
كان عليّ أن أمحو 4 أسطر من الكتابة التي تشبه البازل غير المكتمل قبل أن ارضى عن جملة للمفتتح .
مفتتح نص أراوغه منذ أسابيع وربما منذ القدم ، سأبالغ قليلا لو قلت ذلك ..
لكنه يلوح لي منذ فترة ، وانا لا أجد طريقة للتواصل معه .
انه يسرسب لي خطوطا عريضة ، ويترك لي ملئ التفاصيل ، وأنا مشتتة التفكير حاليا بأمور أخرى .
يدحرج لي برطمان الصلصة الفارغ الذي تورط معه في علاقة عاطفية ، فغسلته جيدا ونقلته لحجرتي ، واصبحنا نتبادل النظر واللمسات طوال الوقت .. البرطمان يرغب أن اكتب عنه ، لكني حاولت مرتين وأخفقت ، فأخبرته ان تبقى علاقتنا هكذا بلا كتابة .. وان الكتابة توثيق وعلاقتي به عابرة وبدون مستقبل .
كان عليّ ان ابدو واضحة وحاسمة معه ، حتى لا يتهمني في المستقبل أني كسرت قلبه – كما يحدث لكل الفتيات الساذجات مع الرجال قساة القلوب
هل لبرطمان الصلصة قلب!
لكن الكتابة قاسية ، وبلا رحمة ..
ستجئ كإمرأة سيئة السمعة ، وشبقة .. وستنال مني وقتما تريد هي ، لن تضع اعتبارت لحالتي المزاجية ، ولا لجسدي المرهق بفعل استهلاكه المتكرر من أرواح ليست طيبة دائما .
ستغوص بأصابعها العظمية الرفيعة في لحمي ، وتترك أثار شهوتها وعذابي ، لاحقا سيكون عليّ أن أبرر لرجل يشاركني الفراش كل هذه الأمور .. لكني لن أجد ما أخبره به .. سألتزم الصمت وأتركه لخياله .
المشهد الذي أذكره من ليلة أمس ، كان جملة يقذفني بها صديق اثناء عبوري شارع شامبليون ، يسألني تكتبين نصا أم شهادة ، أخبره دون أن أتوقف عن المشي ، لا اعرف لازلت اعجنها ولم يتبين حالها بعد.. كنت اتكلم عن كعكة الشيكولاته التي طلبها مني أخي محمد أول أمس ، ورفضت بحسم قاطع أن اخبزها ...
أنا مشتتة في أمور أخرى .
انا كنت أتحدث عن الكعكة ، بينما يسأل صديقي عن كتابة طلبها مني لأمر ما .
الكتابة تلك الفاجرة ، جاءت لفراشي أمس ، وسحبت المفرش الاخضر الذي يدثرني ، وجثمت هي فوق جسدي ، وأنا قاومتها كثيرا لأني كنت اشعر ببرد الشتاء الجديد ، وأثر شجن لازال يمضي في دمي .
قاومتها كثيرا لكنها نالت مني ببعض الخدوش ، والكثير من الإنتهاكات التي يعاقب عليها القانون – لو عشت في أي حياة كان بها قانون – لكنها تعرف أننا لدينا انفلات امني وأننا استبدلنا اغنية طابور الصباح ب- طفي النور يا بهية كل العسكر حرمية "
وأن الذين سرقوا العلم استبدلوه في الصباح بثلاث قطع ملابس داخلية سوتيان أحمر لإمرأة مات عنها زوجها ، وشاخت وتهدلت ولم تعد ترتديه ، وقطعة أخرى سوداء لفتاة صغيرة تحتفظ بملابس داخلية جديدة لرجل لن يجئ بينما تسقط أوراق عمرها تحت وطأة الحرمان ، الابيض كان سهل الحصول عليه لأن قنوات التليفزيون لا تذيع سوى إعلانات قطونيل بديلا لحديد عز وباقي رجال الأعمال الذين بنوا اقتصادا مشبوها يعتمد في الاصل على البسكوت واللبان .
لم أكن ارغب في الكتابة عن ذلك ، السياسة تلوث كتابتي تبدو كبراز قط على تيشيرت أبيض .
الكتابة عادت في الصباح ، لم يكن لديّ وقت لها .
قلت لها بحسم أني مرهقة ، وسأذهب للجريدة ، واقابل صديقات في المساء ، وان اليوم ليلة الخميس بإمكانها ان تجئ لاحقا ، لكنها جذبتني من شعري ، ووضعت أناملي المرسومة فرينش على لوحة المفاتيح ، وجلست تقطر دما وغلا وتراقبني .
لماذا تبدو الكتابة قبيحة هذه الأيام ، لماذا تعاملني بهذه القسوة .
جلست لأفكر في حديقة ، لأستدعي لقطة حب ، حضن يكفي ليفكك تجمد أطرافي ، لكني أتذكر فقط المزيد من الواح الثلج رأيتها تعبر الطريق أمس .
أتذكر صفقة تبديل الأسرى ، واختفاءي في فراشي ذلك اليوم ، وشعور بالذنب يمزق روحي لأني لا اشاهد ما ينقله التليفزيون المصري ، ويبدو تاريخيا .
أنا اضعف من أن اتابع كل هذه الأرواح التي أنسكبت من المعتقلات الإسرائيلية ، الأمل واللوعة في عيون الأهالي ..
اختفيت قليلا ثم وقفت قليلا أمام شاشة التليفزيون دون ان أجلس ، ثم قرأت لتعليقات بشكل خاطف .. من السابعة صباحا وأنا اعرف أن امورا مهمة تحدث .. طاقات وعذابات هؤلاء البشر على الحدود البعيدة / القريبة كانت تشج روحي وتنقل لي ذبذبات القلق والأمل .
في المساء بدلا من الجلوس لمشاهدة منى الشاذلي وابراهيم عيسى وضيوفهم من المجلس العسكري ، أدخل لحجرتي واشاهد فيلم " بنتين من مصر " وأتلصص على الفيس بوك لارى تعليقات الاصدقاء على ما يحدث .
بعدها بقليل أفقد رغبتي في مشاهدة الفيلم ، أومعرفة تعليقات الأصدقاء
أسحب المفرش الأخضر ، أختفي تحته .. قبل أن تفاجئني يدها العظمية من جديد ، وهي تسحب الغطاء وتمارس فعلتها المشينة معي .