Thursday, October 20, 2011

الكتابة / البرطمان / الوطن










كان عليّ أن أمحو 4 أسطر من الكتابة التي تشبه البازل غير المكتمل قبل أن ارضى عن جملة للمفتتح .
مفتتح نص أراوغه منذ أسابيع وربما منذ القدم ، سأبالغ قليلا لو قلت ذلك ..
لكنه يلوح لي منذ فترة ، وانا لا أجد طريقة للتواصل معه .
انه يسرسب لي خطوطا عريضة ، ويترك لي ملئ التفاصيل ، وأنا مشتتة التفكير حاليا بأمور أخرى .
يدحرج لي برطمان الصلصة الفارغ الذي تورط معه في علاقة عاطفية ، فغسلته جيدا ونقلته لحجرتي ، واصبحنا نتبادل النظر واللمسات طوال الوقت .. البرطمان يرغب أن اكتب عنه ، لكني حاولت مرتين وأخفقت ، فأخبرته ان تبقى علاقتنا هكذا بلا كتابة .. وان الكتابة توثيق وعلاقتي به عابرة وبدون مستقبل .
كان عليّ ان ابدو واضحة وحاسمة معه ، حتى لا يتهمني في المستقبل أني كسرت قلبه – كما يحدث لكل الفتيات الساذجات مع الرجال قساة القلوب
هل لبرطمان الصلصة قلب!
لكن الكتابة قاسية ، وبلا رحمة ..
ستجئ كإمرأة سيئة السمعة ، وشبقة .. وستنال مني وقتما تريد هي ، لن تضع اعتبارت لحالتي المزاجية ، ولا لجسدي المرهق بفعل استهلاكه المتكرر من أرواح ليست طيبة دائما .
ستغوص بأصابعها العظمية الرفيعة في لحمي ، وتترك أثار شهوتها وعذابي ، لاحقا سيكون عليّ أن أبرر لرجل يشاركني الفراش كل هذه الأمور .. لكني لن أجد ما أخبره به .. سألتزم الصمت وأتركه لخياله .
المشهد الذي أذكره من ليلة أمس ، كان جملة يقذفني بها صديق اثناء عبوري شارع شامبليون ، يسألني تكتبين نصا أم شهادة ، أخبره دون أن أتوقف عن المشي ، لا اعرف لازلت اعجنها ولم يتبين حالها بعد.. كنت اتكلم عن كعكة الشيكولاته التي طلبها مني أخي محمد أول أمس ، ورفضت بحسم قاطع أن اخبزها ...
أنا مشتتة في أمور أخرى .
انا كنت أتحدث عن الكعكة ، بينما يسأل صديقي عن كتابة طلبها مني لأمر ما .

الكتابة تلك الفاجرة ، جاءت لفراشي أمس ، وسحبت المفرش الاخضر الذي يدثرني ، وجثمت هي فوق جسدي ، وأنا قاومتها كثيرا لأني كنت اشعر ببرد الشتاء الجديد ، وأثر شجن لازال يمضي في دمي .

قاومتها كثيرا لكنها نالت مني ببعض الخدوش ، والكثير من الإنتهاكات التي يعاقب عليها القانون – لو عشت في أي حياة كان بها قانون – لكنها تعرف أننا لدينا انفلات امني وأننا استبدلنا اغنية طابور الصباح ب- طفي النور يا بهية كل العسكر حرمية "
وأن الذين سرقوا العلم استبدلوه في الصباح بثلاث قطع ملابس داخلية سوتيان أحمر لإمرأة مات عنها زوجها ، وشاخت وتهدلت ولم تعد ترتديه ، وقطعة أخرى سوداء لفتاة صغيرة تحتفظ بملابس داخلية جديدة لرجل لن يجئ بينما تسقط أوراق عمرها تحت وطأة الحرمان ، الابيض كان سهل الحصول عليه لأن قنوات التليفزيون لا تذيع سوى إعلانات قطونيل بديلا لحديد عز وباقي رجال الأعمال الذين بنوا اقتصادا مشبوها يعتمد في الاصل على البسكوت واللبان .

لم أكن ارغب في الكتابة عن ذلك ، السياسة تلوث كتابتي تبدو كبراز قط على تيشيرت أبيض .
الكتابة عادت في الصباح ، لم يكن لديّ وقت لها .
قلت لها بحسم أني مرهقة ، وسأذهب للجريدة ، واقابل صديقات في المساء ، وان اليوم ليلة الخميس بإمكانها ان تجئ لاحقا ، لكنها جذبتني من شعري ، ووضعت أناملي المرسومة فرينش على لوحة المفاتيح ، وجلست تقطر دما وغلا وتراقبني .
لماذا تبدو الكتابة قبيحة هذه الأيام ، لماذا تعاملني بهذه القسوة .

جلست لأفكر في حديقة ، لأستدعي لقطة حب ، حضن يكفي ليفكك تجمد أطرافي ، لكني أتذكر فقط المزيد من الواح الثلج رأيتها تعبر الطريق أمس .
أتذكر صفقة تبديل الأسرى ، واختفاءي في فراشي ذلك اليوم ، وشعور بالذنب يمزق روحي لأني لا اشاهد ما ينقله التليفزيون المصري ، ويبدو تاريخيا .
أنا اضعف من أن اتابع كل هذه الأرواح التي أنسكبت من المعتقلات الإسرائيلية ، الأمل واللوعة في عيون الأهالي ..
اختفيت قليلا ثم وقفت قليلا أمام شاشة التليفزيون دون ان أجلس ، ثم قرأت لتعليقات بشكل خاطف .. من السابعة صباحا وأنا اعرف أن امورا مهمة تحدث .. طاقات وعذابات هؤلاء البشر على الحدود البعيدة / القريبة كانت تشج روحي وتنقل لي ذبذبات القلق والأمل .

في المساء بدلا من الجلوس لمشاهدة منى الشاذلي وابراهيم عيسى وضيوفهم من المجلس العسكري ، أدخل لحجرتي واشاهد فيلم " بنتين من مصر " وأتلصص على الفيس بوك لارى تعليقات الاصدقاء على ما يحدث .

بعدها بقليل أفقد رغبتي في مشاهدة الفيلم ، أومعرفة تعليقات الأصدقاء
أسحب المفرش الأخضر ، أختفي تحته .. قبل أن تفاجئني يدها العظمية من جديد ، وهي تسحب الغطاء وتمارس فعلتها المشينة معي .

2 comments:

حسن ارابيسك said...

الله.. الله
من غير نهى محمود يكتب هكذا
الحقيقة بعد أن وصلت لنهاية التدوينة وآسرتني تلك اللغة الجميلة التي تناولتي بها موضوعك وقف عقلي حائراً بينكِ وبين فعل الكتابة وقلت من منكما كان ينكش الأخر ويدفعه ويحثه
عبقرية أنتِ يانهنوه
تحياتي
حسن أرابيسك

يا مراكبي said...

المهم هُنا في النَّص كله: الكتابة

تأتيني أنا أيضاً تلك الرغبة المُفاجئة للكتابة

لكن كثيراً ما تكون الظروف غير مُواتية أو مُناسبة للإستسلام لها

 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner