لم أعتد
التفكير كل هذه الأيام في نص ، وحدها الرواية تلفني داخلها مثل موجة ، وحدها أعرف
وحدتها وشبقها وشرودها .
النصوص أكثر
حياء وأدبا ، تأتي مثل دفقة واحدة .
هذا النص
شغلني لثلاث ليال ، أرق فراشي ، وسحبني لكهفه الغامض .
كانت كلماته
تدور في ذهني ولا أكتبها لأن كراستي البيضاء – بدون سطور- انتهت منذ فترة ، ولم
أمر على مكتبة " فنون " بشارع شريف لشراء غيرها .
الإنشغالات
اليومية والكثير من الكسل فوت عليّ أكثر من فرصة للمرور على المكتبة وشراء كراسة
كتابة .
مرتين او
ثلاثة أفكر في فتح الحاسوب لأكتب ما افكر فيه ، وما أن افعل حتى ابدء بسماع
الموسيقى ، والفرجة على الصور واللعب دون ان اخذل كسلي مرة واحدة وافتح صفحة بيضاء
للكتابة .
لاشئ يشجعني
على الكتابة ، لا صوت دق الحروف على خلايا عقلي كأنها خربشات ألة كاتبة احلم
بإقتناءها ، لم يحرضني شئ لا الزهو القديم
بما أكتب ، ولا طاقتي الفائضة التي تؤلمني
مثل رغبة رجل لا يملك نقود في إغواء عاهرة ، لا شئ يحركني ولا حتى رغبتي في
الكتابة .
في الصباح
شعرت ان اليوم يبدو صالحا بما يكفي لأكتب النص .. كعادتي القديمة ملئت المغطس
بالماء الساخن ، ووضعت الشمع على حافته .
وتذكرت وأنا
ألعب مع الماء أني كتبت مشهد استمتاع بطلاتي بالمغطس كثيرا .. أكثر مما ينبغي لكاتبة
مهووسة بالمغطس الممتلئ بالماء الساخن والشاور جيل " خوخ"
في نوبة
نرجسية رحت أعدد في ذهني مرات كتابتي تلك ، في روايتي هلاوس مشهد بعينه يشبه الذي
أكتبه في ذهني الآن ، وفي كتابي الذي عملت فيه عامين دون جدوى كتبت مشهدا آخر ،
وفي الحياة تعرف صديقاتي أني قد استقبل اليوم بحمام قد يمتد لساعتين دون اي اعتبار
لمواعيد العمل أو أي شئ .
في مرات كثيرة
المح لون الماء يتغير بألوان تشبه حالتي المزاجية كثيرا ما يتحول لأزرق لون البحر،
أو بنفسج لون الحزن ، وكثيرا يختلط فيه سواد الحروف .
أحيانا ترتطم
رأسي بكلمات كاملة سقطت مني واستقرت هناك في الماء .
في الحمام
تذكرت رواية يوسا " في مديح الخاله" استرجعت في ذاكرتي فصل كامل كتبه
يوسا عن طقوس دون ريغوبيرتو في الحمام .. فصل بدأه بجملة أحبها وأحفظها " دخل
دون ريغوبيرتو إلى الحمام ، أحكم القفل وتنهد ، وعلى الفور هيمن عليه إحساس من
الرضا والإمتنان "
واختتمه
بجملة " وأخيرا جفف إبطيه وعطرهما بكولونيا خفيفه جدا ، توحي برائحة البشرة
المبللة بالبحر أو بنسمة بحرية تضخمت في مرورها بدفيئة زهور . "إنني
كامل" قال ذلك وهو ينظر إلى نفسه في المرأه ، ويشم رائحته ."
كنت افكر أن
الليلة عند عودتي سأكتب النص الذي ينتظر منذ أيام معطلا في عقلي ، حبيسا في روحي
.. سأكتب حتما .
لكني عوضا عن
العودة من الجريدة للبيت ، حضرت في مركز الإبداع عرض فيلم " سلطة بلدي "
.
والحقيقه ان
الفيلم أمتعني وأربكني ، وأظن ان الغرض منه لم يكن أكثر من رغبة في الإرباك والتفكير
.
يمكنني الآن
أن أؤجل تفكيري في – سلطة بلدي- وأن اؤجل تأثري بالعناوين التي قرأتها حول براءة
المتورطين في موقعة الجمل .
كثيرا ما
تفاجئني هذه الأيام منغصات ، وخيبات تخص السياسية والبشر والأحلام تجعلني أخجل من
البوح والكتابة .. تشعرني بالهم ، تورطني وتغرقني فيما احب دائما أن أكون بعيدة عنه خطوتين او ثلاثة أو عشرة لأتحرك في
البراح الذي يخصني وأحتاجه لأكتب واتنفس وأحب وأظل قادرة على الحلم .
يمكنني أن
اؤجل المزيد من الهزائم والفقد والحزن وان أكتب .. يمكنني حتى أن اطرد فكرة اني
ارغب في تجميع أفلام وودي الآن ، وأمير كوستاريكا .. لأشاهدها كلها في أجازة
" شهر العسل "..
يمكنني أن
اتوقف عن القلق بشان الزفاف ، وتجهيز البيت الجديد ، وإنتقال خاتم الحب من يدي
اليمنى ليدي الآخرى .. أؤجل هوسي بالطفلة القادمة ، وشبح إمرأة عجوز مفعمة بالحياة
والضحك والسعادة تجلس جوار رجل اختارته في بداية الرحلة لتلعب معه لعبة العمر .
يمكن أن أؤجل
كل ذلك الآن وأكتب نصا يطاردني ، أو أنتظر مرة اخرى حتى اشتري كراسة الكتابة من
مكتبة فنون . أو افتح صفحة بيضاء رائقه على الحاسوب وأكتب أول جملة لأكسر كل ذلك
الكسل وذلك الصمت .
2 comments:
:)
بسم الله ماشاء الله
http://www.sfwanet.com
Post a Comment