Friday, October 12, 2012

في صحبة الأشباح


موبان
ديساي
الطريقة التي  أراقب بها دقات قلبي وهي تتسارع عندما أكون في حالة كتابة .. أقصد بذلك الخطوة قبل الأخيرة لفتح صفحة بيضاء واستبدال كل القطع المعدنية التي جمعتها من العالم – من أرضية الشارع ، وسقف الحجرة ، وشنطة بلاستيكية لمتسول – استبدال كل ما جمعته من الحياة ومن ذاتي المخبولة .. بقطعة كتابة .
يتسارع قلبي لحظتها بنفس وتيرتي حال قفزت من جبل شاهق بمظلة لا تعمل جيدا ، خفق يشبه هياجا حسيا طارئا تنهيه بعض القبلات وغرس ناب سحري في رقبة حبيب وارتشاف بعض الدماء وملامسة مؤخرة ممتلئة وساخنة .
خفق قلب مميز ومختلف ، مرتجل ومحدد في ذات الوقت .. يخص فتاة في حالة حب وشغف بالكتابة .. تنتظرها بالساعات على مقعد مواجه لفراش في حجرة غير منظمة    ، أجلس على الكرسي اتابع دقات بيانو في أغنية أحبها ، وارتب أفكار الحكاية في ذهني . وأقرأ باستمتاع ترجمات لبعض الاصدقاء . فأشعر بالدماء تصعد نحو قلبي ، بنشوة الجمال والعزلة ...

بسبب إعلان جائزة نوبل في الآداب أمس لكاتب صيني هو " موبان " معنى اسمه "
 لا تتكلم ، صورته في موقع ويكيدا مثيرة للتأمل ، بإمكانك أن تحذف التأمل وتكتب بدلا منها ما يحلو لك .
موبان الذي نشر احمد شافعي حوارا مترجما عنه ، عرفت منه انه يحب النساء القويات وأن له رواية أسمها " نهود ضخمة وأفخاذ عريضة " له روايات أخرى كثيرة ، لكني ضبطتني على مدار اليوم بأكمله اردد اسم الرواية وابتسم .. حتى قلت لنفسي بصوت أعلى قليلا من الهمس " لو كنت في لجنة نوبل لمنحته الجائزة على اسم هذه الرواية وحده "
أفكر الآن هل أصبح واجبا عليّ أن اعتذر كل يوم ساكتب فيه نصا عن الموسيقى والكتابة وبعض البهجة عن رغبتي في احترام عزلة الكتابة رغم ما يحدث في ميدان التحرير ، رغم الثورة والدماء ومرسي وصناديق الإقتراع والحماسة التي تليق بأهلها ، وعن الخيبة والفشل الذي ينكره أهله !
لا اعرف لكني أردت بصدق أن اتابع كتابة النص دون المرور على تلك المنطقة ، غير ان شعور الخجل ذاته تمكن مني وورطني في الإعتذار لأني ساكتب اليوم ايضا نصا لأجل بهجتي ورغبتي في اللعب .  

وأنا اتحدث مع أبي الذي كان يترقب مثلي أمس إعلان الفائز بنوبل .. سألني في الصباح عن الطريقة التي يتم اختيار الفائز بها قالي لي التقديم ، أخبرته اظن الترشيح لا اعرف .ذكرني بفرحتي يوم أخذها يوسا .. همست له سأفرح هذا العام إن أخذها فيليب روث
، في حديثي مع ابي اليوم تحدثنا عن أدب الصين وقلت له لا اعرف عنه شئ ، حكيت له عن حبي لكاوباتا وكنزابارو وعن ما نقله لي الأدب الياباني عن ذلك العالم وحكيت عن فيليب روث ثم تذكرت رواية " ميراث الخسارة " لكيران ديساي " لحظة ان نطقت باسمها استرجعت البهجة والجمال الذي سكنني وقت قرآتي لروايتها .
الكاتبة الهندية أصغر الحاصلات على البوكر التي رشحت أمها للجائزة ولم تحصل عليها ، فأكملت البنت لعبة الأحلام .
أحب هدايا الحياة ..
عندما عدت لحجرتي للكتابة ، ضبطتني جالسه على الكرسي في وضع يشبه وضع نيكول كيدمان في فيلمي المفضل " الساعات " وهي تؤدي دور فيرجينا وولف .. ابتسمت وانا اراقبني من خارج المشهد كنت أجلس نفس الجلسة وأدخن السيجارة بالطريقة ذاتها ، وكان لعيني نفس نظرة الشرود كنت اقف عند سقف الحجرة في الناحية المقابله لي أتفرج عليّ وأتأمل مشهد كاتبة تكتب في حجرة غير منظمة وتسمع صوت البيانو في أغنية تحبها .
عدت لمكاني وبحثت عن اسم كيران ديساي ووجدت حوارا لها ترجمه طلال فيصل منذ عامين ، وصادف اني لم اقراه من قبل ..
عرفت من الحوار أن ثمة نميمة أدبية في ذلك الوقت حول وجود علاقة بين أورهان باموق وكيراي .. وصف طلال لجمال ديساي كان فاتنا قال " كنت أنتظر رؤية هذه الهندية التي تكتب عنها الصحافة هذا الكلام وأنتظر دخولها قاعة إيوارت ، فلما تجلي جعله دكا ، الجمال - بحسب المفهوم الهيجلي علي الأقل _ نسبي ولكن كيران لها ضوء خاص وجاذبية لا يمكنك تحديد مصدرها لكنك تشعر بوجودها علي أي حال، أستريح في مقعدي وأنصت لكيران وهي تتحدث عن مفهوم الوحدة في الأدب المعاصر وأبدأ أتفهم لماذا حصل أورهان باموق علي جائزة نوبل ، بمجرد أن تبتسم أو تعلق تعليقا ذكيا ساخرا ، بمجرد أن تدخلك كيران ديساي في حضرتها لن تستطيع الخروج ثانية ،"
استمتع بالحوار جدا ويسألها طلال في النهاية قائلا  " سؤالي الأخير طلبا للنصيحة ، هل من الصواب أن يتزوج الروائي من الروائية ؟
بحسب ، لا يوجد كلام مطلق كما أظن أنك تعرف ، محاضرتي اليوم كانت عن الوحدة وربما تكون هذه هي ميزة ارتباط الروائي من روائية ، اثنان يعيشان في وحدة و لكنهما يشتركان في الحياة سويا ولا أعلم إن كانت هذه ميزة أم عيبا ، صدقني لا أعرف.

بعدما قرأت الحوار بحثت عن صور لديساي على جوجل صور وأخترت صورة وضعتها جوار صورة " موبان " .. وحاولت ان اجد جملة أنهي بها قطعة الكتابة لكني لم اجد فعدت من جديد أحدق في صورة ديساي وابتسم .

2 comments:

محمد سلامة said...

رائع
تحياتى

يا مراكبي said...

بوست مميز

فيه معلومات جميلة وطريفة

الأديب الصيني واسم روايته .. والبوكر والأديبة الهندية

:-)

أما موضوع أفضلية زواج الأديب من أديبة .. فهذا أمر يحتاج إلى إطالة لا تسعها مساحة التعليقات هنا

لكن ملخص اجابتي هي: نعم ولا

:-)

 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner