Wednesday, January 25, 2012

العالم بعيد المنال


بكومة من المشاعر أجلس للكتابة ، ألمح كتاب العالم لخوان مياس على طرف المكتب فأرتجل العنوان .
- العالم بعيد المنال- وأفكر أني سأطهو اليوم حمام محشي بالأرز والفلفل الأسود ، وقلقاس ، وسأخبز فطيرة سبانخ ، وسأجرب الصلصة التشيلية التي شاهدتها امس على قناة فتافيت .. تلك التي صب فيها مشروب الشعير على اللحم المفروم والتوابل ومعجون الصلصلة ، وتركها على النار حتى نضجت ، الطريقة التي أغمض بها عينه لحظة أن تذوقها ، حسية تماما .

تذكرني بالسحابات التي ظلت تزاولني طيلة اسبوعين ، كلما نظرت للسماء الواسعة الرحبة التي أراها بعيدة وساحرة على حافة الصحراء باذخة الجمال التي اسكن بها كتعويذة لقا .
سحابات السماء تمارس الحب مع بعضها في وضوح محير ، لا تخجل من إمتطاء بعضها ، والتسابق على احتواء تفاصيل غزلها الابيض للرمادي .
السحابات الزرقاء أكثرها مجونا ، تعض بعضها بشبق ، تنسل حتى تلج بعضها وتصبح كتلة واحدة ، وتمنحني إشارة متعة .
ابتسم لها بلا خجل ودون ذرة حياء ، ولا أخفض بصري بل أتابعها بإبتسامة منفلتة لا تفارق روحي .

في المساء أحكي لمحمد عن السحابات ، يضحك ضحكته الطفولية ويعلق بلطف " ايه السحاب المنحرف ده "
محمد الذي أخفى القمر عن العالم في إحدى قصصه ، ويظن اني لا أحب كتابته ، لأني لا اعلق على ما يكتب واكتفي بإبتسامة صامتة ، بينما أتحدث عن كتابة اصدقائي بشغف ومحبة ، محمد الذي يعايرني بقراءة ماركيز ويوسا ويهددني انه سيقتل إيزابيل ألليندي التي تقف بيني وبينه ، بينما يتشبث هو بصبري موسي ومحمد عبد الحافظ رجب وخيري شلبي وأصلان ومستجاب .
محمد الذي يفعل كل ذلك بضمير مرتاح وأعصاب باردة ، يسخر من سحاباتي النزقة ويتهمها بالإنحراف .
فانتقم أنا منه في الكتابة كأي فتاة مقهورة ، مكسورة الجناح .

في بداية اليوم أسحب علبة سجائري المختبئة في رف المكتبة الخاص بأدب امريكا الاتينية ، اليوم كانت بين " عشت لأروي" و " في مديح الخالة "
أدخن سيجارة على عجل في الحمام ، وأعود لحجرتي كفتاة صالحة .

أتذكر مطر المساء ، وأعرف أن اليوم ذكرى 25 يناير ، وأن الميدان يحمل في جسده ذكرى الدم والأمل والرهبة والمحبة التي وحدت هذا الشعب .
أفكر أنها كانت مرة سحرية أطبقنا فيها جميعا أيادينا على قلوب بعض ، بدى المشهد كجلسة سحرية لطرد الأرواح الشريرة .
أتحسس خيبة الأمل ، وأفكر في نواب البرلمان ، وحديث صديق مقرب عن ضرورة إلغاء القبلة في السينما .
هل سندخل النار جميعا بسبب قبلة في على شاشة السينما ، أفكر ماذا سيحدث لي أنا واصدقائي الذين يحبون فيلم سينما براديسيو لتورناتوري

أبحث الآن عن جملة لأنهي هذا النص ، فلا أجد
فأتركه هكذا مرتبكا ، وحذرا ، ومحمل بالأمل ككل ما نصادفه في العالم ونفكر أنه ربما يبدو حقيقيا وسيستحق أن نجربه


Wednesday, January 04, 2012

صفحة بيضاء

ابتسم لصفحتي البيضاء ، هي تعرف أني أجلس أمامها لمجرد الشوق ..
احدق فيها كأنها شاطئ بحر ، كأنها عيون حبيب .. كأنها مشهد ممتلئ بأشجار النخيل التي أحبها .
ارتدي سويت شيرت يخص رجل أحبه ، اهداه لي ليلة عيد الميلاد ، واسع ودافئ لأنه امتزج بحرارة جسدي في الليلة الفائتة ، وبنطلون الكتابة الأزرق الناعم من فرط استخدامه ، على حافة القدم والإهتراء والألفة تقف انسجته .
أتسلل من الفراش الممتلئ بأوراق روايتي الأخيرة التي لم انشرها بعد ، الفراش الممتلئ بكتب أنوى قراءتها ومجلات أدبية شهرية ، أقلب صفحاتها طوال الشهر حتى ينتهي أو تنتهي هي .
الفراش الممتلئ بالعرائس القطنية ، التي تعرف أن مشاعري نحوها تغيرت قليلا لأني صرت أحلم بحضن أكثر دفئا ومادية منها .
عبر نافذة حجرتي يدخل صوت بائع البرتقال ، ونفير بائع غزل البنات ، وعجلات السيارات التي تمشي بهدوء .
أغلق باب غرفتي بالمفتاح ، حتى لا يخجل الوحي ويتبدى أرنبا أو حضنا أو حكاية
أثار رواية " ساحل الغواية " لمحمد رفيع عالقة في جوانب مشاعري ، تلك الرواية التي قرأتها امس في الطريق من بيتي للجريدة .. تلك الرواية الساحرة الفاتنة التي خدشت روحي بأساطيرها ، ومشهديتها وثراء وزخم الكتابة .
الحلوة بها .

الرغبة في الكتابة ، التي تبدو طوال الوقت جسرا للعبور من العالم وصخبه والتزاماته ، جسرا نحو النور المطلق والمحبة الخالصة .
الرغبة في الجلوس أمام صفحة بيضاء ، لمراقبة العالم والتهرب منه في ذات اللحظة .. لمعانقته والفرار بعيدا عنه قدر ما تسع طاقتي للعدو والبقاء في لحظة واحدة .
 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner