Friday, March 18, 2011

ذاكرة البهجة والحنين


ليس لدى الرجل الذي أحبه ذاكرة درامية
لا يمكنني الإستشهاد بأي جملة حوارية من مسلسلات التليفزيون في حديث بيننا ،
وأقصد هنا الدراما الجميلة التي صنعها أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ ومحمد فاضل .
في المقابل ليس لديّ ذاكرة غنائية قديمة .. أذني تبدأ من إيهاب توفيق وهو يغني ألحان التسعينات .
هو يعايرني بذلك بينما ابقى انا كأي أنثى شرقية تحمل إرثا تحب أن تحتفظ به لا أجرؤ على التلويح بأي نوع من السخرية فيما يتعلق بفقدانه لجزء من ذاكرة تكوين أثرت فينا جميعا .

الكتابة بدأت وأنا اعمل الآن في مكتبي بالبيت ، أتصفح بعض الكتب وأتلهى عن قلقي بشأن التعديلات الدستورية غدا ، وما قاله لي أبي فور عودته من صلاة الجمعة محملا بأوراق تؤكد أن التصويت ب" نعم" واجب شرعي
يحكي لي ابي عما قاله للناس عن " لا " الجميلة الحرة .
سألته عن مدى تأثير رجال نعم بالمسجد قال لي الناس في حيرة ، لكن أنا متفائل
أنا ايضا متفائلة .
في حجرتي كنت أحاول أن أبدد قلقي عما قد يحدث في ليبيا بعد فرض الحظر الجوي، أفكر كيف ستخرج البحرين من مأزقها ، أفكر أني طوال سنوات لم اسمع أن الجيش السعودي تحرك لأي مكان لفعل اي شئ
لدرجة أني كنت اسأل – هي السعودية فيها جيش؟

كنت أنتهيت في الصباح من قراءة كتاب محمد فتحي صديقي العزيز وشريكي في الكتاب الذي أحبه " نامت عليك حيطة"
قرأت كتاب محمد الجديد " كان في مرّة ثورة" في وقت قصير منذ أمس ، هو كتاب أنجز في وقت قصير جدا بعد ثورة يناير ، لم اكن اتخيل ان يكون جميلا لهذا الحد .. أكثر ما اعجبني فيه ليس تجميعه لشعارات الثورة وهتافات الشارع التي أنطلقت طوال 18 يوم هو عمر ثورة شباب مصر ، ولا المفتتح الشعري الطيب ، ولا تهكم محمد وسخريته التي بقت حاضرة ومدهشة في كل صفحات الكتاب
أكثر ما عجبني في الكتاب هو الحدوتة التي أختار محمد ان يقصها على عمر وتقى ابناءه
حكاية مصر كلها ، هو كتب رسالة أديب شاب وابن لهذا البلد ، رسالة للتاريخ ولطفل وطفلة أعرف انهما البراعم التي تتفتح لتأخذ منا راية أجمل من التي مررتها لنا الاجيال الفائتة .. ملئت الدموع عيني وامتلئت بحماسة جعلتني أردد هتافات الثورة من جديد ، وكأني أشتقت قوة تلك الأيام القريبة ..

في حجرة المكتب كنت افكر في مسلسل " في المشمش" للرائع محمد فاضل والذي كان يتحدث منذ سنوات بعيدة عن قضية الإستيلاء على اراضي الدولة ، كنت أفكر في مسلسل الراية البيضا الذي يقاوم فيه الجمال القبح بجهله وشراسته ، كنت افكر حتى في الشهد والدموع وليالي الحلمية
لا أعرف فيما كنت افكر في ألحان التترات أم في الزمن الجميل الذي كنا نشاهد فيه هذا الأعمال ، ام هو حنيني لطفولتي ومراهقتي ، ام هو تشبث بما أحبه وسط كل ذلك الزحام والفوضى .

أفكر في كل ذلك وأنا أكتب لا لا لا تمرينا للغد ، وأهتف تأثرا بكتاب فتحي "وشوقا لأيام الحرية الأولى " الشعب خلاص أسقط النظام" ، يتداخل كل ذلك وصوت حسن عابدين وهو يقول في نهاية حلقة من المسلسل عارفين طعمة هتروح مننا أمتى " في المشمش
"

4 comments:

hanan khorshid said...

الفترة دى من الدراما بتعبر جوانا كلنا عن نوع من الحنين
مش بس حنين الى الماضى
الحنين إلى الرقى فى الاحساس والكلمة
او كمان الحنين لعدة سنوات كان رمضان فيها طعمه حلو اوى

حسن ارابيسك said...

مثلما أحب ان أستمع لموسيقى شوبان وبيتهوفن وموزارت ومثلما أحب أن أستمع لموسيقى علي إسماعيل واندريا رايدر أشهر وأعظم مؤلفي الموسيقى التصويرية للأفلام المصرية القديمة في الخمسينات والستينات ، ومثلما أحب أن أستمع للمؤلفات الموسيقية الرائعة للموسيقار عمر خيرت ، أحب أيضاً أن أستمع لأدب الكاتبة المتألقة نهى محمود ، فعندما تقع عيني على قطعة أدبية لها ً فأنا في الحقيقة لا أشعر على الإطلاق أنني أمارس فعل القراءة بل أشعر أنني أستمع لمعزوفة رائعة تجعلني بدورها أشعر أنني أقف على ضفاف نهر يسافر ماءٌه بهدوء شديد بين ضفتي حياة صاخبة نحياها جميعاً ، نهر يسافر في مجرى واحد وطريق واحد لايحيد عنه وبرغم ذلك لا يعرف الملل طريقه إليه ولا إلى أعين وأنفس من تطالعه وتراقبه عن قرب من فوق ضفافه أو حتى من بعيد ، فالكتابة والشعر لدى نهى محمود نهر أنثوي إنساني تشرب من مياهه روحها الشفيفة ، وتنهل لغتها الأدبية من مداده ، فالكتابة والشعر لدى نهى محمود نهر مسافر يحمل معه وعلى صفحات مياهه وفي أعماقه فيض من أحاسيس المرأة التي تحمل داخلها تناقضات الحياة بأمالها وأنكساراتها في آن واحد ، تناقضات تجعلك تندهش وتنبهر أمامها وتتسمر في مكانك ، وسر الانبهار يكمن في تلك الأحاسيس وهي تتحد مع بعضها البعض مكونة حزمة من المشاعر الأنثوية الإنسانية بداخل إمرأة تجيد التعرف على أطياف مشاعرها المختلفة والمختلطة ...ضعف وقوة ، طمأنينة وحذر ، رغبة وتمنع ، حركة وسكون ، رضاء وتمرد ، مقاومة واستسلام ، مشاعر مختلفة الوانها صاحبتها قادرة على التمييز بينها بلغة بسيطة وجميلة، والأجمل في كتابات نهى محمود أن لديها منطق واحد كأمرأة وأديبة وهي تتعامل مع مشاعرها فهي تجالس مشاعرها بكل بساطة دون حجاب بينهما، تصافحها ..تصادقها..ترافقها.. تصارحها .. تصالحها.. تعانقها دون خجل ، تروضها دون تخطيط مسبق منها فتستجيب لها أحياناً وتخرج عن طوعها في أحيان أخرى ، لتعلن لك نهى محمود أنها نجحت هنا... وفشلت هناك..وهكذا ولكن تظل علاقتها بها قوية ومتينة ، وبرغم شعور القارئ في بادئ الأمر أنه أدب ذاتي شديد الإلتصاق بصاحبته إلا أنه سرعان ما يكتشف أن ما تكتبه نهى محمود هو نهر أدبي أنثوي إنساني تسبح بداخله الكثير من المشاعر لنساء هذا الزمن، نهر أدبي أنثوي إنساني تم إعتقاله بين ضفتي العمر والأحاسيس، فأدب نهى محمود يخبرك أن لكل إمرأة نهر من المشاعر تظل حريصة على أن يبقى مائه دافئاً ً ولايتجمد عند نقطة بعينها ، فإما أن تروضه ويستجيب لها ويظل يجري في مساره دافئاً أو أن يتمرد عليها ويعلن عصيانه ويتجمد ، لذلك وأنت تقرأ لها دائماً تشعر أو تتوقع أن الكاتبة والشاعرة نهى محمود تضع دائماً في جيبها أو في داخل حقيبة يدها قطعة من الشيكولا حتى تذكر نفسها دائماً وربما تذكرنا نحن أيضا معها أن هناك شيئ حلو المذاق في الحياة كلما إستشعرنا مرارتها.
تحياتي
حسن أرابيسك

يا مراكبي said...

:-)
بوست ظريف

كل جزء لوحده سليم بس مُستقل بذاته .. على رأي سعيد صالح في مسرحية العيال كبرت
:-)

ممكن البوست يتحول ل 3 أو 4 بوستس منفصلين على فكرة

المهم انك فكرتيني بالذاكرة الدارمية برضه

http://yamarakby.blogspot.com/2009/08/blog-post_27.html#links

Unknown said...

كيف حالك يا نهى :)
لم تستطع "لا" الحرة أن تهزم خدعة المادة الثانية .. أو خدعة الاستقرار ..
بعض المعتقدات لا يمكن هزمها بعلم أو بأي شيء خصوصاً عندما يتعلق بالمشايخ ..
و بغزوة الصناديق .
:)
تفاءلي أكثر ..

 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner