Saturday, March 12, 2011

هلاوس بطعم القهوة



تتفتت أسهل هذه الأيام ، تخرج كل قطعها من بعضها برفق ، تنظر كل النتواءت للتجاويف التي تخصها ،
ربما لتحفظ طريقها عندما تعود .
ربما لتتأمل الأشياء بعضها على مهل .
تتفتت بسهولة وراحة من يخرج من ملابسه كاملة بعد يوم طويل من العمل والإرهاق والحر أو البرد
الخروج من الملابس لأن الجسد يحتاج لأن يتفتت بدعة ورفق ، ربما يلتئم من جديد
أو يخترع درجة حرارة تخصه يلمس بعضه ثم يتشقق قليلا .
تنفلت من بعضها مثل عروسة بلاستيكية ذات أسهم على مفاصلها لشرح طريقة التركيب والفك .
تجلس على أرضية الحمام البيضاء أو الوردية لا تذكر غير أن الأبيض والوردي هما ألوان الصورة العامة هناك ، لكنها لم تدقق بعد لتعرف ألوان الأشياء محددة ..
تقف ذاكرتها في مزيج لوني يخص حمامها في البيت القديم فلا تذكر تحديدا غير اللون العام الابيض والأخضر ربما .
تبتسم لهشاشة ذاكرتها وصلتها بالأشياء التي تعتادها فلا تثير دهشتها ولا فرحها ،
ربما بعض الحزن والقليل جدا من الحنين .
تفكر أن أشياء تغيرت في روحها ، وأن عبورها للثلاثين أزاح عن كاهلها حراكا اسرع في دائرة العالم .
هي الآن تتمهل بأداء ستيني .. لكنه يسمح لها أن تتذوق العالم بإحساس ناضج
مثل حبة تين تمنحها كل ما تحتاج من العسل .
صوت كروان يصدح في الأفق ويدخل مجالها السمعي ،
فتتركه يبدو دخيلا على النص المكتوب بإضطراب يشبه ما تشعر به .
عادت من سفر قصير لأمر عائلي ، اتكاء الآخرين عليها .
تفاصيل المقابلات والمجاملات والزحام ، والبهجة والحكايات ، والأماكن التي زارتها .
رغبتها في بعض العادية ، والجلوس في فراشها أو على سجادة مكتبها الحمراء أو حتى لملمة جسدها كله ووضع رأسها بين رجليها المشدودين بحزن لجسدها ، لتبدو في وضع محبب لها تكتب عنه كثيرا
أن اتكور على ذاتي وألتئم .
بعد ساعات من الجلوس على المكتب لكتابة نص أول جملة فيه تحكي عن رغبتها في فنجان قهوة ، وكسلها من الوقوف امام الموقد حتى تنضج قهوتها ، وعدم رغبتها في تركها على النار حتى تغضب وتفقد وجهها ، فتشربها بمزاج عكر ووجه غاطس في قاع الفنجان والروح معا
تكتب الجملة عن رغبتها في فنجان قهوة يعده لها أحد غيرها ،
أحد من دمها ربما لو أنجبت طفلة كانت ستوكل لها تلك المهمة
أن تصنع لها إبنتها فنجانا من القهوة ..
تبدأ الكتابة بجملة تشبه تلك ثم تتراجع لتبحث عن جملة كانت قد قرأتها قبل سفرها
جملة كتبها احد الاصدقاء لا تذكره الآن ، كانت تشرح حالة زوجة كاتب وهي حبلى ، متورمة القدم ، يسبب لها ذلك حرجا فتخفي قدميها قدر استطاعتها طوال اليوم ، ينتظر الكاتب أن تنام زوجته حتى يرفع الغطاء عن قديمها المتورمتين ليقبلهما على ما يتحملان من اثقال
كانت تلك هي الجملة/ الحالة التي حفظتها في روحها طوال أيام السفر
أكثر من ثلاثة أيام ممتلئة عن آخرها بالزحام والبشر والتفاصيل وهي لم تفلت هذه الجملة من روحها .
الجملة / الحالة التي أحالتها لتعليق قالته لها صديقة منذ سنوات
ستكونين أول طفلة تحمل في أحشائها طفلة
كانت الصديقة تقصد عندما تنجب ، هي الآن تعرف أنها لم تعد طفلة وأن سنوات طويلة ستفرق بينها وبين طفلتها
لن تكون مثل العشرين عاما التي تفرق بينها وبين أمها .
عشرون عاما مثل صديقتين أحدهما أكبر قليلا ، اكثر قدرة على إخضاع الحكايات والأنوثة والألعاب.
هي التي تعوض فقدها لأمها بطريقة غاية في السادية ، ترتدي جلباب أمها الذي تحبه ، تغسله كلما اتسخ وتنتظر حتى يجف ثم ترتديه ، تعرف انه اهترأ بفعل خمس سنوات من ممارسة ساديتها تلك
لكنها ترتديه ولتخفيه عن أعين من يعرفون انه لا يخصها ترتدي فوقة برنس الحمام الأزرق بالمقلوب ، فتبدو من الداخل متدثرة بحضن تشتاقه ومن الخارج مثل المجاذيب .
هي الآن تتكور على بعضها على ارضية الحمام الأبيض الوردي ، تفكر في عبق قهوتها الغامقة جدا ، تفكر في نص ستكتبه بعد قليل سيتحدث عن القهوة والسفر والضوضاء والكثير جدا من الحزن .

5 comments:

candy said...

أنتى عارفة بجد ....
لما ببقى حاسة انى نفسى احس احساس ناعم عميييييييييييييق لذييييييييييييذ
بدخل مدونتك وأقلب فيها

ربنا يخليكى ويخليلك قلمك المعطر

موناليزا said...

بقى لى كتير ماقرأتش حاجة حلوة كده وراقية فى نفس الوقت

إيناس حليم said...

في فرحك طفلة.. وفي حزنك جميلة
نادر لما حد يكتب عن الحزن بالمتعة والصدق والجمال ده..

كراكيب نـهـى مـحمود said...

candy- شكرا لك
وشكرا لجولاتك الناعمة في المدونة صباحك سكر

موناليزا - ربنا يخليكي شكرا لتشجيعك ده

الجميلة ايناس حليم - الناس الحلوة هي اللي بتشوف كل حاجة حلوة زيها وحشتيني

Unknown said...

أنتِ الوحيدة التي تستطيع ان تمارس الكتابة للشفاء من الحزن و تنجح في ذلك :)
هذا يدعو إلى الغبطة :)

 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner