Wednesday, January 14, 2009

سنوات العمر الهرمة الحبيبة

الشاعر / اسامة الدناصوري
الكاتب / حمدي أبو جليّل

بدت الأيام الماضية في حياتي مختلفة
كنت احاول أن اُعيد خلالها ترتيب قطع البازل المبعثرة في فوضى ،

حاولت رتق جعبة الحزن التي اهترأت بفعل احمالها
حاولت تصفية عقلي ومراوغة الكتابة أو حتى الإمتناع عنها ..
ووسط كل ذلك كنت احاول التقرب والتودد لنفسي .. كنت أعقد صفقات بيننا ..

ألمس بيدي الأخدود العميق الذي صنعه الموت في قلبي
أتصالح مع فكرة غياب الأحباب بالموت أو الفراق
قبول ذلك كله بدا لي مهما لتمضي الحياة اكثر رفقا واحتمالا
بدا الموت مهيبا في ذاكرتي وفي خطوط روحي

..
ما الذي دفع بفكرة المواجهة الأن أظنه أسامة الدناصوري
الليلة الثالثة التي أحضرها في ذكرى ذلك الشاعر والإنسان الذي لم القه ابدا
كنت قد انضممت لأهل ميريت بعد أيام قليلة من رحيله
لم اكن اعرف عنه سوى اسمه وكتابه الذي يُعد للصدور " كلبي الهرم كلبي الحبيب"
اوجعني وقتها ذلك الشعور أن يموت كاتب قبل أن يرى كتابه النور ..

دراماتيكية الحدث كله عندي تلخصت في ذلك
قرأت ديوانه " عين سارحة وعين مندهشة"

ووقعت في غرام كلماته وفلسفته الجميلة التي تصبغ العالم كله بحب الحياة
أظنه الفارق في كتابة أسامه كلها انه كان يكتب من الضفة الأخرى من الوجود

حيث يبقى كل ما يكتب عنه خطا فاصلا بين الحب والحزن والموت والحياة
والعجز والرغبة لا ليست الرغبة هي الكلمة المناسبة كمضاد العجز في كتابته كان الشبق

أسامة الدناصوري في ليلته الثالثة لإحياء ذكراه السنوية الثانية بدا لي حاضرا قويا عطوفا
مورطا كل احبابه ورفقاء دربه في دفع الحزن والغياب بكلماته التي تبعث الجمال والسعادة

ليلة تأبينه الأولى كانت في جناح ميريت بمعرض الكتاب ..
كنت اشعر سخونة الفقد ووهج الدموع في العيون ..

أذكر الدموع في عين عم هاشم ، في ذكرى رحيله الأولى كنا بميريت
وفي ذكرى هذا العام كنا في ميريت ..

وجاءت زوجته سهير ولا أعرف لماذا خمنت انها هي فور دخولها ..
كنت أريد ان اقبلها وأخبرها اني أعرفها من كتاب أسامة الأخير
لكني خجلت وإن بقيت اراقبها طوال الليلة .
وإن لمحت كل ما فتحته جلستنا تلك من جروح في كيانها ودموعها

ونحن نشاهد تسجيل فيديو لأسامة يقرأ فيه فصلا من " كلبي الهرم / كلبي الحبيب"

تأثر الجميع اختلاط حنين الفقد بابتساماتنا وضحكاتنا

وهم يحكون عن كل الأشياء الجميله والعادية التي اقتسموها مع اسامة رحمه الله

كل ذلك نقل ليّ معان اظنها كانت غائبة عن فكرتي بشأن الموت وغياب الأحباب
لا يمكنني أن اتحدث عن حضور الموت داخلي ولا عن اسامة الدناصوري
دون ان اتحدث عن صديقي " حمدي ابو جليّل"
-
أسامة كان صديق حمدي القريب ..

حمدي متأثر به لدرجة انه يعمل منذ وفاة اسامة في كتاب رائع عنه
أنا اراقب حمدي طوال الوقت لأن الطريقة التي تعامل بها مع اختفاء أسامة من العالم تعجبني ..
أظن ان حمدي لا يعرف اني اراقبه بهذا الشأن

وانه لا يعرف أني احب علاقته بأسامة ونظرته للموت
واني اكتب أيضا لأنجو من الحزن وإن ورطتني الكتابة في مزاج مضطرب مزعج

وإن خانتني الكلمات كثيرا وسكنني العجز والألم
وإن استدعت تعاويذي المرعبة بشأن الفقد والموت كل مخاوفي

أنا أحاول أن اتصالح مع الموت لاقبله ملازما للحياة

لأن لحظتها فقط سأتصالح مع كل المتضادات العظيمة الحقيقية /
وقتها فقط سأعرف أني نجوت من براثن الحزن .
أظن اني مدينة بالشكر لأسامة الذي عاش الحياة كما تستحق
ولحمدي الذي يرى الموت كما يبدو .

4 comments:

محمد حمدي said...

الموت هو قدرنا جميعا

لكنى ارى انه لم يموت من ترك بعد موته بصمه ترشد الاحياء

وواضح ان الفقيد ساب رصيدا فى القلوب سيجعله يحيا ويحيا ويحيا

تحياتى

77Math. said...

أريد أن تكلمينا أكثر عن رؤية حمدي للموت ..

أنا قرأت كتاب أسامة الدناصوري"كلبي الهرم كلبي الحبيب" وقت صدوره .. وآلمني كثيرًا

وشعرت به جدًا ..

الموت والحياة دومًا موضوعان أحب القراءة عنهما .. ربما لأنني أخشاهما !

جربت الحياة ولم تعجبني .. وأخشى ألا يعجبني الموت هو الآخر

أين المفرّ؟



تحياتي لكِ يا نهى

هدى said...

نهى

بدا الموت مهيبا في ذاكرتي وفي خطوط روحي


اكره التفكير في الفقد ... واستغرب كيف يمكن أن نفهم الموت بطريقة تجلعنا نتقبله فقط ونستمر

..

تحياتي

محمد زوام said...

عزيزتى نهى
لقد جددتى شجونى والآمى
وقد تصيبك الدهشه حينما تعرفى اننى قد تعرفت على اسامة الدناصورى بعد وفاته مثلك تماما ولكن بطريقة مختلفة فقد كنت اتصفح جريدة اخبار الادب بعد وفاة اسامة وقرأت عن اسامة بأقلام اصدقائه وهالنى ما قرأت عن انسان مثل اسامةالدناصورى رحل من هذه الدنيا الموحشة دون ان اصاحبة او اعرفة او اسير معه فى شوارع وسط البلد التى احفظ كل شبر فى شوارعها العتيقة وذادت شجونى بعد ان قرأت له وخصوصا قصة نشرت بالاهرام اسمها ( قلقسة
ووجدت نفسى فى نفس اليوم امسك قلمى واكتب قصيدة لاسمامة الدناصورى وكم تمنيت ان اصادق هذا الانسان وصدقينى كانت اول مرة ابكى على رحيل انسان لم اعرفه او أأخذة بالاحضان عند اللقاء واعرف نوع البارفان الذى يفضلة وسجائرة واصدقائه.. صدقينى بكيت ولكنها الحياة
واعزرينى للاطاله لاننى احب هذا الانسان واليك القصيدة


لسه ناوى ع الرحيل

قبل ما احفظ اغنياتك

قبل ما اتملى بملامحك

قبل ما تالم اهاتك

قبل ما امسح دمعة

شاردة من عيونك

كنت سيبلى م الالم

حبة اهات

افتكر بيهم ساعاتك

نفسى لما تيجى سيرتك

اسمعك واسمع هزارك

امنياتى هى هى امنياتك

نفسك الليل البهيم

يسمع سكاتك

لسه ناوى ع الرحيل

قبل ما احفظ اغنياتك

قبل ما اتملى بملامحك

قبل ما اتالم اهاتك

محمد زوام 22/1/2009

 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner