Wednesday, March 30, 2011

كل الموت / كل الحياة

مرات قليلة هي التي قرأت فيها أعمالا أدبية تركت في روحي خواءا ،من فرط شجن ما تقدمه ، فبدى الأمر كخيط ينسج من أول صفحة حتى يحوطك تماما ،ويعيق قدرتك على الحركة . رواية " كل رجل" للكاتب الأمريكي فيليب روث ينطبق عليها هذا الوصف صدرت حديثا عن سلسلة الجوايز .. أشتريتها لأني قرأت على ضهر غلافها أن " بطلها رجل عادي " ميت" لم يكن الوصف مغويا أو ربما كان هذا هو سر رغبتي في اقتناءها ، رغبة ملئتني أن اشتري رواية لا تعدني بشئ . بيني وبين الأشياء التي لا تعد بشئ علاقة قدرية بدأت منذ درست في الإعدادي مسرحية " تاجر البندقية " لشكسبير ، وأختار أنطونيو بطل المسرحية الصندوق الرصاصي الذي لم يعده بشئ فأعطاه كل ما حلم به . في عقلي الصغير كونت وقتها فكرة أن إنتظار الأشياء يعطل مجيئها ، ابتسم الآن لأن ذلك لم يمنعني أن أبقى طوال عمري أنتظر أشياءا . رواية كل رجل تذكرني برواية جيشا لأرثر جولدن ، ورواية شيطانات الطفلة الخبيثة ليوسا . هي حكايات بشر تبدأ معهم ، وتنتهي بنهاياتهم ، فنحتاج للجلوس في مكان معتم وهادئ لنتجادل مع ذواتنا حول رحلة الحياة النابضة التي مررنا عليها الآن وأصبحت جزءا منا . ربما نتقبل الموت والحياة ،والمجئ والإختفاء ، الإشراق والخفوت في الحياة ومع البشر والنهار … لكننا نقف امامه كثيرا في عمل ادبي يعطينا الموت ، ويسهب في شرحه لنا ويتكأ على كل تأملاته . لم أنتظر من الرواية شئ ، فملئت جعبتي بثقل الحياة الرملي ، وفراغ وقسوة الموت من خلال رجل عادي لا شئ فيه مميز ، هو يشبهنا جميعا من الداخل . تمنى أن يعيش الحياة ، أن يتجنب المرض والإخفاق وان يصادف الحب . فتزوج وأنفصل ثلاث مرات ، وأنجب شابان لم يستطيعا ابدا أن يسامحاه على هجر أمهما ، أخطأ فخسر زوجة محبة صادفها بعد الكثير من التعاسة لكنه أضاعها كما نضيع جميعا فرصا واشياء تترك في قلوبنا حزن للأبد . الرواية تحكي عن ضعفه الإنساني ومرات إجراءه لعمليات جراحية كانت رهبته الإنسانية تنتقل لي مع كل مرة يعمل مشرط الجراح في قطع أجزاء منه . علاقاته مع العالم في شبابه ، وطفولته ، ومخاوف الشيخوخة التي قدمها لنا الكاتب هنا دفعة واحدة بلا شفقة من خلال عدد من الشخصيات مرت في حياة البطل وقت شيخوخته . منهم شخصية "ميليسنت كرامر " وهي امراه في السبعين من العمر مصابة بتفسخ في عمودها الفقري لم تظهر سوى مشهد واحد حكت مآساتها قبل أن تنتحر بعدها بأسبوع من شدة الألم ، وزوجها الناشر الثري الذي حقق كل النجاح والبريق في حياته ثم اصابته امراض الشيخوخه وبقى في ايامه الأخيرة كما قال الكاتب روث في جملة بديعة "بدا مأخوذا شاردا مذهولا باقتراب تلاشيه . أسرة البطل كانت تعمل في تجارة الألماس الذي قال عنه البطل جملة اعجبتني " الألماسة لا تفنى . قطعة من التراب غير قابلة للفناء،وتضعها في يدها مجرد إمرأه هالكة ! علاقات ثرية كانت في حياته مثلنا جميعا علاقته بأخيه "هواي"درجة انه عندما كان يجري جراحة ما من الكثيرات التي قام بها في حياته .. كان هذه المرة شاحبا وخائفا حتى جاء ذلك الأخ فقال " لا يمكن أن أموت و"هواي" موجود هنا" وأن وجوده جواره نقل له الرغبة في النجاه وتساءل عقب شفائه " هل هناك أبدا رجل كانت شهيته للحياة معدية مثل شهية هواي ؟ بنته "نانسي" التي أنجبها من زوجته الثانية التي أحبته بصدق ،نانسي هي العلاقة أو الشئ الذي استطاع أن يخرج من الحياة وهو مغلق كفه عليه ، في رايي لو كان لدينا شئ واحد يمكننا أن نفكر أننا أنجزناه على ما يرام فأننا لم نخسر كل شئ . كان يقول عنها انها فتاة نقية وحساسة لا يعيبها سوى كرمها وعطائها الزائد ، تخفي التعاسة بأن تشطب على أخطاء كل شخص عزيز عليها ، عن طريق المزيد من الحب . في حوار له مع نفسه عقب موت امرأتان يعرفهما وصديق من السرطان كان يفكر في أن التقدم في العمر ليس معركة ، التقدم في العمر مذبحة. وعندما فكر في انتحار السيدة " كرامر" تساءل حول قدرته على القيام بالشئ ذاته " كيف يختار المرء أن يترك هذا الإمتلاء من أجل هذا اللاشئ النهائي؟ فكر حتى ان الدعامات الست في قلبه وسوء حالته الجسدية ربما تصله قريبا لترك الحياة . لكن نانسي لا يمكن أن يتركها .. ماذا لو حدث لها شئ وهي أو طفليها وهي تعبر الطريق مثلا .. نانسي التي يحميها فقط بالرابطة البيولوجية بين وجودها وبقاءه ، ثم هل سيحرم من أبدية مكالمتها التليفونية الصباحية ! الكثير من التأملات والمشاعر بدأت بمشهد الدفن ، ثم صوت الميت الذي انتبهت الآن وانا أبحث عن اسمه لأكتبه هنا اني لم اصادفه طيلة صفحات العمل المائة وسبعين كان فقط رجل عادي مثلنا جميعا لم يعد موجودا بعد الآن تحرر من الكينونة ، يدخل إلى مكان بدون أن يعرفه . تماما مثلما خاف من البداية .

Monday, March 28, 2011

الحكي فوق مكعبات الرخام



صدرت عن دار الشروق طبعة جديدة من

روايتي



" الحكي فوق مكعبات الرخام
الغلاف / للفنان وليد طاهر
الآن بالمكتبات

نورتي الدنيا يا حلوتي أو كما تقول إيزابيل الليندي

الولادات تأتي بالحظ السعيد

Friday, March 18, 2011

ذاكرة البهجة والحنين


ليس لدى الرجل الذي أحبه ذاكرة درامية
لا يمكنني الإستشهاد بأي جملة حوارية من مسلسلات التليفزيون في حديث بيننا ،
وأقصد هنا الدراما الجميلة التي صنعها أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ ومحمد فاضل .
في المقابل ليس لديّ ذاكرة غنائية قديمة .. أذني تبدأ من إيهاب توفيق وهو يغني ألحان التسعينات .
هو يعايرني بذلك بينما ابقى انا كأي أنثى شرقية تحمل إرثا تحب أن تحتفظ به لا أجرؤ على التلويح بأي نوع من السخرية فيما يتعلق بفقدانه لجزء من ذاكرة تكوين أثرت فينا جميعا .

الكتابة بدأت وأنا اعمل الآن في مكتبي بالبيت ، أتصفح بعض الكتب وأتلهى عن قلقي بشأن التعديلات الدستورية غدا ، وما قاله لي أبي فور عودته من صلاة الجمعة محملا بأوراق تؤكد أن التصويت ب" نعم" واجب شرعي
يحكي لي ابي عما قاله للناس عن " لا " الجميلة الحرة .
سألته عن مدى تأثير رجال نعم بالمسجد قال لي الناس في حيرة ، لكن أنا متفائل
أنا ايضا متفائلة .
في حجرتي كنت أحاول أن أبدد قلقي عما قد يحدث في ليبيا بعد فرض الحظر الجوي، أفكر كيف ستخرج البحرين من مأزقها ، أفكر أني طوال سنوات لم اسمع أن الجيش السعودي تحرك لأي مكان لفعل اي شئ
لدرجة أني كنت اسأل – هي السعودية فيها جيش؟

كنت أنتهيت في الصباح من قراءة كتاب محمد فتحي صديقي العزيز وشريكي في الكتاب الذي أحبه " نامت عليك حيطة"
قرأت كتاب محمد الجديد " كان في مرّة ثورة" في وقت قصير منذ أمس ، هو كتاب أنجز في وقت قصير جدا بعد ثورة يناير ، لم اكن اتخيل ان يكون جميلا لهذا الحد .. أكثر ما اعجبني فيه ليس تجميعه لشعارات الثورة وهتافات الشارع التي أنطلقت طوال 18 يوم هو عمر ثورة شباب مصر ، ولا المفتتح الشعري الطيب ، ولا تهكم محمد وسخريته التي بقت حاضرة ومدهشة في كل صفحات الكتاب
أكثر ما عجبني في الكتاب هو الحدوتة التي أختار محمد ان يقصها على عمر وتقى ابناءه
حكاية مصر كلها ، هو كتب رسالة أديب شاب وابن لهذا البلد ، رسالة للتاريخ ولطفل وطفلة أعرف انهما البراعم التي تتفتح لتأخذ منا راية أجمل من التي مررتها لنا الاجيال الفائتة .. ملئت الدموع عيني وامتلئت بحماسة جعلتني أردد هتافات الثورة من جديد ، وكأني أشتقت قوة تلك الأيام القريبة ..

في حجرة المكتب كنت افكر في مسلسل " في المشمش" للرائع محمد فاضل والذي كان يتحدث منذ سنوات بعيدة عن قضية الإستيلاء على اراضي الدولة ، كنت أفكر في مسلسل الراية البيضا الذي يقاوم فيه الجمال القبح بجهله وشراسته ، كنت افكر حتى في الشهد والدموع وليالي الحلمية
لا أعرف فيما كنت افكر في ألحان التترات أم في الزمن الجميل الذي كنا نشاهد فيه هذا الأعمال ، ام هو حنيني لطفولتي ومراهقتي ، ام هو تشبث بما أحبه وسط كل ذلك الزحام والفوضى .

أفكر في كل ذلك وأنا أكتب لا لا لا تمرينا للغد ، وأهتف تأثرا بكتاب فتحي "وشوقا لأيام الحرية الأولى " الشعب خلاص أسقط النظام" ، يتداخل كل ذلك وصوت حسن عابدين وهو يقول في نهاية حلقة من المسلسل عارفين طعمة هتروح مننا أمتى " في المشمش
"

Monday, March 14, 2011

عاصفة صباحية



أجلس للكتابة ،وأنا أعرف أني لن أكتب عن اليوم العادي تاثرا مني بنصيحة صديقي محمد عبد النبي الذي قال لي في تعليق على النص الأخير المنشور أني يجب أن أتوقف عن هذا النوع من الكتابة .
حتى لا أقع في فخ التكرار والملل .
أجلس للكتابة في صباح لم يكتمل فيه نومي بفعل أرق كنت أشعر به يراقبني ، وأسمع صوتي في ساعة متأخرة من الليل أعدد الإلتزامات المتأخرة عليّ
عددت على الأقل ثلاث مشاوير صباحية لا أرغب في القيام بها للبنك ومكتب تعليم القيادة وأخيرا للجريدة حيث سأقضي ساعات من الفوضى والجنون لأن الجميع يشتبكون حول أبناء الثورة الحقيقيين والمندسين .
الجميع يحملون اوراق ويجمعون توقيعات ، ويتحدثون في قضايا مهمة تختلف كثيرا عما يشغل عقلي الصغير ليتحول في النهاية لكتابة عن السمكة البرتقالية التي أملكها ومسألة هوسي بعد اصابع قدمي المرسومة فرينش .
في الصباح ذاته الذي جلسته فيه للكتابة والذي كان القلق فيه شديدا لدرجة أثرت على خفق قلبي فكنت اسمعه يدق أسرع من العادي ويمكنني أن أشعره واضحا دون الحاجة لوضع يدي على صدري .
كتبت مسودة رسالة لرجل احبه أخبرته فيها برغبتي الإنفصال عنه ، لأني غاضبة منه ولأنه يؤذي مشاعري ويعذبني بأنانية رجل يشعر بذاته
مسودة طويلة حكيت له فيها عن العشر أمور التي أهانتني في الأسبوع الأخير ، عن اسمي الذي لم يذكره وسط حديثنا ، وعن المساحة الضيقة التي يسمح لي بالتحرك داخلها فلا يمكنني ذلك من التنفس بينما يتمدد هو في كل فراغ الحجرة التي تجمعنا ، ارسلت له الرسالة على البريد الإلكتروني قبل أن اتذكر اني لم ادفع اشتراك الشهر الماضي وأن الرجل الذي اعاتبه الآن سبق وخرج من حياتي منذ شهور طويلة لأسباب أكثر سذاجة مما كتبته له في خطابي المتخيل .
فابتسمت وانا اردد انه خطاب متخيل لحبيب وهمي .
جلستي للكتابة في حجرة المكتب التي أعتز بها لأنها تعزز فكرة احتراف الكتابة وخصوصيتها ، وربما جدية الأمر
جلستي تلك كانت ممتلئة بالأفكار المضطربة والتي ارغب في تجنبها حتى لا يخرج نصا ذاتيا ، يجعل الكثير من اصدقائي يعتبرون أني في مازق شديد لاني لا أكتب شيئا جديدا خارج تلك الذات التي هي – نهى - .
هذا الصباح الشتوي الذي يحرك الأشياء خارج النافذة ، فأسمع أصوات تذكرني بديناصورات كانت تزور أحلامي في طفولتي وتبقى حتى الآن أقصى مخاوفي
هذا الصباح بدأ برسالة من رقم مجهول على هاتفي المحمول تدعوني لأمسية شعرية – لكني خمنت أنها ربما من صديقي " يحيي"
الصباح ذاته الذي وجدت فيه قصيدة أحبها للبنت حنان شافعي التي تذكرني كتابتها بما عجزت كل النساء عن فعله ونجحت فيه حنان ، حتى وإن فعلته بكثير من الجهد والميل للقلق .
في صباح مثل ذلك أنهض من فراشي ، وأراقبني وانا امشي حافية القدمين على السيراميك الأبيض البارد مستمتعه بصوت ما يصنعه احتكاك الأشياء العارية الباردة ببعضها أدخل مكتبي مخفية علبة سجائري في كم الروب حتى لا يراها الجالسون في الصالة ، أدخل حجرة المكتب دون القاء تحية الصباح حتى لا أكسر طقس الوحدة الذي أحتاجه الآن لأكتب .
في المكتب أفتح صفحة بيضاء واقرر الكتابة عن أمور لا تمسني من باب التجديد ودخول فضاءات أخرى أكثر أهمية وجدوى
لكني أنهي سيجارتي واكتب نصا قلقا مثلي ، فأتناول معطر الجو لأغير رائحة الحجرة وأعلق النص على حبل الغسيل الأزرق وأخرج لمواجهة المشاوير الصباحية التي لا أرغب القيام به
ا
.

Saturday, March 12, 2011

هلاوس بطعم القهوة



تتفتت أسهل هذه الأيام ، تخرج كل قطعها من بعضها برفق ، تنظر كل النتواءت للتجاويف التي تخصها ،
ربما لتحفظ طريقها عندما تعود .
ربما لتتأمل الأشياء بعضها على مهل .
تتفتت بسهولة وراحة من يخرج من ملابسه كاملة بعد يوم طويل من العمل والإرهاق والحر أو البرد
الخروج من الملابس لأن الجسد يحتاج لأن يتفتت بدعة ورفق ، ربما يلتئم من جديد
أو يخترع درجة حرارة تخصه يلمس بعضه ثم يتشقق قليلا .
تنفلت من بعضها مثل عروسة بلاستيكية ذات أسهم على مفاصلها لشرح طريقة التركيب والفك .
تجلس على أرضية الحمام البيضاء أو الوردية لا تذكر غير أن الأبيض والوردي هما ألوان الصورة العامة هناك ، لكنها لم تدقق بعد لتعرف ألوان الأشياء محددة ..
تقف ذاكرتها في مزيج لوني يخص حمامها في البيت القديم فلا تذكر تحديدا غير اللون العام الابيض والأخضر ربما .
تبتسم لهشاشة ذاكرتها وصلتها بالأشياء التي تعتادها فلا تثير دهشتها ولا فرحها ،
ربما بعض الحزن والقليل جدا من الحنين .
تفكر أن أشياء تغيرت في روحها ، وأن عبورها للثلاثين أزاح عن كاهلها حراكا اسرع في دائرة العالم .
هي الآن تتمهل بأداء ستيني .. لكنه يسمح لها أن تتذوق العالم بإحساس ناضج
مثل حبة تين تمنحها كل ما تحتاج من العسل .
صوت كروان يصدح في الأفق ويدخل مجالها السمعي ،
فتتركه يبدو دخيلا على النص المكتوب بإضطراب يشبه ما تشعر به .
عادت من سفر قصير لأمر عائلي ، اتكاء الآخرين عليها .
تفاصيل المقابلات والمجاملات والزحام ، والبهجة والحكايات ، والأماكن التي زارتها .
رغبتها في بعض العادية ، والجلوس في فراشها أو على سجادة مكتبها الحمراء أو حتى لملمة جسدها كله ووضع رأسها بين رجليها المشدودين بحزن لجسدها ، لتبدو في وضع محبب لها تكتب عنه كثيرا
أن اتكور على ذاتي وألتئم .
بعد ساعات من الجلوس على المكتب لكتابة نص أول جملة فيه تحكي عن رغبتها في فنجان قهوة ، وكسلها من الوقوف امام الموقد حتى تنضج قهوتها ، وعدم رغبتها في تركها على النار حتى تغضب وتفقد وجهها ، فتشربها بمزاج عكر ووجه غاطس في قاع الفنجان والروح معا
تكتب الجملة عن رغبتها في فنجان قهوة يعده لها أحد غيرها ،
أحد من دمها ربما لو أنجبت طفلة كانت ستوكل لها تلك المهمة
أن تصنع لها إبنتها فنجانا من القهوة ..
تبدأ الكتابة بجملة تشبه تلك ثم تتراجع لتبحث عن جملة كانت قد قرأتها قبل سفرها
جملة كتبها احد الاصدقاء لا تذكره الآن ، كانت تشرح حالة زوجة كاتب وهي حبلى ، متورمة القدم ، يسبب لها ذلك حرجا فتخفي قدميها قدر استطاعتها طوال اليوم ، ينتظر الكاتب أن تنام زوجته حتى يرفع الغطاء عن قديمها المتورمتين ليقبلهما على ما يتحملان من اثقال
كانت تلك هي الجملة/ الحالة التي حفظتها في روحها طوال أيام السفر
أكثر من ثلاثة أيام ممتلئة عن آخرها بالزحام والبشر والتفاصيل وهي لم تفلت هذه الجملة من روحها .
الجملة / الحالة التي أحالتها لتعليق قالته لها صديقة منذ سنوات
ستكونين أول طفلة تحمل في أحشائها طفلة
كانت الصديقة تقصد عندما تنجب ، هي الآن تعرف أنها لم تعد طفلة وأن سنوات طويلة ستفرق بينها وبين طفلتها
لن تكون مثل العشرين عاما التي تفرق بينها وبين أمها .
عشرون عاما مثل صديقتين أحدهما أكبر قليلا ، اكثر قدرة على إخضاع الحكايات والأنوثة والألعاب.
هي التي تعوض فقدها لأمها بطريقة غاية في السادية ، ترتدي جلباب أمها الذي تحبه ، تغسله كلما اتسخ وتنتظر حتى يجف ثم ترتديه ، تعرف انه اهترأ بفعل خمس سنوات من ممارسة ساديتها تلك
لكنها ترتديه ولتخفيه عن أعين من يعرفون انه لا يخصها ترتدي فوقة برنس الحمام الأزرق بالمقلوب ، فتبدو من الداخل متدثرة بحضن تشتاقه ومن الخارج مثل المجاذيب .
هي الآن تتكور على بعضها على ارضية الحمام الأبيض الوردي ، تفكر في عبق قهوتها الغامقة جدا ، تفكر في نص ستكتبه بعد قليل سيتحدث عن القهوة والسفر والضوضاء والكثير جدا من الحزن .

Saturday, March 05, 2011

سحابة من أربع مقاطع


"1"
كعادته يفسد كل لحظات الجد ليتحول العالم معه لمدينة ملاهي تسع كل اطفال العالم ، امضي جواره وسط زحام البشر وأعلام مصر مرسومة على الوجوه ، محفورة في قلوبنا جميعا .. أكور يدي بجدية وحماس أمتلا بنشوة فرحتي بمصر وبوجوده جواري أردد " ارفع راسك فوق أنت مصري"
يقولها ويغير قليلا من نغمتها لتبدو نشازا يخصه .نضحك سويا ، يخفيني في حضنه ، أخفي روحي كلها بين ملابسه وأبقى هناك .
تتلاقى عيوننا فأحبه من جديد .
"2"
تخبرني صديقة مقربة أنها كانت تكور يدها يوم جمعة الغضب وتهتف وهي تدور في بيتها وصوت المتظاهرين يملأ الشوارع ويرج القلوب " الشعب يريد إسقاط النظام " قالت لي كنت ارتجف من الفرحة والغضب
نعيد جميعا إكتشاف ذواتنا بفرحة الحرية
نصبح اكثر رقة وعذوبة وقدرة على التحليق .. نمضي للأمام دون ان نتكأ بقسوة على الأرض التي عادت تعرفنا .
"3"
تعود إلىّ الشوارع التي تغيرت وامتلأت بطاقة من الحب والدم والدموع ستبقى هناك لتخبر عن الذين صنعوا لنا شقا بدد الظلام وجاء بفجر جديد
أقابل الأصدقاء ذاتهم ونجلس على المقاهي ذاتها ، ونحكي عن الحرية ، فنبدأ من جديد .
"4"
استيقظ اليوم على احساس ناعم مثل سحابة ، اسمع قصيدة درويش كاما سوطرا ، أزيح شخصيات رواية احمر خفيف العالقة في قلبي
أنهض من الفراش أتنسم براح ليلة قضيتها في حضن رجل أحبه ، استعيد صوت ضحكاتنا ، حضنه السحري الذي ينقي عن قلبي كل شوائب الغياب والحزن .
معه أولد من جديد
أخرج لشرفتي وأفكر لو يتحول العالم كله الآن لإمرآة تشبه – أم- بلا شئ مميز هي مثل كل الأمهات
سأختفي فورا في حضنها واحكي لها عن مصر والحرية ورجل احبه وابوالليل الذي وقعت في غرامه في رواية وحيد الطويلة ، وعن تكسر قلبي من صوت العود الذي يصاحب صوت درويش وهو يقول
إلى أَن يقولَ لَكَ الليلُ:
لم يَبْقَ غيركُما في الوجودِ
فخُذْها، بِرِفْقٍ، إلى موتكَ المُشْتَهى
وأنتظرها
 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner