أوجعني وتمنحني حكاية ونصا والكثير من الأحلام .  
الكتابة التي منحتني الكثير .. منحتني وطنا خرافيا يكون ملاذي في كل ايام الحزن والبرد ، منحتني طبعات من كتب ، وجائزة ، وحبيب .
منحتني رسالة سلام وفرح لم أجربه ابدا إلا معها .. لكني أخفق في التواصل معها الآن ، أخذلها كثيرا ، اتهرب منها لأرتب ورودا في زهرية البيت ، لأصنع طعاما لرجل احبه ، أهرب منها حتى لأدور في بيتي ، أحفظ كل ركن فيه ، أنقش ذكريات سأحتاجها في سنواتي القادمة ..
ابتسم الآن وانا ارى أشيائي الجديدة تتواصل معي وتسرسب لي الحكايات كما كانت تفعل أدوات مطبخ امي التي ورثتها ، تشوش هذه الحكايات بصوتها وغوايتها على ولعي القديم والأبدي بالجلوس في مكان هادئ قرب الفجر بقليل لأكتب .
أكتب حتى توقفني شخصيات كتابتي ، تربت يدي وتمنحني عتق ليوم جديد .

في الشهور السابقة كانت الكتابة وشخصيات الرواية يتجولون خلفي في البيت ، يمرون خلفي تماما  ، يدخلون معي في نفس اللحظة التي أعبر بها  من باب المطبخ ، أشعر بثقل وجودهم يمكنني إن مررت ابطء من حركتي العادية أن أصطدم بهم  
ومع ذلك واصلت الهروب وتجاهل انين متبادل بين أرواحنا . كنت اهرب من الكتابة لأن شيئا في روحي معطل ، شي لا أعرفه لكني أعرف أني ومهما قالت كتب الكتابة عن ضرورة الجلوس يوميا للعمل وإضعاف فكرة المزاج والهوى فشلت في تلبية النداء انا التي تحب الكتابة  ولا يمكنها  مبادلتها غراما ناقصا .

منذ أيام طويلة هدات الضوضاء ، وتلاشي الزحام الخرافي و غاصت الشخصيات داخل الورق ، غابت من وجودها المجسم لتتحول لحروف مكتوبة بقلق ، وحزن ..
كنت أفتح الورق وألقى عليها نظرة وهي تشيح بوجهها بعيدا ..
أنا اتظاهر بالكتابة ، بينما افكر في ألعاب أخرى لا تخص الورق ولا الكتابة .. تنغمس كلها في الحياة التي اكتشفت أني لم اجربها ابدا على الورق وأن ما يحدث لي منذ ارتدائي خاتما عليه اسم رجل احبه ، هو مربك ومعقد ، ولا يمكن لنا انا والكتابة ان نفهمه ونقبله بسهولة .
وان أختبائها مني ، وهروبي منها لن يحسم خياراتي في العالم لأنها ليست ندا ولا معادلا موضوعيا للبيت ولحياتي الجديدة .

أيتها الكتابة أنا وانتي فتاتان كبيرتان بيننا الكثير من المشاكل ، والحب
أنا جاهزة الآن تماما لجلسة صلح طويلة ، يدفعني نحوها الشوق والوله وكل الحنين .



Friday, July 19, 2013

احجية العتق

  



مثل الطريقة التي تنبت بها زهور الياسمين ، تنبت الكتابة في قلبي
زهرة الياسمين تولد كل نهار جديد ، مكتملة وفاتنة .. تغويني لأقطفها فينبت في قلبي شعور مزدوج بالفرحة والقلق .
 فرحة استمتاعي بزهرة فواحة بيضاء نقية ومبهجة وقلق وانقباض أن تكون الأخيرة .
مثل الطريقة التي ينطفئ بها جمال البحر في المساء ، ينطفئ شغفي بالأشياء وبالعالم ،  ينسحب قوس قزح ، ويترك عالمي رمادي شاحب .

اتذكر مشهد قديم .. في ركن ذاكرتي القديمة ، تبحث فيه بطلة عرض مسرحي عن " كلمة " كل ما تعرفه انها لوتذكرتها سيتغير حالها ، هي المكسورة البائسة المحتجزة رهينة في بيت رجل ما
لا أذكر غير انه كان رجل يشبه كل الرجال المرضى – المختبئين في قصص الثراث في رمز الثعلب او الظلام –
البطلة كانت مشعثة وفي عينها نظرة جنون ، تبحث بدأب داخل عقلها عن الكلمة ، يعطلها صوت بكاء طفل جاء في ليلة حب مغتصبة ، وملابس متسخة ورائحة بقايا طعام وهي لا تهتم تبحث عن الكلمة ، تركض داخل عقلها

أواجه الآن مأزق تشبيك الفقرات السابقة ببعضها لأداري الفكرة التي أرغب في كتابتها أو ربما  لأفضح فكرة تبدو كبش فداء ، سأقتل فكرة على عتبات هذا النص ، لأخفي فكرتي الأصلية
سابحث مع بطلة العرض المسرحي عن كلمتها االناقصة ، لترد لي هي المعروف وتبحث معي عن فكرتي المختبئة .

في افتقادي لقوس قزح الذي يمس روحي فيبدل ثقل العالم لخفة وأحلام ، وابتسامة من القلب ، وحلم برجل لا يجئ .. لا يدنو من الأرض .. لكن أنتظار مجيئه يكفيني لأمس النجوم .
رجل آخر غير كل من اصادف ، ويخدش جسدي بكلمة أو نظرة .
رجل لا يمارس الوصاية فيشعرني بعاهتي الإفتراضية ، وآخر يجعلني استدعي كل أفكاري في ورشة الكتابة النسوية عن القهر والموت والقسوة في قلوب الرجال .

أفكاري التي تغرس نصلا حادا في هدوء سحابة قطنية أجرجرها خلفي من حجرة لأخرى بعدما سقطت من السماء في ليلة خذلها فيها قمرها .
السحابة تنزف دما بشريا وتترك بقعا على حاجياتي ، وبدلا من ان أعالجها .أو أحكي لها حكاية .
أجلس جوارها على الأرض أبحث مع  بطلة العرض عن الكلمة المختبئة في عقلها ، والتي حال تذكرتها تحررت من سجنها .


 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner