الكوردن بلو ليس ضمن أطباقها المفضلة ، لأنها لا تجد حشوا مناسبا له ، لكنها تصنعه وتقدمه مع السبرنج روتس كمقبلات جوار الطبق الرئيسي .
في الأسبوع الماضي قررت أن تنهي كتابها الجديد ، لأن اغسطس قد جاء ، ولا يمكنها تفويت عطايا هذا الشهر لها .
تجلس على أرضية حجرة المكتب ، تضع ساقها التي توجعها إثر كسر قديم فوق مخدة مستديرة ، وتفكر في حشوة مختلفة للكوردن بلو ، وفي فصول الكتاب الباقية .. تتحسس روحها فتشعر بنعومة وبراح ، تجعلها تبتسم بعمق وثقة .
نصف صديقاتها على الاقل يعانين أوجاع الحب ، ونصف أصدقاءها الرجال يعانين الغم .
الحزن العام الذي تلمحه في اصوات الجميع ، وإنطفاء لمبات الأرواح من حولها ، يجعلها تخجل من فرحها الصغير كلهب شمعة يكفي ليضئ لها عتمة الكون ، أن تنهي كتابها أخيرا بعد عامين من العمل ، أمر يستحق الفرح ، تقضي يومين تبستم وتضبط نفسها وهي تهبط السلم كله دفعة واحدة كأنها تطير ، خفيفة مثل حلم ، تتحسس الفلاشة وتقبلها كثيرا طوال الأسبوع ، وكأنها تشكرها .
ولا تستطيع منع نفسها من التنويه لطه وهو ينقل لها افلام لن تعجبها ، خد بالك الفلاشة فيها حاجة مهمة – ينقل لها الافلام في ندوة أمينة التي تسمع فيها شعرا يكفي لسد رتق وفراغ الروح ، تعجبها قصيدة هيثم التي تحكي عن حبيبة مجنونة، تتماس معها تماما عندما تكتشف أن بطلتها لديها سمكة برتقالية مثلها ، وان بطلة القصيدة وجدت حلا لمشكلتها الوجودية مع السمكة .
السمكة التي تقتصر حياتها على الدوران في الدورق ، ومراقبة فتاة شبة مجنونة تقضي الليلة في الكتابة وتقبيل الفلاشة والرقص والغناء بصوت عال ونشاز ،
سمكة فتاة القصيدة بإمكانها الخروج مع صاحبتها ، نزهة في كيس بلاستيك هكذا قال هيثم ، وهكذا قررت هي أن تفعل مع سمكتها الجديدة التي تجلس الآن وتحدق في شمعة الفراولة .
ضوء الشمعة وخيالات ضوء القمر الذي يلاعبها وهي تجلس على مقهى صالح مع عدد من أصدقاءها ، تلك الجلسة الكابوسية الكوميدية التي أمتلئت بحكايات عن الموتى والأشباح والعفاريت ، الضحك المشتبك بالإرتباك .
يقين محمد ابو الدهب وهو يسأل بجدية عن الموتى ، فتفسد هي تلك الحالة بالكثير من الهزل ، يشاركها في تلك الفوضى الحلوة هاني .
بينما يقوم عامر بدور البطولة في الجلسة ، فيحكي هو كل القصص ، ويستمع لها في وقت واحد .. وينوي طاهر أن يقص حكاية لكنه يتراجع في آخر لحظة ، لأن في جلسات مثل تلك نتكلم جميعا في صوت واحد ، وننسى أن نصمت ، تمتلأ الدائرة بالمزيد من الحلوى / الاصدقاء.
تترك روحها كقارب خشبي بلا شراع في ليلة بها قمر مكتمل ورياح خفيفة ، ومد ساحر ، يكفي لهدهدة جوانبها ، تبتسم مثل القارب ، وتنصت للمشهد .
تقضي ليلة حلوة ، فتكتب ذلك على صفحتها على الفيس بوك ، فتعلق شاعرة صديقة أنها ستعرف تفاصيل الليالي الحلوة من " كراكيب" مدونتها ، فتبتسم ، وترتبك ، لكنها في النهاية تكتب عن كل الليالي الحلوة ، لأنها تظن اخيرا أن الليالي الحلوة تستحق بعض التنويه ، وأن الإفطار عند حمام السباحة في النادي كان ممتلئا عن آخره بأصدقاء ومحبة تكفيها لعام قادم .
مثل إفطار آخر حيث تفاجئها البسلة وهي تبتسم في الطبق ، فتفرح لأنها تحبها من يد سهى ، حيث تشدد نهى الصغيرة عليها ان تاكل وتضع لها في طبقها المزيد من الطعام ، فتنظر لها وتفكر ان البنت الصغيرة كبرت ، وان ذلك يطمئنها قليلا ، لأن الحياة تمضي ولا تقف .
جلسات الاصدقاء من مقهى صالح وحتى التكعيبة حيث يتكوم الجميع ، في زحام وفوضى ، فلا يسمع احد شئ مما يقوله الآخرين ، لكنه الونس الحلو ، ومزاجها الطفولي السعيد بإنتصارات تخصها ، وتخص بعض الذين تحبهم ، يكفي لتلائم الفوضى والضوضاء في شوارع وسط البلد .
أغسطس وهدايا عيد ميلادها التي تفكر بجدية أن تنشر صورها كلها على مدونتها ، لأن هذا العام كان مميزا كما لم يكن عاما غيره .
ولأن الزجاجة الملونة التي أهدتها لها دعاء ، وصينيه صنع الفطائر التي أهدتها لها هبة ، ومائة وستون امنية طيبة تلقتها على صفحتها على الفيس بوك ، وعشرون قلم رصاص ، وكراسة من ورق مميز بلا سطور ونسخة من رواية الحرافيش وبراية مكتب وعلبة شيكولاته مكنتوش ، وساعة حائط قرمزية وبوكيه ورد ، وسماعات للاب توب ، وعقد واسورة من الخرز الملون ، وصورة رسمتها لها زهرة ، وشمعة وأمنيات طيبة تكفي لمائة عام ، فقط لو عاشتهم هي .
تستحق أن تبدد كل هزائم هذا العام .
بمشاعر مثل تلك وأكثر ، تقبض على يد أغسطس ، وتهمس له – خليك شوية - ، تفعل ذلك وتقبل الفلاشة ، وتغني بفوضى وتلوح للقمر المضئ هناك .
4 comments:
أولا : كل نسة وأنتى طيبة
ويارب كل لحظة فى حياتك بتقى أغنى من أغرب وأعمق واسمى من اللى قلبليها.
ثانيا : الهدايا جميلة جدا ، وصورتك المرسومة حلوة خالص :)
الحاجات اللى بالإيد دى مش جرافيك وفوتو شوب بيبقى ليها أحساس حلو قووووووى ... حتى لو طلعت مش شبهك وشفه أبن خالتك بتحسى أنها مرسومة بألوان الحب.
ثالثا: بيعجبنى لما تحكى عن نفسك كأنك حد أنتى مراقباه من جوة وبرة.
دمتى مبدعة :)
جميلة أنتى كما عهدتك كل وقت.. تقبلى مرورى وإعجابى..كل سنة وإنتى طيبة
نصف صديقاتها على الاقل يعانين أوجاع الحب ، ونصف أصدقاءها الرجال يعانين الغم .
الحزن العام الذي تلمحه في اصوات الجميع ، وإنطفاء لمبات الأرواح من حولها ، يجعلها تخجل من فرحها الصغير كلهب شمعة يكفي ليضئ لها عتمة الكون
---
المهم أنك سعيدة الآن .. أسعد الله أوقاتك دائما، فلحظات السعادة بحق أصبحت نادرة للغاية، ننتظرها وكأننا نترقب هلال شهر رمضان
كل سنة وانتي طيبة
دائماً أشعر أن لفضفضاتك وخز في الروح والقلب معاً فيتقاطر منهما حزن خفي يتخفى في عباءة الأدب الجميل ولكنه لايعرف التجلي الا في ذاته فقط وله
تحياتي
حسن أرابيسك
Post a Comment