يوم يبدأ بعبد الله يتدلل كقطة في فراشي ، يفتح يديه الصغيرة على وسعها ، ويبدأ الكلام لحظة أن يفتح عينيه التي تمتلأ بالعذوبة والشقاوة .
يقول لي – سريرك الجديد حلو ، أحلى من التاني – أجرب ان اخبره بأن السرير لم يتغير وإنما البيت ، لكني أصمت وأتركه يبتهج بالفراش الأحلى .
أعتدل لأضم يديه في حضني ، واتفرج على طفولته التي تصحو مع أول شعاع للشمس ، هكذا يبدأ الفوضى بأن يخبط جسد النائم جواره ويقول – النور طلع ، النور طلع "
النور دائما يطلع للأطفال محملا بوعود تستحق الفرح .
اللقطة التالية في صباح عبد الله هو أن يحكي لك حلمه ، يقول دون مقدمات أنا حلمت ويبدأ في قص الحكاية ، في الليلة التي قضاها معي كان حلمه عن المشي ، قال لي حلمت اني مشيت كتير أوي ، قالها ورفع قدمه الصغيرة التي يرتدي فيها جوربا ، دائما يرتدي جورب لأنه يخاف من التراب ، هو واخته الصغيرة ملك لديهما فوبيا مرضية من التراب ، لأن أمهما لديها فوبيا نظافة مرضية ايضا ، بإمكانها أن تسخر مني كما تشاء بسبب الفوضى والاتربة التي اتركها لأيام في البيت دون ان افكر في إزاحتها ، مهمة تنظيف البيت ليست مهمتي ، أنا اطهو واكتب والعب في الماء ، على ام احدهم ان تجئ كل أسبوع لتنظف البيت .
وعلى المتضرر تنظيف البيت .
رفع قدمه الصغيرة التي ترتدي جوربا صغيرا ، وقال مكملا حلمه ، مشيت كتير أوي ، رجلي وجعتني
كان عليّ أن اضم قدمه الصغيرة التي توجعه إثر المشي في الحلم واقبلها ، قبلة الألم تلك ، أحبها ويحبها كل الأطفال ، يكفي أن تمسك يده التي أغلق عليها الباب أو جبهته التي اصطدمت بالأرض وتمنحها قبلة فيتوقف عن البكاء أو التذمر ، ويذهب ليكمل اللعب الذي يبدو أبدي .
يوم يبدأ بعبد الله ، أو ينتهي باللعب مع ملك ، اللعب مع فتاة صغيرة مثل ملك يعني أن تغني معها ، وتدغدغها وتحمل عنها العرايس وتصفف شعرها ، يعني أن تضع في فمها طعاما ساخنا بعدما تبرده لها وتلملم بمحبة الفتات عن شفتيها فتضعها في فمك دون أن تلحظ .
أيام تبدأ وتنتهي بعيش المفاجأة التي تحضره لنا جدة الطفلين ، ساحرة الدقيق الجميلة ، تلك الأم التي تبهج زيارتها كل من في البيت ، لأنها تجئ دائما ومعها فطائر صنعتها للجميع بكل المحبة ، تجئ بأصناف مغمسة بالحب ، أصناف قادرة ان تقلب أرواحنا الغائمة وتطفو بإبتسامة .
عيش المفاجأة هو العيش السوري الذي يحبه عبد الله وأحبه أنا وملك وهالة ، اسمه مفاجأة لأنه خرج من حقيبة ممتلئة عن آخرها بالحاجات الحلوة ، كان آخر ما خرج ، قالت ساحرة الدقيق وأخيرا المفاجأة ، وعندما نظر عبد الله بقلبه الصغير داخل الكيس ابتسم وقال – ده عيش مفاجأة – واصبح اسمه الرسمي في العائلة عيش المفاجأة .
صباحات تبدأ بطفلين أحبهما لأني أفرح في دور الخالة واعرف انه يناسب مقاسي للسعادة ، صباحات بها أمهما الصغيرة هبة التي طلبت مني في مكالمة متأخرة الليلة الفائتة ألا أكتب عنها ، ابتسم الآن لأني قاومت طيلة اليوم الكتابة عنها ، ثم ابتسمت وأنا افتح صفحة بيضاء ، واجرب ألا أكتب عنهم .
هبة أنت عيش المفاجأة الذي يصنع بهجة صباحاتي .
6 comments:
و الله نحن المصرين فى حاجة الى عيش المفاجاة و الى كل من فى هذة المقالة من سعادة و حب من مشاهدة الافلام المصرية القديمة اعتقد اننا نفتقد عيش المفاجاة منذ 60 سنة هل يعود مرة اخرى؟
يا سلام لما نصحو يوما و قد نجد جميع المخابز بانتاج عيش المفاجاة من اجل سعادة المصرين و هو بالتاكيد سوف يكون بدون حصى و ظلط او اعواد من الكبريت او عنكبوت اة و الله عنكبوت و فين فى قلب رغيف عيش سياحى و ليس المدعم
" مهمة تنظيف البيت ليست مهمتي ، أنا اطهو واكتب والعب في الماء ، على ام احدهم ان تجئ كل أسبوع لتنظف البيت .
وعلى المتضرر تنظيف البيت .
"
عجبنى أوى المقطع ده حسيت إن أنا اللى كاتباه :)
احلى حاجه فى كتبتك انى بحس انك جواكى طفله صغيره تحلم وتلعب ..ودى احلى حاجه والبوست رائع
و الله يا نونا تدوينة أكثر من رائعة و مش عارفة أعلق على أي جزء فيها قبل الثاني بس أحب أقول لك ان فعلاً الصبح عند الأطفال دا معناه حاجات كثير أنا كمان هاجر دئماً عندها المقولة دي يللا الصبح جه النور طلع و من بالليل تفضل تقول الشمس قربت تيجي و كأن الصبح دا هو كل الحاجات اللي في الدنيا و الليل ما هو الا تمهيد لمجئ الصبح برضه
أما عن البيت و ترتيبه فأحب أقول لك اتفضلي ادخلي في الطابور كلنا هذه المرأة و حياتك و خصوصاً لما يكون عندك قردتين في البيت
تدوينة رائعة يا نهي كعادتك ... طازجة وشهية كما الخبز
دومتي طازجة!!)):
Post a Comment