كنت أعرف أني لا يمكنني الكتابة عما يحدث في مصر الآن .. أنا التي لم اشارك في مظاهرة أبدا ، ولا وقفت على سلم نقابتي لأحمل لافتة تطالب بأي شئ .
وكنت أرفض الإشتراك في اي جروب يناقش أي قضية سياسية ، ولا أكتب عن السياسة ، حتى عندما كنت أوقع على بيان مع المثقفين ضد سخافات النظام ، كنت اقضى ليلتي أفكر أني أرتكبت حماقة .
لم اصنف ذلك ابدا على أنه خوف ، لأنه في الحقيقة لم يكن كذلك كان يأس ، كان رهانا خاسرا على الحرية .. كنت ارى زميلة شريفة ومدعاة للفخر وهي تذهب للمظاهرات ضد النظام وتعود وقد طالتها عصا أو إهانة من الشرطة والأمن ، كنت ارى كم تتحدى وتراهن حتى على مستقبلها المهني فقط لتقول كلمتها .
كنت لا أفهم أبدا ما الذي يدفع صديق آخر للخروج من بيته البعيد جدا عن المطار والذهاب لإستقبال البردعي – حتى مع كل إختلافاتي حول البرادعي- كنت اتساءل لماذا يفعلون ذلك وليس هناك بارقة امل أن يحل الأوغاد عن جسد تلك السيدة التي أنهكوها من فرط بيعها مرارا وتكرارا بلا ملل في سوق الدعارة وتقاضي ثمنها بلا خجل .
مصر الحزينة التي آسرها طغاة لا يعرفون الرحمة ولا الله
بعد حادثة خالد سعيد تغير داخلي شئ ، لم أعد أستطيع أن ادعي أني لن اتورط حتى في الغضب من النظام ، بعد خالد كنت خائفة ومكسورة .. اذكر اني قابلت صديقة لي بعدها وجلست ابكي طيلة ساعتين في مقهى قريب من ميدان طلعت حرب ، وانا اخبرها أني حزينة وغاضبة وقليلة الحيلة مثل كل الشعب .
لكن غضبي لم يساعدني في الخروج لأي وقفة رتبها الشباب لأجل خالد سعيد – كنت خائفة من عصا الأمن ، من إهانة أعرف اني لن احتمل العيش معها .
عندما حدثت أحداث 25 يناير ، كنت في الشارع في اليوم التالي ، الشارع الذي بدى مرتبكا وكأنه علبة بازل أخرجها أحدهم ووضعها على الأرض .. غير منظمة لكنها ببعض الجهد تصنع صورة لها معنى .. كان العسكر في كل مكان يستعدون لمواجهات جديدة في اليوم التالي .
كان المارة جميعا يرفعون رأسهم أكثر من العادي ، على الوجوه ارتسمت ابتسامة أمل وفخر لم اراها طوال ثلاثين عاما هي عمري .
في الشارع كنت أقف احدق في رجال الشرطة بشماتة ، وأنا لا اعرف انهم بعد ساعات قليلة سيهربون من الشوارع .بعد جمعة الغضب التي شاهدتها على الفضائيات ، لأن التليفزيون المصري يحتاج لمن يبلغ عنه بوليس الأداب لممارسته الدعارة العلنية كما قالت صديقة لي في الأيام الماضية .
في اليوم التالي نزلت للشارع ، الشوارع نفسها الأرصفه والجدران ، والحرائق والدخان والشباب الذي نظم المرور ، الصلاة في ميدان التحرير .
كنت أتفرج ، كنت أتمسح في جدران هذه الشوارع التي تمضي بدمي .. أربت عليها ، في سيري قابلت عدد من المسيرات الصغيرة تستعد للذهاب لميدان التحرير في يوم جديد للمظاهرات .. شئ في دمي كان يتحرك كنت اريد المشي وسطهم لكني كنت مترددة . فوت أكثر من مظاهرة
عندما عدت لشارع رمسيس لأبحث عن طريقة اعود بها لبيتي البعيد أصطدمت بهم وجها لوجه يحملون لافتات ويهتفون ضد النظام ،في تلك اللحظة وبلا تفكير ألتحمت بهم ، كورت يدي وقلت معهم – الشعب يريد إسقاط النظام – يسقط حسني مبارك – تحيا مصر
الله أكبر – الشعب والجيش إيد واحدة
كنت ابكي ، شعرت بخجل شديد من بكائي لكني كنت ابكي كما لو كنت في ليلة وترية في العشر الأواخر من رمضان
كنت ابكي وانا لا اصدق ما يخرج من فمي واسمعه ، طعم الحرية التي ذقتها في تلك اللحظات كانت حرية تكفي لتفك قيد عمري كله وتفيض ،
كنت أبكي لأجلي ، لأجل الأمل في عيني وعيوننا جميعا .
مظاهرة السبت كانت آمنة تماما ، اختفت الشرطة ويحمينا الجيش ، عدت لبيتي قبل حظر التجول ، لم أكن مثل كل هؤلاء الابطال الذين ماتوا لأجلي ولأجلنا جميعا
لا يمكنني الآن التواطأ مع النظام وأقول لهم عودوا لأن مجلس مزور ورئيس غير شرعي ، وحكومة يدها ملوثة بدماءنا ستفي بعهدها وتحقق مطالبكم .
لا يمكنني أن أتدخل في نصر الابطال بخنوع جديد ، سأطالب الرئيس الذي يخاف علينا من الفوضى بالتنحي .
سأطالب الشعب الجميل ألا يفلت لمحة الأمل التي عرفت طريقها لوجوهنا جميعا في الأيام الماضية .
سأقولها الآن وكثيرا – الشعب يريد إسقاط النظام – تحيا مصر .
5 comments:
الكثير من الأمل :)
مصر تحتاج إلى الكثير من الحب أيضاً
أعرف ان الأشياء ستصير أحلى
و لكن الوطن يحتاج إلى أ، نزيل ما ترسب به من مرارة أولاً
تحية لكِ .. و للشجاعة
وده في حد ذاته نصر كبير يا نهى
فك القيد الداخلي
إللي هو أقوى وأشد من أي قيد خارجي
تحياتي، يسلم قلمك
ربنا ينصر مصر
محبكة تماما كالعادة..كل لفظة وافيه وفى مكانها كأنها جزء موضوع بدقة فى علبة البازل التى ما كان لها الا أن تكون هنا وبهذة الطريقة.منذ عودة النت وانا انتظر كلماتك وكلمات غادة محمود"مع نفسى" ورضوى اسامة عما يحدث وكل مرة ادخل عندكم اقول.."فانتازيا الزواج يا رضوى لسه؟؟لا مش معقول"
"كما الماء والشيوكولاته يا نهى؟؟!!! لا والله متجيش منك.("هدى" برضه يا غادة!!!! عيب عليكى)..
كلماتك كانت كافية تماما لترضينى الآن.وأسلوبك وروح كتابتك كان ماكنت افتقده وابحث عنه فى تجولاتى النتية الآخيرة..فلندعو لمصر بقوة ، لأن ما حدث وقع ولا مفر منه، ولأننا مع كلللللل هذة الأيادى الخفية ،الملوثة جميعها والقذرة على الطف تقدير، ومع كل التضارب والمصالح والشبهات وكلللللل "الفـــــــوضـــــى" لا نعرف كيف سينتهى بنا الأمر.يااااااااارب تولى أمورنا.شكرا لكِ ولما كتبتى.
نهى
بجد برافو عليكى انك قدرتى تعملى كده
أنا كان نفسى لكن مقدرتش
بجد برافوا عليكى
مش عيب اننا نخاف مش عيب اننا نقدم رجل و ناخر رجل و نفكر الف مرة قبل ما نثبت رجلنا و مفيش اى عيب اننا نبكى المهم فى الاخر ان بكائنا دة يقوينا و يثبتنا المهم ان كل دمعه ترفعنا لفوق و مش تنزلنا لتحت .. مصر كلها اعدت تبكى لمدة 18 يوم و فى اليوم 17 الخميس 10-2 مصر بكت بحرقه و نامت متنكدة بس ربنا برحمته علينا تانى يوم على صوت بكائنا مع الزغاريط و عيشنا احلى ليله ... المهم ان بعد دة كله منرجعش تانى لحاله الخوف و كسرة العين الى كنا فيها و نمشى رافعين راسنا لفوق اوى و نفضل فاكرين عيون الشهداء و نفتكر ان الحريه كانت غاليه اوى و كل واحد فى مكانه يفكر هيعمل ايه عشان بلدنا الجميله تفضل حرة محدش يتاجر بجسدها تانى ولا يخفض راسنا تاتى.. ابكى حبيبتى ابكى بكاء فرح و رجاء
Post a Comment