Wednesday, October 10, 2012

في مديح الخبل









  لم أعتد التفكير كل هذه الأيام في نص ، وحدها الرواية تلفني داخلها مثل موجة ، وحدها أعرف وحدتها وشبقها وشرودها .
النصوص أكثر حياء وأدبا ، تأتي مثل دفقة واحدة .
هذا النص شغلني لثلاث ليال ، أرق فراشي ، وسحبني لكهفه الغامض .
كانت كلماته تدور في ذهني ولا أكتبها لأن كراستي البيضاء – بدون سطور- انتهت منذ فترة ، ولم أمر على مكتبة " فنون " بشارع شريف لشراء غيرها .  
الإنشغالات اليومية والكثير من الكسل فوت عليّ أكثر من فرصة للمرور على المكتبة وشراء كراسة كتابة .
مرتين او ثلاثة أفكر في فتح الحاسوب لأكتب ما افكر فيه ، وما أن افعل حتى ابدء بسماع الموسيقى ، والفرجة على الصور واللعب دون ان اخذل كسلي مرة واحدة وافتح صفحة بيضاء للكتابة .
لاشئ يشجعني على الكتابة ، لا صوت دق الحروف على خلايا عقلي كأنها خربشات ألة كاتبة احلم بإقتناءها ، لم يحرضني شئ  لا الزهو القديم بما أكتب ،  ولا طاقتي الفائضة التي تؤلمني مثل رغبة رجل لا يملك نقود في إغواء عاهرة ، لا شئ يحركني ولا حتى رغبتي في الكتابة .  

في الصباح شعرت ان اليوم يبدو صالحا بما يكفي لأكتب النص .. كعادتي القديمة ملئت المغطس بالماء الساخن ، ووضعت الشمع على حافته .
وتذكرت وأنا ألعب مع الماء أني كتبت مشهد استمتاع بطلاتي بالمغطس كثيرا .. أكثر مما ينبغي لكاتبة مهووسة بالمغطس الممتلئ بالماء الساخن والشاور جيل " خوخ"

في نوبة نرجسية رحت أعدد في ذهني مرات كتابتي تلك ، في روايتي هلاوس مشهد بعينه يشبه الذي أكتبه في ذهني الآن ، وفي كتابي الذي عملت فيه عامين دون جدوى كتبت مشهدا آخر ، وفي الحياة تعرف صديقاتي أني قد استقبل اليوم بحمام قد يمتد لساعتين دون اي اعتبار لمواعيد العمل أو أي شئ .
في مرات كثيرة المح لون الماء يتغير بألوان تشبه حالتي المزاجية كثيرا ما يتحول لأزرق لون البحر، أو بنفسج لون الحزن ، وكثيرا يختلط فيه سواد الحروف .
أحيانا ترتطم رأسي بكلمات كاملة سقطت مني واستقرت هناك في الماء . 


في الحمام تذكرت رواية يوسا " في مديح الخاله" استرجعت في ذاكرتي فصل كامل كتبه يوسا عن طقوس دون ريغوبيرتو في الحمام .. فصل بدأه بجملة أحبها وأحفظها " دخل دون ريغوبيرتو إلى الحمام ، أحكم القفل وتنهد ، وعلى الفور هيمن عليه إحساس من الرضا والإمتنان "
واختتمه بجملة " وأخيرا جفف إبطيه وعطرهما بكولونيا خفيفه جدا ، توحي برائحة البشرة المبللة بالبحر أو بنسمة بحرية تضخمت في مرورها بدفيئة زهور . "إنني كامل" قال ذلك وهو ينظر إلى نفسه في المرأه ، ويشم رائحته ."  

كنت افكر أن الليلة عند عودتي سأكتب النص الذي ينتظر منذ أيام معطلا في عقلي ، حبيسا في روحي .. سأكتب حتما .
لكني عوضا عن العودة من الجريدة للبيت ، حضرت في مركز الإبداع عرض فيلم " سلطة بلدي " .
والحقيقه ان الفيلم أمتعني وأربكني ، وأظن ان الغرض منه لم يكن أكثر من رغبة في الإرباك والتفكير .
يمكنني الآن أن أؤجل تفكيري في – سلطة بلدي- وأن اؤجل تأثري بالعناوين التي قرأتها حول براءة المتورطين في موقعة الجمل .
كثيرا ما تفاجئني هذه الأيام منغصات ، وخيبات تخص السياسية والبشر والأحلام تجعلني أخجل من البوح والكتابة .. تشعرني بالهم ، تورطني وتغرقني فيما احب دائما أن أكون  بعيدة عنه خطوتين او ثلاثة أو عشرة لأتحرك في البراح الذي يخصني وأحتاجه لأكتب واتنفس وأحب وأظل قادرة على الحلم .
يمكنني أن اؤجل المزيد من الهزائم والفقد والحزن وان أكتب .. يمكنني حتى أن اطرد فكرة اني ارغب في تجميع أفلام وودي الآن ، وأمير كوستاريكا .. لأشاهدها كلها في أجازة
 " شهر العسل "..
يمكنني أن اتوقف عن القلق بشان الزفاف ، وتجهيز البيت الجديد ، وإنتقال خاتم الحب من يدي اليمنى ليدي الآخرى .. أؤجل هوسي بالطفلة القادمة ، وشبح إمرأة عجوز مفعمة بالحياة والضحك والسعادة تجلس جوار رجل اختارته في بداية الرحلة لتلعب معه لعبة العمر .
يمكن أن أؤجل كل ذلك الآن وأكتب نصا يطاردني ، أو أنتظر مرة اخرى حتى اشتري كراسة الكتابة من مكتبة فنون . أو افتح صفحة بيضاء رائقه على الحاسوب وأكتب أول جملة لأكسر كل ذلك الكسل وذلك الصمت  .


2 comments:

شيمـــــاء said...

:)

global q3 said...

بسم الله ماشاء الله

http://www.sfwanet.com

 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner